العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ

«الصحافي المواطن» قوة داعمة للمجتمع المدني وللتعبير

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

المتتبع لتطورات الساحة الداخلية في أكثر من بلد عربي يجد أن أعداد المتطوعين في مجال صحافة المواطنة في تزايد يوماً بعد يوم، والسبب يرجع إلى ضرب مؤسسات المجتمع المدني واختراقها من أوجه مختلفة تسعى فيها الأنظمة إلى إضعافها، ومن ثم استخدامها كغطاء لتسويق الصورة التي يراد منها التغطية على ممارسات الفساد.

وظاهرة الصحافي المواطن ظاهرة جديدة طرأت على المجتمع مع تطور أدوات الإعلام الجديد، ما مكّن أي شخص من صنع الخبر من خلال تصويره مباشرة والتعليق عليه، بينما الأدوات الأخرى التي صاحبت التطور في أدوات الإنترنت مثل «تويتر» فشعبيتها في ازدياد داخل المجتمعات العربية عن الغربية لكون حرية التعبير مسموعة ومصانة في تلك المجتمعات.

في الغرب المتقدم لا يعتمد الناس كثيراً على أداة مثل تويتر في التعبير، بقدر ما يحتاجونها للتواصل مع الأصدقاء أو من أجل التعرف والإلمام بما يحصل في مناطق وبلدان أخرى بعيدة عن قارته ومكان إقامته. ببساطة، التعبير لمواطني هذه الدول ليس صعباً، ففي الحالات الفردية بإمكان أي شخص أن يجلس في المكان الذي يريده ويحمل لافتةً يعبّر فيها عن اعتراضه أو اعتصامه دون أن يثير حفيظة أحد بما فيها الدول وهو مشهد يومي ومكرر.

إن صحافة المواطن تطورت لتكون شريكاً حيوياً ينافس الإعلام التقليدي في صنع ونشر الخبر ونقل الحدث بسرعة وقوة داعمة لمؤسسات المجتمع المدني التي قد تلجأ إليها لتعزيز فكرة وقضية ما من أجل نشرها على أكبر نطاق ممكن، ومن أجل لفت انتباه الرأي العام الداخلي والخارجي، وذلك ضمن حملات منظمة أو عرضها على فناء أكبر من خلال أدوات الإعلام الجديد.

لقد بدأت صحافة المواطن مع ظهور المدونات الإلكترونية على الإنترنت «البلوغرز» الذي يقوم المستخدم من خلاله بكتابة أفكاره وخواطره دون رقيب، والتي تحوّلت في كثير من الأحيان إلى مساحة حرة تتأثر وتؤثر في المحيط، ولكنها أحياناً أخرى تكون ناقدة للدولة أو للمجتمع، فيتم استهداف أصحابها لمجرد الاختلاف في الرأي والفكرة.

ولقد تطورت المدونات لتصبح مع أجواء مرحلة الصحوة العربية فضاءً آخر وبديلاً معبّراً عن صوت المواطن الذي لا يجد له مكاناً في الاعلام التقليدي الرسمي والخاص، لذا فقد ظهر تدشين قنوات وشبكات أخبارية تذيع الخبر وتصنعه من خلال أحداث الشارع كمصدر رئيسي لأخبارها. وهي شبكات غير قانونية حتى الصحافي المواطن بعيدٌ كل البعد عن دراسة الإعلام، ولكن تناقل الخبر والصورة والحدث يكون من أجل تبادل وجهات النظر بين الشباب بمختلف التوجهات والانتماءات. وهي مساحة لا تتوافر في الإعلام التقليدي الذي يعزّز فكرة واحدة، وثقافة واحدة، وهو أسلوب ما عاد مجدياً أثره مع ثورة الإعلام الجديد.

