العدد 3539 - الثلثاء 15 مايو 2012م الموافق 24 جمادى الآخرة 1433هـ

الشعب البحريني يريد أن يعيش مرفوع الرأس

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

بغض النظر عن ما رفع من شعارات في دوار مجلس التعاون/ اللؤلؤة سابقاً (تقاطع الفاروق حالياً)، وكذلك بغض النظر عن ما رفع من شعارات في تجمع الفاتح، وإن تقاطعت أو تنافرت أو اتفقت أو اختلفت تلك الشعارات، فإنه ومن خلال رصدي ومتابعتي للحراكين (في اللؤلؤة والفاتح)، فإن الشعب البحريني يتفق على 80 في المئة تقريباً من المطالب التي رفعها للإصلاح، وهذا باعتراف قيادات الحراكين.

إذن الشعب البحريني متفق بمكونيه السني والشيعي على أن هناك خللاًً سياسياً ما في مكان ما يتوجب إصلاحه وفي أقرب الآجال، لأن إصلاح هذا الخلل والذي سنتعرض إليه في سياق مقالنا، من شأنه أن يجعل البحريني يعيش مرفوع الرأس، كرامته مصانة وحاضره ومستقبله وأسرته في أيدٍ أمينة. إذن على ماذا الاختلاف يا أهل «الديرة»؟

ان مطالب الشعب البحريني في العيش الكريم مشروعة ومستحقة ويكفلها دستور 2002 كما كفلها دستور 1973، كما أن مطالبه بأن يحظى بحكومة توافق وطني يعين ملك البلاد رئيسها ويوافق البرلمان على وزرائها وأن يحظى ببرلمان كامل الصلاحيات يمارس رقابة حقيقية لا شكلية على السلطة التنفيذية، برلمان مستقل في التشريع وسيد نفسه وقضاء مستقل وتوزيع عادل للثروات ليست مطالب تعجيزية أو كفر بربه من يرفعها. هذه المطالب هي أقل ما تقدمه القيادة السياسية للشعب البحريني الذي قدم ومازال التضحيات الجسام من أجل تقدم ورفعة شأن بلده. فالشعب البحريني بكافة مكوّناته مؤهل لأن يمارس الفعل الديمقراطي وأن يكون شريكاً فعلياً لمنظومة الحكم. فالشعب الذي مارس العمل الديمقراطي والعمل الانتخابي منذ بداية العشرينيات من القرن الماضي، وقاوم المستعمر البريطاني والظلم في بداية الخمسينيات وقدّم كوكبةً من الشهداء وعانى الكثير من نسائه ورجاله الشرفاء من الاعتقال والتعذيب والنفي الى خارج الوطن، هذا الشعب الناكر لذاته والذي بدأ بالتعليم الأهلي قبل أن يبدأ به التعليم الرسمي 1919 وحارب الأمية في الخمسينيات بجهود أهلية تطوعية قبل أن تتسلم الحكومة مهمة ذلك، هذا الشعب الذي يؤشر على علمائه ومثقفيه ومفكريه وأدبائه بالبنان. هذا الشعب الذي عندما تتحاور الشعوب عن الأخلاقيات لا تغيب عن حوارهم أخلاقيات الشعب البحريني الراقية. إذن هذا الشعب بكل هذه العراقة والإرث السياسي والثقافي والاجتماعي، هل نطق كفراً عندما طالب بأن يكون شريكاً حقيقياً لا صورياً في منظومة الحكم؟

وبعد هذه الاضاءة المشرقة التي قمنا من خلالها بتسليط الضوء على جزء من تاريخ الشعب البحريني العظيم الذي كتبه بدمائه وعرقه بحروف من نور، نوجه تساؤلاتنا المشروعة إلى من يهمه أمر هذا الشعب؟

