العدد 3574 - الثلثاء 19 يونيو 2012م الموافق 29 رجب 1433هـ

الديمقراطية بين النخبة والحالة الشعبية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

الحديث عن الديمقراطية في عالمنا العربي يعكس حالة من الوعي الذي انتشر في الأوساط العربية بعد أن كان حديثاً نخبوياً في السابق، وعندما وصل إلى المستوى العام بدأت مرحلة تفعيله داخل مجتمعاتنا التي تعيش صراعاً علنيّاً بين قوى الديمقراطية من جانب والقوى المستفيدة من الممارسات الدكتاتورية.

وعند مشاهدة الأخبار يومياً عبر شاشات الفضائيات عن أخبار بلدان المنطقة العربية فذلك لا يختلف كثيراً عما يحدث في هذا البلد أو ذاك بل وواقع تكاد تتشابه فيه الشعارات والمطالب إلى حد كبير حتى لو اختلفت ظروف كل بلد عن الآخر.

هذه الشعارات التي بدأ بها شباب تونس وأصبح يكررها ويكتبها الشباب العربي عبر شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت بدور كبير في نقل وترويج هتافات الإسقاط والحرية والعدالة التي إما تقاوَم بقمع أو بتحريف عبر إعطائها صبغة عرقية أو طائفية تفرق المجتمع وتقسمه إلى فريقين.

لقد وجد الشباب العربي في الـ «فيسبوك» و «تويتر» وغيرهما من وسائل الإعلام الجديد ضالته في التعبير لأن هذه الأدوات أصبحت بديلاً يعبر فيه عن أفكاره وآرائه التي لا تصل ولا تسمع عبر أية وسيلة دون خوف رغم التحديات وهو ما بدأ يخيف الأنظمة ويهدد استمرارها.

والسبب أنها لا يجب أن تصل أو تسمع فذلك قد يؤذي من تتهدد مصالحه في موقع الحكم والسلطة. وهي حقيقة تعرفها شعوب المنطقة تماماً بما فيها الشباب الذي أصبح منفتحاً على عوالم وثقافات وحريات، فتحت بدورها آفاقاً جديدة وطموحات توّاقة للتغيير غير مكترثة بالنتائج عدا أنها تريد استرداد كرامتها وحريتها.

لقد ملّ المواطن العربي أوضاعه الاقتصادية والسياسية التي ولدت معها مشاكل اجتماعية كثيرة بسبب تجاهل مطالب الناس على مدى مراحل مختلفة خزنت غلياناً بسبب السلبية التي تعيشها الأنظمة في المنطقة والمستمرة في نهجها الاستبدادي، هذا في الوقت الذي تعتمد فيه هذه الأنظمة على دعم من دول تنادي بحقوق الإنسان ولكن هذه الدول مازالت لم تحسم موقفها بشكل واضح عندما يتعارض الأمر مع مصالحها التي لا تود رؤيتها تتهدد بأي شكل من الأشكال.

الصحوة الديمقراطية العربية التي انتشرت بين الشعوب العربية رفعت سمعة العرب عالمياً، ووصلت المطالب إلى مسامع الجميع، ولقد أشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية قبل فترة إلى أن خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ألقاه في 2009 في القاهرة كان قد وعد من خلاله ببداية جديدة مع العالم العربي، إذ أراد أن يرسم خطاً بين ماضي سياسة أميركا في الشرق الأوسط ومستقبل هذه السياسة، وقالت إن ما ميز هذا المستقبل هو اختلاف التعامل مع الأنظمة العربية.

وفي حقيقة الأمر، إن الصراع بين الديمقراطية والدكتاتورية كان حديثاً نخبوياً، وكان خطاباً تستخدمه إسرائيل لتقول إنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهذا تغير الآن، فالعرب أصبحت لديهم ريادة في هذا المجال، وذلك لأن الصراع بين الدكتاتورية والديمقراطية انتقل من النخبة ومن الدوائر الدبلوماسية الضيقة إلى ميادين الشعب العامة، وأصبح لكل شعب عربي ميدان تحرير تنتمي قلبياً ووجدانياً إليه، وتعتبره رمزاً لحريتها التي سُلبت منها.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3574 - الثلثاء 19 يونيو 2012م الموافق 29 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:48 ص

      المادة وحالتها .. مادة الحالة وحالة المادة

      الحالات متعددة ومختلفة. فليس مجهول أن الأشياء لها ثلاث حالات: غازية وسائلة وصلبة. فقد لا يختلف وقد يختلف الناس على أن الثورة صحوة أو الصحوة ثورة. فالصحوة حالة والثورة حالة مشابهة لها وليست مثلها. وكذلك حالة الفوضى وحالة الاستقرار ...
      فهل الديمقراطية حالة صلبة أم سائلة أم غازية؟
      وهل الديمقراطية ثوب يمكن تفصيلة بمقاسات مختلفة؟

اقرأ ايضاً