العدد 3529 - السبت 05 مايو 2012م الموافق 14 جمادى الآخرة 1433هـ

الإخفاق في غرس قيم الدين في الدول الإسلامية وانتشارها في الغرب (1-2)

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مع أن الله عزوجل نزل علينا قرآنه المجيد باللغة العربية التي نفقهها، وبعث رسوله النبي الأكرم لشرح ونشر تعاليم الدين الحنيف، إلا أن هناك مازال قصور غريب في فهم أو تقبل أو استخدام تعاليم الدين من قبلنا، واستخدامها وفهمها وتكريسها في الدول غير الإسلامية. فهل هناك خلل فينا كبشر، أو أننا أمة لا تريد أن تصلح وضعها. أم ماذا؟

أيضاً لم أشعر في موطني ( البلدان العربية) أو أي بلد إسلامي من المحيط الى الخليج أي تطبيق لتعاليم الدين الحنيف مع أن نبينا واحد وديننا واحد، فأين الإخفاق ولماذا لا نعالجه؟ وكيفية معالجته؟

لو قمنا بتحليل هذه الأسئلة وبحثنا عن الخلل والإخفاق في عدم تطبيق هذه التعاليم الدينية السمحاء، ولو قمنا بتحليل الأسئلة السابقة بنظرة استقصائية لبحث أوجه القصور وبنظرة تفحصية لواقعنا الأليم، سنجد أن هناك عوامل كثيرة ومتنوعة وكل منها لها أثر ودور في عدم تطبيق القوانين السماوية.

هذا ما سنتطرق إليه بشكل مختصر لنضيء طريق القلوب المكربنة، وإصلاح النفوس الحاقدة المتجذرة، والمنبثقة من الاختلافات المذهبية أو الايدلوجيات المعقدة التي لا تعي كيف تدير الأمور الدينية أو أنها ليس لها صلة بالإسلام وتلعب دور المخادع المحترف للبشر .

في تقديري هناك عوامل كثيرة أدت إلى الإخفاق، ولكننا سنركز على الأكثر أهمية التي نلتمسها وهي كالتالي:

أولاً: الأنظمة القائمة: مع أن كثير من البلدان الإسلامية أن اول مادة في دساتيرها الوضعية، الإسلام اساس التشريع إلا أنها بعيدة عن التطبيق الفعلي، فمثلاً لا نجد المساواة بين الناس، ولا يطبق حرمة دم المسلم وعدم الظلم وليس هناك بسط العدل على الجميع، والابتعاد عن النفاق والغيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق وحسن المعاملة والجهر بالحق وغيرها الكثير التي أوصانا بها الله في محكم كتابه العزيز.

ثانياً: الطائفية: بسبب اختلاف المذاهب، وهنا سوف لن ندخل بعمق في هذا العنصر بسبب ما نشر عنه وأصبح جلياً لكثير من الناس، لما له من مساوئ ومآخذ الذي يتأثر بالعنصر الأول والثالث طبقا للسياسة المتبعة لهما ونلحظها (الطائفية) بين صعود ونزول ولكنها لا تختفي بسبب إخفاقنا في تطبيق الدستور الألهي المحكم.

ثالثاً: إخفاق أو ضعف بعض علماء الدين الذين لم يعملوا بنشر القيم والأخلاق، كما حث بها الدين، وطبقاً للآيات القرانية التي بعضها تأمرنا بالعفو والتسامح والتآخي وأخرى بحرمة القتل وبعضها يحذرنا من النفاق وبعضها تحثنا بالتعاون على البر والتقوى واصلاح ذات البين والعدل في الحكم، وآيات تحضنا على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها الكثير من الآيات الكريمة التي وضعت كنبراس لإضاءة طريقنا.