هل كثيرٌ على الشعب البحريني أن يحظى بحكومة تحقق مطالبه المعيشية العادلة في السكن والعمل والصحة والراتب المجزي الذي يحفظ كرامته، وحكومة يختار وزراءها الشعب البحريني من خلال مجلس النواب ويخضعون للمساءلة إذا ما تمت إدانتهم بتقصير أو سوء استغلال للسلطة. وزراء يتفرغون للعمل العام ولا يفكرون بكيفية ضمان أن يصبحوا من أصحاب الملايين بعدما تتم إقالتهم من منصبهم! فمتى نحظى بحكومة يشارك الشعب في تشكيلها؟

هل كثيرٌ على الشعب البحريني أن يحظى ببرلمان كامل الصلاحيات، يمثل الشعب تمثيلاًً حقيقياً، لا برلماناً يصل نوابه من خلال تزوير الإرادة الشعبية؛ برلمان لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يُدار نوابه عن بعدٍ بالروموت كنترول، ويكون قادراً على إيقاف التلاعب بالمال العام والمخزون الاستراتيجي لأراضي الشعب، ويحوّل تقارير ديوان الرقابة من أقوال إلى أفعال، فمتى نحظى بمثل هذا البرلمان؟

هل كثيرٌ على الشعب البحريني أن يحظى بقضاء مستقل وقضاة يدعون ربهم ليل نهار قائلين «اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه»، ونيابة عامة تعمل بإرادة مستقلة وتنتصر للمظلومين وتحارب الاستيلاء غير المشروع على المال العام. الشعب يريد قضاءً يقف أمامه البحرينيون سواسيةً، بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو الأسرية أو مستوياتهم الاقتصادية أو الاجتماعية.

هل كثيرٌ على الشعب البحريني أن يحظى بإعلام مرئي ومقروء ومسموع، يطرح الرأي والرأي الآخر. إعلامٍ نزيه وشفاف لا يصطف مع النظام اصطفافاً أعمى، إعلامٍ لا يدار من خلال أهواء ومصالح، وتحسب له السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ألف حساب، إعلامٍ لا يقوم على المحاصصة والمنافع الشخصية، إعلامٍ فيه مؤسسات نقابية تمثل من ينتمي إليها تمثيلاً حقيقياً لا من خلال جمعية تعبّر عن ما يُملي عليها من قبل النظام. الشعب لا يريد إعلاماً قالت عنه «لجنة بسيوني» انه يساهم في التحريض والاحتقان السياسي والمذهبي. الشعب يريد إعلاماً يستحق أن يطلق عليه بحق «السلطة الرابعة».

وفوق كل هذا وذاك، هل كثير على الشعب البحريني الذي قاوم المستعمر والظلم والاستبداد والتحم مع منظومة الحكم عند المنعطفات التاريخية، أن يحظى بعدالة في الاستماع إلى همومه ومشاكله، وفتح القلوب قبل الأبواب له من أجل إزالة الظلم والغبن الذي وقع عليه لسنوات طويلة. الشعب يريد العدالة والمساواة في توزيع الثروات سواءً كان المال العام أو الأراضي أو البيوت أو الرواتب. الشعب يريد تقدير المتقاعدين الذين قدّموا الغالي والثمين لوطنهم، لا أن يتم رميهم إلى المجهول ومصيرهم المحتوم براتب بخسٍ «دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين»!

هل ما يطلبه الشعب البحريني العظيم كثير؟ لا والله، إنه قليلٌ، فهي مطالب وردت في كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية. إن هكذا شعباً عظيماً يجب أن يفتدى بالغالي والنفيس، لا أن نبيعه بأبخس الأثمان. فالشعب البحريني يريد أن يعيش مرفوع الرأس لا مكسور الظهر... فمن يرفع الشراع!

