العدد 3539 - الثلثاء 15 مايو 2012م الموافق 24 جمادى الآخرة 1433هـ

همة التغيير... من شيم الكبار

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يقال أمامك اختياران في الحياة لا ثالث لهما: إما أن تقبل الظروف كما هي، أو أن تقبل مسئولية تغيير هذه الظروف وتتحمل ثمن التغيير. الثمن الذي تدفعه يعتمد على حجم التغيير الذي تريده، فكلما كان هدفك عالياً كان الثمن غالياً، وهذه هي معادلة الحياة، فما الذي يدفع الإنسان لطلب التغيير؟

لم نخلق وتخلق الحياة للركون والدعة، ولم تكن إمكانياتنا بحدود أجسادنا والعوالم من حولنا، وإنما خُلقنا لكي نكون كباراً، ونصنع ما نريد، فنبي الأمة (ص) صنع المستحيل في إحالة أمة من حالٍ إلى حال، وهو القائل: «لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها». فالطموح الرفيع يولد همّةً عالية، والهمة العالية تتعدى العقبات، والتي بدورها تحقق نجاحاً باهراً.

يخطئ من يعتقد أن السير يتعب الإنسان، فالإنسان أكثر ما يتعبه، هو الوقوف في مكانه، فالحراك للجميع، والحلم متاحٌ للكل. وفي هذا الصدد تشير مؤلفة كتاب «التفكير قبل التغيير» باربرا ستاني «إن لدينا القدرة أبعد مما نتخيل، لعمل أشياء لا نتخيلها»، لذا فهي تؤكد في كتابها قائلة: «الخاسرون يفكّرون في البقاء، والعاديون تجدهم يفكرون في الثبات، أما الناجحون فدائماً يفكّرون في التقدم»، لكن ما الذي يجعل أناساً كثيرين يركنون إلى الثبات ولا يغادرون محلهم؟ ذلك لأنهم جعلوا أنفسهم مقيدة بالخوف والرهبة من التغيير، لذا كان مدرب الملاكم الشهير محمد علي كلاي كثيراً ما يقول له «قبل أن تلاكم خصمك، عليك أولاً أن تلاكم خوفك».

ربما يقال إن محاولاتنا وسعينا أضعف من أن تؤتي أكلها إلا ما ندر، لكنها حتماً لن تكون النهاية، لأنها سلسلةٌ ممتدةٌ نسلمها لمن يأتي بعدنا. فالتغيير عادةً يبدأ من الذات، وهكذا علمنا إسلامنا، لقوله عز وجل: «إن الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم» (الرعد/ 11)، وقد تبنى هذه القاعدة الكثير من الفلاسفة الغربيين، يقول ألفن توفلر «مسئولية التغيير تقع علينا»، وقال جيم ولز «العالم لن يتغيّر ما لم نتغيّر نحن»، بينما يقول هنري ثورو «الأشياء حولنا لا تتغيّر، نحن الذين نتغير». فالتغيير وإدارة فن التقدم في الحياة وقيادة الجماهير نحو التغيير بحاجة إلى عقول تقرأ المواقف جيداً، وتتحيّن الفرص، وتخلقها في أحيانٍ أخرى، وهي مدركةٌ تماماً أن ذلك لا يدوم، فالمصلحون وحدهم القادرون على تحريك دفة التغيير؛ لأنهم أكثر الناس إقناعاً، فهم لا يبتغون سوى الحق والدفاع عنه للمصلحة العامة، لذا تراهم يملؤون الدنيا ويسارعون في ليلهم ونهارهم دونما راحة، ويصدق فيهم قول الشاعر: وإذا كانت النفوس كباراً... تعبت في مرادها الأجسامُ، لأنهم وحدهم هم الكبار.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3539 - الثلثاء 15 مايو 2012م الموافق 24 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:59 ص

      سلمتِ

      قرأت مقالك وكعادة ما ألمسه في كتاباتك هو الصدق ، اليوم وانا أقرأك وجدت حال كل من يرفض السكون كحال اليرقة تكافح وتحاول من أجل الخروج من الشرنقة لتكبر لتكون فراشة تضفي الجمال بجمال وأصالة ألوانها ،،، افتقدتك 

    • زائر 2 | 11:57 م

      بحرينيه و افتخر

      سلمت لنا يا ابنت قريتي وانا فخوره باسلوبك المتميز وانا دوماانتظر مقالاتك بشوق اسلوب حقا مميز

اقرأ ايضاً