العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ

المرحلة الثانية من الإصلاح أصبحت مستحقة!

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

يحلو بل يحق للتونسيين والمصريين والليبيين واليمنيين ان يتغنوا بالتغير الراديكالي الذي أتت به رياح الربيع العربي على أنه انتقال الى الجمهورية الثانية أو الثالثة، جمهورية الدولة المدنية، جمهورية التعددية وتداول السلطة والشفافية، جمهورية الفصل الحقيقي بين السلطات. جمهورية تمكين المواطنين بحسب كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفقاً للمحسوبية أو حسب الولاءات الشخصية.

ان الشعوب العربية التي طالبت سلميا بالتغيير وحصلت عليه بعد تضحيات جسيمة ولسنوات طويلة لم تكفر ولم تأت بالبدع ولم تطالب بالمستحيل أو «ببيض الصعو» كما نطلق عليه بالعامية - «والصعو» هو طير محلي ربما انقرض أو هو مهدد بالانقراض - لذا فمن حق الشعب البحريني أن يتغنى أو يطالب باستحقاق المرحلة الثانية من الاصلاح السياسي!

ان الشعب البحريني والذي وقف ملتحماً مع القيادة السياسية عند المنعطفات التاريخية وبالأخص عندما صوت في بداية السبعينيات لعروبة واستقلال البحرين وضرب الأطماع الإيرانية في مقتل، يستحق ان ينتقل الى المرحلة الثانية من الإصلاح، فالشعب البحريني ليس بأقل في طموحاته من الشعب المصري والشعب التونسي والشعب الليبي والشعب اليمني!

ان البحرين هي منارة العلم والتعليم بين دول الخليج العربي، هذا الشعب الذي بارك وشجع تعليم المرأة في العام 1928 في حين ان تعليم الذكور لم يبدأ بعد في الدول العربية الخليجية المجاورة، إن هذا الشعب الذي قاوم المستعمر والظلم والاستبداد منذ القدم ومارس العمل الانتخابي في العشرينيات من القرن الماضي يستحق أجل يستحق أن يقدر ويوضع فوق الرأس وان تلبي طموحاته من خلال منحه المزيد من الحقوق السياسية والشراكة الفاعلة في صنع القرار السياسي.

ان المرحلة الأولى من الإصلاح والتي بدأت بالتصويت التاريخي على ميثاق العمل الوطني وما أعقب ذلك من إجراءات وخطوات غير مسبوقة تمثلت في تبييض السجون من المعتقلين السياسيين وعودة المبعدين والمعارضين السياسيين من الخارج والبدء بانتخابات عام 2002... الخ, ان هذه الخطوات غير المسبوقة كما ذكرنا تحسب للقيادة السياسية آنذاك لأنها بالفعل أزالت الاحتقان السياسي الناجم عن الحركة الاحتجاجية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي وكانت المؤشرات تؤشر على ان البحرين مقدمة على عملية انفتاح سياسي من قبل القيادة السياسية على الشعب البحريني وذلك من خلال مشاركة حقيقية فاعلة في الحكم.

ونحن نعتقد وبحسب الوقائع على الأرض بأن المرحلة الأولى من الإصلاح لم تؤت أكلها، وتحقق أهدافها بسبب البطء الشديد في عملية التطوير الديمقراطي بالاضافة الى آلية اختيار الوزراء والذي أدى بكل تأكيد الى ضعف أداء السلطة التنفيذية أضف الى ذلك تهميش الدور الرقابي والتشريعي للسلطة التشريعية, وتدخل شخصيات نافذة محسوبة على النظام في إيصال من تريد من الشارع السياسي السني الى البرلمان وانتشار الفساد الإداري والمالي في ظل غياب اي تطبيق لتوصيات تقارير ديوان الرقابة العتيد!كل تلك الامور وغيرها جعلت من الخطوات الاصلاحية والتي أشرنا إليها تتآكل وتضمحل بعد مرور عقد من الزمان على تطبيقها. فالعبرة ليس بإصدار التشريعات والانظمة ولكن تكمن الاستدامة السياسية في عملية التطبيق الموضوعي والأمين والعادل لتلك التشريعات!

ان المخاض السياسي الذي تمر به البحرين منذ بدء الحركة الاحتجاجية في فبراير/ شباط 2011، لن يمر أو ينتهي الى لا شيء، بل يتوجب على الفرقاء السياسيين ان يحكموا العقل وان يحتكموا الى الحوار الجاد والمنتج ويذهبوا إليه حاملين على أكتافهم وبين ضلوعهم وفي قلوبهم آمال وتطلعات الشعب البحريني في العزة والكرامة والعيش الكريم.

ان الدعوات المطالبة بالبدء في حوار وطني جاد ومنتج يخرج البحرين من النفق المظلم أصبحت ضرورة وواجبا وطنيا، فالذي يرفض الحوار أو يعطل الحوار الوطني هو المستفيد الأول والأخير من الاحتقان السياسي الطائفي الذي تعيشه البحرين.

ان الدعوة التي أطلقها جلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة مؤخرا عن بقاء باب الحوار مفتوحا لجميع أبناء الشعب مع تأكيد جلالته الشخصي الالتزام بالنهج الاصلاحي التوافقي، دعوة مرحب بها ولكنها تحتاج الى ترجمة على أرض الواقع لأن المرحلة الثانية من عملية الاصلاح السياسي أصبحت مستحقة والتي ينبغي أن تتم فيها الاستفادة من دروس وعبر المرحلة الأولى. ومن هنا نتمنى على جلالة الملك مخلصين ان يقود عملية الحوار الوطني بنفسه ومن خلال فريق من البحرينيين المخلصين والمشهود لهم بنزاهتهم وهم موجودون ولن يترددوا في أداء الواجب الوطني متى ما دعاهم الوطن الى ذلك. ان التشدد والدقة في اختيار الفريق الذي سيشرف على الحوار مهم جداً، لأنه قد يكون جزءا من النجاح أو جزءا من الفشل.