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3539 - الثلثاء 15 مايو 2012م الموافق 24 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 36 | 1:39 ص

      الشكر موصول لكم

      شكراً لكم

    • زائر 35 | 4:24 م

      الميزان

      أتركو الساحة ياجماعة لآمثال الاستاذ الفاضل عسى سيار وعلي فخرو وعلي ربيعة وسلمان كمال الدين وحسن مدن والاستاذة الفاضلة منيرة فخرو وغيرهم من الوطنين الشرفاء هؤلاءرفعة راس واللة يشرفونكم

    • زائر 34 | 4:09 م

      كل يوم تكبر في عيوننا

      الله يحرسك يا ابن الاجاويد فالشعب مرفوع الراس مهما اصابه من تنكيل وانت مرفوع الراس بافكارك ورافع رؤس اهلك فهنيئا لهم

    • زائر 33 | 3:50 م

      انت بمقالك مرفوع الراس ياولدى

      كثر الله من امثالك ولدتك امك حرا فهنيئا لها بهكذا ابن فسر للامام ولاتركع الا لله والله يحفظك

    • زائر 32 | 3:26 م

      ابو عبدالله نطق الروح القدس علي لسانك ياولد الاجاويييد

      شكرا لكم

    • زائر 31 | 2:08 م

      انني انحني لك احتراما واجلالا

      اجمل ما قرأت من فتؤة بعيده لدرجة ان دموعي انهمرت . لكل كل الشكر والاحترام يا استاذ سيار

    • زائر 30 | 1:32 م

      الشعب

      شكرا لك يا حلو واصل وانت البطل

    • زائر 29 | 1:27 م

      عيسى سيار ( الشعب)

      شكرا مقال جميل من رجل جميل يا حلووووو واصل الزحف

    • زائر 28 | 12:50 م

      البحرين مازالت ابخير يا جماعه الخير

      بل الأمس القريب طللت علينه الأخت الفاضله هدى المحمود بكلأم شج يثلج الصدر واكثر من رائع واليوم انت يا اخى الفاضل ابا عبدالله بمداخلتك الأكثر روعه ونحن اكثر ثقه بأن البلد التى حظنتنا واحتظيناها بها الكثير الكثير من هادا الصنف الرائع من الرجال المخلصون همهم الوحيد ان نخرج من عمق الزجاجه بأقل الخسائر فى الأرواح دم البحرينى غالى علينه جميعأ

    • زائر 27 | 10:30 ص

      متاْمل

      خوش كلام , ياريت في مثلك كثير ياسيار


      نحن على الدرب سائرون

      من سار على الدرب وصل

    • زائر 26 | 9:16 ص

      الصدق الصدق الصدق

      شى جميل ان ينطق الأنسان بكلمه وزنها ثمين اثمن من اللماس كنقطه من الماء النقى تفجر الصخر تعطى للحياه طعم الحريه والرفاهيه يتغنى بها الطفل وتسيل كل العسل من افوهه الرجال يا تراه هل ياتى يوم يكون عندنا برلمان يتمثل بهادا الصنف الثمين من الرجال الحقيقين حبهم وعطائهم لوطنهم وشعبهم بكل اطيافه ومداهبه ولآ يخافون فى لله لومه لأئم

    • زائر 25 | 8:58 ص

      بارك الله فيك كفيت ووفيت

      كلأم العقل لكن مع شديد الأسف انت مفروض مكانك تحت ما يسمى قبه البرلامان شكرأ يا ابا عيسى عسى عمرك طويل ريال ونعم الرياييل سير مع الحق انت لست بوحذك

    • زائر 24 | 7:34 ص

      مقال يرفع الرأس

      اخي الكريم (أ. على سيار) المتيميز,

      التميز لم يأتي عبث وهومأخوذ منك بل انه استنسخ من شخصكم الكريم وانا اضم صوتي لصوتك وافتخر بفعلك ونوجه الشكر للجميع بدون استثناء
      ودمت اخي الكريم بصحه وعافيه
      وكثر الله من امثالك
      وعفوا يالغالي .

    • زائر 23 | 7:31 ص

      مقال فى صميم

      الفاضل الكريم الأستاذ على سيار تحية من عند الله عليكم،أكرمك الله تعالى على المجهود الذي تقوم به في سبيل الله بالعلم والقلم، الله يطعيك عافية و السلامى منى و من جميع شعب الأصيل البحرينى من جميع فئات وشكرآ.