للأسف قام البعض من علماء الدين بتكريس العنصر السابق ( الطائفية) عندما تم اختزال الدين بشكل منحرف، تماشياً مع قبيلته أو عرقه أو مذهبه والانطواء تحت أهواء الناس أو الأنظمة التي تستقطبه لما تدعو اليه، مما أضعف الهيكل المجتمعي ونخر بعظامه وتفتت إلى شراذم كل منهما تتشفى من الأخرى.

رابعاً: الإعلام بشتى أنواعه، لا سيما الصحافة ومنتسبيها لعبت دوراً محورياً في إثارة النعرات الطائفية ( العنصر الثاني) وبالتعاون مع جميع العناصر المؤججة، فبدلاً من أن تلعب دور السلطة الرابعة في تصفية القلوب، والتآلف والتعاضد بين المسلمين، ومعالجة الأخطاء بأساليب علمية قويمة أساسها العدل والمساواة، ساهمت في تفتيت المجتمعات ونخرت في عظام الناس بزرع الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد.

لذا لا تصلح أن نسميها السلطة الرابعة في بلداننا لفقدانها الحيادية، وصَدَقَ من قام بتسميتها الصحافة الصفراء والكتاب الصفراويون الذين يتاجرون بالبلد بنشر الفتن والفرقة والعداوات، وباعوا ضمائرهم مقابل حفنة من الدنانير، الذين ظهروا فجأة مع بزوغ هذا النوع من الصحف. فلهذا كثير من مقالاتهم لا يقرأها المثقفون والواعون، وأهل الفكر في هذا البلد، ولا يصدقها إلا القلة المغمورون تحت مظلتهم.

خامساً: وزارتا الثقافة وحقوق الإنسان: ليس لهما دور يذكر، كوضع ورش عمل في تقريب وجهات النظر اجتماعياً وسياسياً وعقد مؤتمرات دعوية إلى إصلاح المجتمع دينياً وأخلاقياً وترسيخ حقوق الإنسان والمواطنة وغيرها من الأمور التي يحتاجها الناس إلى إصلاح المجتمع.

فوزارة الثقافة اقتصر جهدها على ربيع الثقافة والتراث بشكل أساس، بينما وزارة حقوق الإنسان في إعطاء دورات بين الفينة والأخرى في شرح الميثاق ومواد الدستور والدورات التدريبية المتعلقة بمجلسي الشورى والنواب.

لم نشهد لها دور ريادي في الدفاع عن حقوق الناس المتشكل منه ولم نلحظ لها مواقف تدافع عن الحريات، ولا لمسنا منها كوزارة حقوق انسان أن تهتم بالإنسان وتنميته والمطالبة بحقوقه إذا ما انتزعت منه، ووقف الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان العربي والإسلامي في بلدانهما.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3529 - السبت 05 مايو 2012م الموافق 14 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:52 ص

      الوزر والوزارة

      الناس أجناس، فمنهم المذكر والمؤنث، كما أن الناس معادن. فمنهم الذهب والفضة والحديد ..
      فما هوية الوزير؟

    • زائر 4 | 5:59 ص

      منكرٌ ونكير

      من المعروف أن غير المعروف يعطينا منكر. فلذا بات المعروف غير معروف.
      ومن البديهي أن الدين القيم دين الله. فهل يحتاج الى من يُقِّيمه ويُقَيّمُه؟
      لذا وجب السؤال عن:
      كيف يكون للدين قيم؟
      وكيف يكون للدين رجل؟

    • زائر 2 | 12:50 ص

      تستحق التقدير والاحترام

      ما قصرت دكتور كلام في الصميم يجعل الانسان يفكر بتعاليم الدين ويستخدمها في الحياة حتى تستقر الناس وتهدأ النفوس من المشكلات التي تحل عليها. نظرتك ثاقبة في جعل النس تفيق من أمراضها

    • زائر 1 | 12:44 ص

      كلام جميل

      سرد تحليلي متقن فشكرا للفكر المتنور، وعساك علقوة يا كاتبنا العزيز

      ستراوي

اقرأ ايضاً