الكثيرون اليوم يصوّرون الحدث ويكتبونه عبر الهواتف النقالة ويرفعونها لحظياً على شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر، والآن عبر الشبكات الإخبارية أو صفحات الفيسبوك قبل أن تتناقلها وسائل الإعلام كما حدث ويحدث في البلدان العربية وعلى رأسها مصر، حيث وجدت فكرة أستديو مقام على ظهر سيارة «بيك آب» مفتوحة تجول الشوارع والمناطق لتنقل آراء وهموم الناس والشباب. وهي فكرةٌ لاقت رواجاً كبيراً خصوصاً من بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ومن أشهر أصحاب هذه الفكرة المستمرة حتى اليوم «أستديو ذيع انت» التي أسّستها مجموعة شباب متطوع عددهم خمسة، أقاموا أستديو متنقلاً بسيارة تجوب شوارع القاهرة والمحافظات المختلفة، والديكور الخارجي يمثل كل شرائح المجتمع، للخروج من سجن الأستديو لتعبر عن نفسها، نظراً لفشل وسائل الإعلام المختلفة داخل مصر في التعبير عن الشعب.

هذا الأستديو المتنقل يقدم حملات توعوية اجتماعية وسياسية، إضافة الى برامج حوارية يصنعها الجمهور وتبث عبر قناة المبادرة على موقع «يوتيوب». وتعتبر مبادرة «ذيع انت» أسلوباً جديداً للتعبير عن القضايا المختلفة، بل ويفتح أمامه مجالاً لتبادل وجهات النظر في حل مشاكل اجتماعية وسياسية قد لا يُراد منها الانتشار أو إيصال صوت من يعيش تحت قهر سياسي واجتماعي ما.

إن الصحافي المواطن جزءٌ من شعار «اصنع إعلامك بنفسك»، وهو ما يقوم به الشباب المصري بعد ثورة 25 يناير 2011، وهو جزءٌ من الصحوة العربية التي بدأت تنشر مفاهيم حقوق الإنسان وأهمية الحقوق السياسية والمدنية في صنع مستقبل أفضل يشارك فيه الجميع بشكل متساوٍ ومنتخب.

من هنا يرى المراقبون في ظل المرحلة التي تعيشها المجتمعات العربية، أن صحافة المواطن تطوّرت عربياً بدافع التوثيق لأحداث تريد أن تدافع عن قيمة الإنسان وحريته وعدالته. لذا فإن كثيراً منها يأتي بدافع الحسّ الوطني، لا بحثاً عن المال والشهرة، خصوصاً في أوساط الشباب الذي يصوّر لينقل من خلالها صوته ومطالبه في مشاركة فعالة حتى أصبح أداؤه قوةً داعمةً لمؤسسات المجتمع المدني، ومصدر قلق وإزعاجٍ للأنظمة التي تخنق صوته وتقمع أدوات الإعلام الجديد بحروب مختلفة انتهى بعضها ومستمر بعضها الآخر.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:13 ص

      ياريت الحكومات تفيق من السبات

      الحكومات العربية لحد الآن عايشة في عقود ما قبل الإنترنت. يتخيلون عندما يلقي الزعيم كل أفراد المجتمع سيبقي متسمراً قرب شاشة التلفزيون. أفراد يجب أن يستبدلوا

    • زائر 2 | 5:13 ص

      قيمة الانسان وزمن النبلاء والاشراف

      ليس من الاسرار وجود علاقة النبيل بالنبلاء، و بين الشرف والاشراف، الا ان في الجاهلية وفي قريش تحديداً انتشر مفهوم أسياد.
      فما علاقة قريش بأسيادها؟
      وما قيمة الانسان في الثلاث حالات المذكورة؟

    • زائر 1 | 2:51 ص

      الحاجة ام الاختراع وحصر الناس في مجال ضيق يجعل منهم ذلك واكثر

      عندما يرى الناس انتقائية وسائل الاعلام في التغطية وان عذاباتهم يتلاعب بها الاعلام العالمي يكبّر الصغير ويصغّر الكبير ويطمس الحقائق ويفبرك الوقائع فكان لزاما على البعض انتهاج اسلوب ينقل الجزء البسيط من المعاناة.
      وبما أن شعب البحرين شعب واع ومثقف وقدير وجدير بأمور كثيرة فكان لا بد له من القيام بما قام به رغم بعض التقصير في بعض النواح ولكنه سيطور من نفسه
      قريبا ان شاء الله

اقرأ ايضاً