العدد 3505 - الأربعاء 11 أبريل 2012م الموافق 20 جمادى الأولى 1433هـ

سياسيون بالإكراه!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

نعم، لم يكونوا سياسيين من قبل، ولم يخوضوا غمارها سابقا، بل إن كثيرا منهم لم يعرفوا شيئاً عن ألوانها وأشكالها ودهاليزها ومداخلها ومخارجها، لكنهم اليوم أصبحوا يغوصون في وسطها، وصاروا سياسيين رغما عنهم، وباتوا مجبرين على أن يتنفسوا صخب السياسة وضجيجها، بل يمكن القول ان السياسة أصبحت حاضرهم وجزءا من مستقبلهم.

هؤلاء من نسميهم السياسيين وحتى الحقوقيين المجبرين المكرهين على السياسة، صنعتهم بعض الجهات، وتفننت في جعلهم خصوما لها، بعد أن تم استهدافهم على خلفيات طائفية وعرقية، وتوغلت في إذلالهم عبر الحلول الأمنية والاعتقالات والتعذيب الذي لم يكن هدفه انتزاع اعترافات بقدر ما كان يرنو إلى التشفي والإذلال وإشعال الفتن.

دعاة الكراهية ومريدوها، ومحاكم التفتيش، والإعلام المنحاز، قرروا بممارساتهم أن يحولوا العشرات من الكادر الطبي والمعلمين والمهندسين والطلبة والرياضيين، ورجال الدين، وصولا إلى سائقي الأجرة والشاحنات، وغيرهم من شرائح المجتمع البحريني الذين لم يكونوا سابقاً يهتمون بالسياسة بل ان كثيرا منهم لم يكن يعرف عنها شيئا، وربما لم يكونوا يطيقونها، إلى ناشطين سياسيين تراهم في كل مسيرة وندوة وفعالية سياسية ووطنية، وبعضهم بات حقوقيا يقضي وقته الذي كان ينفقه سابقا بين مرضاه أو في قراءة كتابٍ أو ممارسة الرياضة أو بحثاً عن لقمة عيشه، في رصد وتوثيق الانتهاكات الإنسانية والحقوقية التي كانت ومازالت تمارس على الملأ.

إن انتهاج الحل الأمني، كوسيلة حصرية لمعالجة تداعيات الحراك الشعبي، والإيغال في استهداف الناس ومعتقداتهم وأرزاقهم، جعل جهات تصنع أعداءها بنفسها، فمن استهدف آلاف المواطنين في أرزاقهم هو من أعطاهم سبباً لأن يكونوا في الصفوف الأولى والأمامية في أي مسيرة أو اعتصام أو فعالية تطالب بالديمقراطية، ومن قام بهدم دور العبادة هو من حرض آلاف البحرينيين على معارضة من قام بذلك، ومن فصل الطلاب من مقاعد دراستهم هو من حولهم إلى ناشطين شباب، ومن قام بقتل الأطفال هو من جعل آباءهم ناشطين حقوقيين وسياسيين رغما عنهم.

نعم، منذ اندلاع الأزمة التي عصفت بالبلاد في فبراير/ شباط 2011 ومازالت تعصف، فإن هناك من اتخذ قرارا بأن يجعل نصف هذا المجتمع أعداء له، ونحن نقول ان الجهات التي تغذي نزعات الكراهية والتطرف لدى النصف الآخر، تحتاج إلى مراجعة عميقة في مواقفها. إن السياسات الأمنية الخاطئة المتكررة، وإغراق المناطق بمسيلات الدموع، والتعدي على المتاجر وسلبها، وتكسير سيارات النائمين في بيوتهم، والجماعات مجهولة الهوية، واستمرار التعدي على عقائد المواطنين ومقدساتهم، وقطع أرزاقهم، كلها ممارسات توصل للناس رسالة مفادها بأن المصالحة ليست شعارات تكتب في الصحف، وأن المواطنة ليست متساوية بين الجميع.

اليوم وبعد أكثر من عام على الحراك الشعبي، ندعو ومن منطلق وطني، أن تعاد للناس هوياتهم المختطفة، فيعود الطبيب طبيباً، والمعلم معلما، والتاجر تاجراً، والطالب طالباً، والممرض ممرضاً، ويظل السياسي سياسياً والحقوقي حقوقيا، وذلك لا يتأتى إلا من خلال ديمقراطية حقيقية ومواطنة متساوية الحقوق والواجبات، يشعر فيها البحريني، مهما كان مذهبه، بانه عزيز، حر، كريم في وطنه ووطن آبائه وأجداده.

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 3505 - الأربعاء 11 أبريل 2012م الموافق 20 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:53 ص

      بل أكثر من ذلك

      لا تنسى ان لكل من هؤلاء عائلة وأصدقاء وجيران ومعارف عايشو عن كثب مظلوميتهم وجراحهم فكرهوها ويحملون قنابل غضب في صدورهم غلى من تسبب بها يعني أيا كان اجمالي العدد الذي تتكلم عنه أضربه في عشرة أضعاف على الأقل

    • زائر 2 | 2:28 ص

      وماذا تقول

      للذين اغتنمو الفرص وداسو على الحقوق وامعنو في الظلم وأخذوا حقوق غيرهم واعتبروها غنائم حرب ونسو او تناسو ان الله يمهل ولايهمل وحسبي الله ونعم الوكيل جسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 1 | 12:41 ص

      لله يكون في عون كتاب الوسط ورئيس تحريرها

      الله يشهد انكم تقولون وتنادون الى مصلحة الوطن وقد عملتم المستحيل ، ولا كن هل هناك من يسمعكم ، لذى نتمنى على الطرف الاخر الاستماع الى صوت الحق والعمل سويا واخذ البلاد الى درب الامان وخاصتآ من يمثلون في البرلمان فعليهم النظر بعين الاعتبار الى حقوق الاخرين وألا يكون من المستغلين لهذه الأوضاع كما هو الواضح للجميع.

اقرأ ايضاً