العدد 36 - الجمعة 11 أكتوبر 2002م الموافق 04 شعبان 1423هـ

لابد من فتح سوق عربية مشتركة ومن دون تردد

800 مليار دولار الاستثمارات العربية المهاجرة... كيف يمكن استعادتها؟

منى غزال comments [at] alwasatnews.com

لعل فتح ورقة إصرار أميركا على حرب العراق وأسباب ذلك يجعلنا ننظر بصورة أعمق في سياسات الاقتصاد العالمية والعولمة، وتمسك الولايات المتحدة بدورها كمسيطر أول على هذا الاقتصاد.

ولعل وجود 800 مليار دولار عربي في مصارف أميركا وبعض الدول الغربية يحتاج إلى قراءة قيمة خسائر تكاليف الحرب على العراق بالنسبة لأميركا، وقيمة خسائرها لو قرر العرب المستثمرون سحب أموالهم منها.

فمن أهم نتائج هذه الحرب سحب بساط الأمان من منطقة الشرق الأوسط وهروب الاموال وأصحابها وبقاؤها في بلاد أكثر قوة وديمقراطية وأمنا.

ولعل تجميد أميركا لبعض الأموال العربية في مسائل الاختلاف السياسي أو العربي الاسرائيلي أو (الجرس المعلق في 11 سبتمبر/أيلول) ستكون أول الفتيل الذي ابتدأ يشتعل في سوق الخوف من سحب البساط من تحت اقدام السوق الاميركية والسوق الاوروبية المشتركة، وبناء عليه قررت أميركا أن تمنع السلام عن منطقتنا وتعيد الخوف والتهديد لمن يريدون أن يقدموا على هذا العمل.

هده الاسئلة تجعلنا نراجع أنفسنا في أحوالنا وما هو المطلوب منا لمواجهة هذا التحدي الذي يضحك بوجهك ويسلم عليك ثم يستعمل أرضك لتكون قاعدة له لتدميرك؟

المطلوب اليوم من دول العالم العربي بما فيها دول مجلس التعاون أن تعمل جاهدة على إبقاء البلاد العربية في حال جيدة من الاستقرار السياسي، لكي تتبنى مؤسسات الديمقراطية المشروعات القادرة على جلب هذه الأموال ورفع مؤشرات الاسواق المالية بما يضمن السلامة لكل من يلج فيها. فلابد من وجود مشروع حضاري متقدم لسوق عربية موحدة.

ماذا يفعل المستثمرون العرب اليوم الذين يملكون 800 مليار دولار عربية في مصارف أميركا ودول الغرب أمام تحدي تجميد بعض الاموال لمن اتهموا بمساعدة «الارهابيين» في هجوم 11 سبتمبر/ أيلول؟ وإن فكروا جديا بسحب هذه الاموال الا يتساءلون كيف وإلى أين وما هو الضمان؟

وماذا يجب على الحكومات العربية أن تفعل لتقدم لهم الضمان؟ وما هو التغيير المطلوب بسرعة وضعه مقابل هذا الضمان؟

لنضع بعض الأفكار التي قد تساعد على الاجابة عن هذه الاسئلة:

- يجب على الحكومات العربية أن تقدم القناعة السياسية والاستقرار الديمقراطية في بلادها أولا لكي تقنع المستثمرين وأصحاب الاموال بالأمان السياسي.

- يجب عليها أن تقيم مشروعات جديدة وتطرح اسهمها ما بين الدولة والمواطنين.

- يجب تطوير نظرة وقناعات العائلات الغنية التي تبقي أموالها في الخارج بتقديم الضمانات القانونية والتشريعات القانونية التي تسهل عملية فتح المشروعات العربية المشتركة وتوسيعها فهي تفيد وتؤكد لاصحاب الاموال، ان اموالهم واستثماراتهم امان، وتفيد بالتالي في عمل قاعدة شعبية واسعة من مواطني هذه البلاد ورفع فرص العمل لدى الغالبية التي تعاني من البطالة.

- يجب الانتباه إلى ان فكرة سحب الاموال لهؤلاء المستثمرين اليوم أصبحت تصب في الدول الآسيوية مثل: كوريا وسنغافورة وماليزيا وتايلند، وأن هذه الاموال ستستفيد منها دول أخرى غير البلاد العربية.