    • زائر 22 | 6:37 ص

      مقال تستحق عليه ألف قبله وقبله

      هذا ما يريده شعب البحرين بجميع مكوناته و من يختلف على هذه المطالب "حقوق" فهو مجنون مجنون مجنون ثم كافر

    • زائر 21 | 6:09 ص

      كلام جميل من شخص نبيل ومخلص في زمن عزّ فيه ذلك

      لقد عزّ المخلصون وقلّ النبلاء في هذا الوطن فأصبحت الضمائر تباع وتشترى ولكن يبقى الذهب الأصلي غير قابل للتغير وشكرا لك

    • زائر 20 | 5:27 ص

      مقال محترم

      شكرًا لك ولكل كاتب يهمه هموم الناس وكرامتهم. انك مخلص لوطنك لك كل احترام. انك من اصل طيب شكرا لك

    • زائر 18 | 4:44 ص

      اليس الصبح بقريب.........

      اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه»


      اللهم نسألك الفرج القريب

      مع الشكر الجزيل لطرح المميز الذي يلامس الواقع

    • زائر 16 | 3:07 ص

      افتخر انت بحريني

      اخي العزيز

      الشعب كان ولازال مرفوع الرأس ولن ينكسر طهره لانه يؤمن (ان الركوع فقط لله)، ومطالبته بحقوقه وقبل الحصول عليها جعل العالم يقف احتراما لما قدمه من تضحيات، اصبح اسم بحريني يعني كلمة اهلا وسهلا زارتنا البركة. اصبح البحرينيون جواز دبلوماسي رفيع المستوى.البحريني لايحتاج للبحث عن فندق في ترحاله لان جميع البيوت اصبحت تتمنى ان يحل ضيفا فيها.انها المبادئ والقيم ترفع شأن من رفعها.

    • زائر 15 | 2:51 ص

      بوح وطن

      من أغلق جفن الأوطان؟
      ومن سرب الحزن إلى أوردتكِ العذبة؟
      ومن سرقك.. سلب منكِ كل شيء هكذا جهاراً نهاراً؟

      من يأتينا بوطنِ لا يموت؟
      من؟
      شكرا للكاتب الحر، ولقلمك النزيه..
      من عمّان..
      بوحُ مِنَ البحريّنْ..

    • زائر 14 | 2:50 ص

      تسلم ياابو عبدالله

      ماقصرت ياابو عبدالله دايما تجيبها في الصميم

    • زائر 11 | 2:12 ص

      شكرا لك

      شكرا لكم على المصداقية والنزاهة وانت بجد ابن البلد لانك تخاف عليه وعلى اهله ولكن الا من مجيب

    • زائر 9 | 1:38 ص

      بحريني

      بوعبدالله داما مبدع في كتاباتك . واصل والله يوفقك

    • زائر 6 | 1:07 ص

      شكرا والف شكر

      هذا النفس البحريني هذا لسان حال الشعب هذه المواقف الوطنية التي قلوبها على البحرين كل البحرين هذا من يستحق ان يمثل الشعب في البرلمان(كامل الصلاحيات) فعشت ياعيسى أيها الشريف ولن ينسى الشعب مواقفك النبيلة وشكرا لكم.

    • زائر 5 | 1:01 ص

      استاذ عيسى الظاهر باننا نطالب بالكثير

      كلام جميل من شخص نبيل هذه هي صفات الكاتب المثقف صراحة,شرف مهنة,اظهار الحقائق وقول كلمة الحق دمت سالما استاذ عيسى

    • زائر 4 | 12:59 ص

      Yes

      Now we are talking, this is what we need and it not much what we asking for

    • زائر 1 | 11:37 م

      رفعة الرأس بالتساوي بين الجميع

      شكرا لصاحب المقال

      نعم الشعب يريد رفعة الرأس التي هوى منذ سنين بفعل طمع الطامعين .. الذين لا يملئ عيونهم غير التراب

اقرأ ايضاً