لذا نتطلع الى أن تتضافر الجهود المخلصة من أجل الوصول الى حل سياسي ومجتمعي شامل ومنتج يعيد للبحرين لحمتها الوطنية ويحقق الاستدامة للعملية السياسية. فالشعب البحريني في اعتقادنا الجازم تعب من المخاض العسير الذي يمر به ويريد أن يرى انفراجا في الأفق، وبالتالي فهو يتطلع الى أن يرى الدعوة التي أطلقها ملك البلاد ترى النور وفي اَقرب الآجال، فالبحرين تسير رويدا رويدا الى ما لا يتمناه كل بحريني شريف وهو المواجهات الأهلية وهذا ما حذرنا منه مرارا وتكرارا. فمن يرفع الشراع؟

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3518 - الثلثاء 24 أبريل 2012م الموافق 03 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 5:11 ص

      لو تأملوا

      لو تأمل المسئولون ، في أي نعش حمل عليه ضحية مقتول مضرج بدمه وتخيلوا حجم الألم الذي يعتصر قلوب محبيه خاصة أهله وخاصة امه و أبيه وذويه وهم يرون ابنهم في ريعان شبابه يفجع ن ليتأملوا جيدا هل هم على استعداد ليكون ذلك المشهد في أحد أحبتهم ؟ فقط ليجيبونا ثم يقرروا هل سيبقون ويتركون الأزمة ليحلها الزمن أم تكون لهم وقفة ويبعدون المأزمون عن الطريق ويروا ماذا يريد الناس بالكلمة الطيبة لا بالنار والحديد المستخدم هذه الأيام والذي أودى بحياة الشباب وانتهك البيوت واستباح القرى وروع الناس ، فهل من رافع للشراع

    • زائر 8 | 4:27 ص

      احنا شفنا المرحلة الاولى عشان نشوف الثانية

      اذا كان الوضع اللي احنا فيه هذا هو اصلاح المرحلة الاولى بس خلاص ما نبي المرحلة الثانية

    • زائر 7 | 3:35 ص

      لك المجد ياوطني الحبيب

      الكل يعلم ويدرك ان شعب البحرين اصيل ومتأصل منذ القدم وسباق للخير والكرم والضيافة وهو الشعب الأول في المنطقة الذي حمل العلم في كفه معلناً ثورة علم وهناك وقفات مشرفة لهذا الشعب الأبي ، الا يحق له التغير والأنتقال من مرحلة سالفة تالذكر الى مرجلة الدولة المدنية
      شكرا\\\\\\\\\\\\\\\\\\ً لك ايها الكاتب الحر بهذا القلم الحر

    • زائر 5 | 2:41 ص

      بــوح وَطــن

      لقد كانت البحرين منارة علم ومحبة وتوافق وعشق.. فقد كانت النخلة تهوى البحر، وكان الرمل يغني للرطب.
      أقسم أن بهذه البلاد سحر غريب فأهلها يحملون في صدورهم أطهر القلوب، وتتخللهم أرواح شفافة عجيبة..هذا ما كنت أسمعه من كل من جمعتني بهم غربتي طوال سنواتي الأربع.
      ولازلت أتذكر كيف أن الشعب -كل الشعب- رقصت أفئدتهم فرحاً للمصالحة الوطنية عام 2002، ولا زلت أحتفظ بأمنياتي التي كتبتهاقصيدةًخلال مرحلةدراستي الثانوية.. كان الأمل يحيط بكل ما حولنا.
      ولكن من يعيدالثقةلشعب أصبح الموت والدم والبارود أسلوب حياته؟

    • زائر 2 | 1:22 ص

      من اروع ماكتب في تحليل الوضع(هل هناك من مستمع )

      بل يتوجب على الفرقاء السياسيين ان يحكموا العقل وان يحتكموا الى الحوار الجاد والمنتج ويذهبوا إليه حاملين على أكتافهم وبين ضلوعهم وفي قلوبهم آمال وتطلعات الشعب البحريني في العزة والكرامة والعيش الكريم.

      ان الدعوات المطالبة بالبدء في حوار وطني جاد ومنتج يخرج البحرين من النفق المظلم أصبحت ضرورة وواجبا وطنيا، فالذي يرفض الحوار أو يعطل الحوار الوطني هو المستفيد الأول والأخير من الاحتقان السياسي الطائفي الذي تعيشه البحرين.

    • زائر 1 | 12:23 ص

      فمن يرفع شراع الجهود المخلصة ؟

      لذا نتطلع الى الجهود المخلصة أن تتضافر الجهود المخلصة من أجل الوصول الى حل سياسي ومجتمعي شامل ومنتج يعيد للبحرين لحمتها الوطنية ويحقق الاستدامة للعملية السياسية. فالشعب البحريني في اعتقادنا الجازم تعب من المخاض العسير الذي يمر به ويريد أن يرى انفراجا في الأفق، وبالتالي فهو يتطلع الى أن البلاد ترى النور وفي اَقرب الآجال، فالبحرين تسير رويدا رويدا الى ما لا يتمناه كل بحريني شريف وهو المواجهات الأهلية وهذا ما حذرنا منه مرارا وتكرارا. فمن يرفع الشراع؟

اقرأ ايضاً