- يجب على الدول العربية أن تطرح الأفكار وتعطي ضمانات لمشروعات جديدة تحتاج إلى هذه الاموال مع ضمان حق المستثمرين فيها من خلال التشريعات القانونية المطمئنة لاصحاب الاموال.

- يجب على الدول العربية توقيف مسألة القيود لحماية وجلب رؤوس المال بتشريعات وقوانين جمركية موحدة (كما فعلت دول مجلس التعاون في الآونة الأخيرة) تستوعب تسهيل الاستيراد والتصدير.

- يجب على سياسات الدول العربية أن تهتم بمسألة الرقابة على المصارف الاجنبية وتشجيع استثمارات المصارف المحلية والاسلامية، وتوفير أدوات القروض وتطوير قوانينها اللازمة للاستثمارات في حال المشاركة بين المواطنين وأصحاب رؤوس المال المجلوبة.

- تحتاج الدول العربية إلى نظم جديدة ديمقراطية لشعوبها لكي تكسب هذه الاستثمارات وتمنع تسربها إلى الخارج، وأعتقد ان في كل دولة من الدول العربية يوجد قطاع متميز وقادر على تطوير هذه الميزة.

- يجب ان نباشر العرض بأفضل السبل لتقديم ما لدينا من نجاح استثمار العقارات وشركات الأسهم وشركات الاموال الداخلية لكل بلد عربي.

- يجب أن نقدم فرصا جديدة لفتح الاستثمارات الجديدة لدول العالم الاسلامي الغنية والقوية أمثال الجمهورية الايرانية واندونيسيا وماليزيا وباكستان لفتح فرص جديدة لتقوية العالم الاسلامي بالمال والقوة، وهما السلاح الذي تحاربنا به أميركا ودول الغرب. ويذكر ان دول النمور الآسيوية كما يطلق عليها (ماليزيا - واندونيسيا) وباكستان وإيران على طريقها، استطاعت أن تنجح في الوصول إلى هذه المرحلة من النجاح الاقتصادي، وهي الآن تواجه حملة شرسة من قبل أوروبا واميركا لاعادتها مدينة وضعيفة، لانها أصبحت ترفع رأسها وابتدأت تنافس الأموال والاستثمارات الاميركية والغربية.

- وفي بلاد العالم العربي اليوم نلاحظ تفاوتا في تشريعات القوانين التي تؤمن حماية للمستثمر، ونشهد في دول التعاون تطويرا واسعا لهذه التشريعات بحيث تتقبل رؤوس الاموال الاجنبية، وقد تكون المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وكذلك لبنان ومصر وتونس، من الدول التي أصبحت تعي وتعمل على تغيير قوانينها ونظمها بما يفيد فتح أبواب الاستثمارات المالية القادمة.

- ويجب على دول مجلس التعاون والعالم العربي أن تهتم بقضية نشر الوعي الاعلامي بهذه المسائل واقامة ندوات وحملات واسعة في التلفزيون وفي الصحافة وعن طريق الدبلوماسية الخارجية والمشاركة بالمؤتمرات العالمية، لعرض أمثلة عن الاستثمارات الناجحة في بلادها، وفرص الاستثمار القائمة فعلا في كل دولة منها، وعرض السوق المالية وتطورها، والاغراء بتوسع مدى استثمارات سوق المال فيها وضمانها، بشكل يغري أصحاب رؤوس المال للتقدم ونقل هذه الاموال اليها.

- يجب أن يقدم الاعلام العروض الواسعة للأموال العربية المستثمرة في الخارج ويشاور الخبراء والمتخصصين في امكانات استثمارها وتحويلها، وتكريم المتقدمين وإشهارهم وعرضهم كمليونيرية عرب، كما يفعل الاعلام الغربي الاميركي بالتباهي والتحدث عن أهل المال لديه، لكي يتحمسوا ولا يخافوا من العين والحسد لا سمح الله.

- يجب ألا يغيب أبدا عن عقولنا أن إسرائيل وأميركا ودول العالم الغربي متفقة على إضعاف دول العالم الاسلامي لانها تعلم جيدا أن بقوتها زوال قوة الغرب وتغيير خريطة القوة وموازينها في العالم، ونحن انتظار هذه إن شاء الله.

وأخيرا وأهم من هذا كله يجب ايقاف الحرب الأميركية على العراق والتي لن تفعل سوى إعادتنا إلى نقطة الصفر

العدد 36 - الجمعة 11 أكتوبر 2002م الموافق 04 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً