العدد 3636 - الإثنين 20 أغسطس 2012م الموافق 02 شوال 1433هـ

الدجاج بحريني والديك أميركي

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

زوجان في منتصف العمر يعود تفكيرهما الرجعي إلى الخمسينات من القرن الماضي، يديران مزرعة للدجاج لإنتاج البيض فقط. الزوجة المزاجية ذات الوجه البشع تتمتع بعبقرية شيطانية أمام زوجها الأهبل والبطيء الذي يعتبر أداة في يد زوجته المتنفذة تديره كيفما تشاء وتزوده بكلبين شرسين ليقوم بحراسة مزرعة الدجاج وتهديدها بالنهش وتقييد حركة الجميع ومراقبة كل دجاجة في أي تصرف يعتبر تحريضياً يصدر عنها لزميلاتها.

هل تذكرون قصة هذا الفيلم الأجنبي الذي أنتج في نهاية التسعينات من القرن العشرين؟ فهو يعاد إنتاجاً اليوم في نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ولكن بنسخة عربية.

كانت الدجاجات تبحث عن المخلص من ظلم صاحب المزرعة لهن وتقييد حريتهن المرتهنة بالمالك فقط ومراقبتهن في كل حركة أو لفتة يقمن بها وكأن حياتهن في معسكر من معسكرات الأسر النازية في الحرب العالمية الثانية. ولم يكتفِ الزوجان بذلك، بعد السيطرة على المزرعة بالقوة وامتلاكها وعسكرتها، بل فكروا بتحويلها إلى مسلخ مركزي لأطماع الزوجة «الشريرة» وزوجها «الأهبل» حين تقرر الانتقال من بيع البيض الطازج إلى إنتاج فطائر الدجاج بعد ذبحها.

تحاول واحدة من الدجاج، تدعى «زنجبيل»، منذ فترة التخطيط للفرار من قفص الدجاج ذاك أو المعسكر كما يسمونه، بمساعدة من قبل اثنين من الفئران صيادي الفرص. وفي اللحظة الحاسمة يتم القبض على»زنجبيل» من قبل السيد «خشن» زوج المرأة الشريرة بواسطة كلابه الشرسة. ولأن الزوج الأهبل دائماً يطيع زوجته، فقد تم إلقاء زعيمة حركة الدجاج في مكب القمامة كموقع للحبس الانفرادي ولأيام كثيرة.

وبعد مماطلة مصطنعة من قبل غزاة المزرعة، أُطلق سراح «زنجبيل»من مكب القمامة. وبدت يائسة بعد تلك المحاولة لإيجاد خطة ناجعة للهروب من بطش الزوجين الظالمين. لكن سرعان ما تجدد العزم للهروب عند قائدة الدجاج البياض حين سمعت للصدفة كلام الزوجين الطامعين حول أن مزرعة الدجاج بدأت تخسر بسبب سياستهما في إنتاج البيض فيقرران تحويل المزرعة ودجاجها لمصنع ينتج فطائر الدجاج الشهية، كما شاهدت إعلان تلك الفكرة لدى الزوجين. فتحاول مرة أخرى إقناع نفسها، ودجاجات أخرى لتسريع جهودها الرامية إلى الهرب قبل وقوع المذبحة الكبرى.

وبعد تفكير وتدبر لتلك المرحلة، استنتجت «زنجبيل» أن طريق الهروب الوحيد، لتتخطى حاجز الظلم والجور، هو أن تطير من فوق السياج إلى خارج المزرعة. إلا أن المشكلة الأساسية هنا أن الدجاج لا يمكنه أن يفعل ذلك، لأنه لا يطير.

وفي ليلة ذات قمر منير، كانت الآنسة «زنجبيل» تجلس خارج قفص الدجاج، تتأمل وضعها وبقية زميلاتها المظلومات وفجأة، يهبط عليهن ديك فارع الطول يُدعى (روكي) عرفوا سريعاً أنه أميركي المولد، ليصبح أملهم الوحيد في الهروب من جحيم تلك المزرعة المهددة بأن تتحول من إنتاج أجود أنواع البيض إلى أن تصبح مسلخاً مركزياً لذبح الدجاج. وبعد أن عاش هذا الديك متخفياً بين تلك الدجاجات يرتع في ظل عنايتها وتغطيتها لوجوده غير القانوني معهم؛ راودت القائدة «زنجبيل» فكرة أن يكون الديك الأحمر هو منقذهم من المذبحة القادمة لتلك المزرعة. وهنا جرت عدة محاولات لإقناع الأميركي الأحمر «روكي» لمساعدة الدجاجات في الهروب عن طريق تعليمهم كيفية الطيران. ولأن ما شاهدته «زنجبيل» من منظر طيران الديك لم يكن إلا ضمن عرض سيرك حين قذفه المدفع في الهواء ووقع للمصادفة في مزرعة الدجاج بدلاً من الهرب من صاحب السيرك؛ فقد احتال هذا الأميركي على الدجاجات بأن اقترح عليهن أن يخضعن لتدريب مجهد إذا أردن الطيران. وبدأ «روكي» يخضع الدجاجات لمجموعة من التمارين الرياضية التي لم يكن لها هدف سوى تضييع الوقت والضحك على هؤلاء الدجاجات البسيطات اللواتي يَتُقْنَ للحرية من ذل أسر المرأة الشريرة وزوجها الأهبل المطيع.

وللمصادفة أيضاً، تكتشف الدجاجات من خلال ملصق إعلاني للسيرك الذي هرب منه الديك الأميركي بواسطة قذيفة مدفع، بأنه كاذب ولا يستطيع الطيران وبالتالي حتى حُلم الهروب من جحيم المزرعة لن يكون. وهنا تظهر حكايات أحد الديوك العواجيز في المزرعة عن أيام عمله في سلاح الجو الملكي البريطاني ومغامراته وبذلك فهو يستطيع مساعدتهم في صنع طائرة للهرب بها من المزرعة قبل اكتمال مصنع فطائر الدجاج، وليس الديك الأميركي الذي أعطته الدجاجات حجم ومكانة أكبر من حقيقته المزيفة.

وينتهي الفيلم بنجاح الدجاج في الهروب من المزرعة بواسطة الطائرة المصنعة من مواد بدائية لكن السبب الحقيقي لطيرانها هو الروح المقاومة للدجاج التى دفعتها في الهواء الطلق والتطلع إلى الحرية بعيداً عن المطامع والمسالخ التي أراد الجشعين نصبها لذبح الدجاج البياض. ويتم تدمير مزرعة الطمع والجشع بعد انفجار آلة عمل الفطائر بمن في المزرعة. وأخيراً، تجد الدجاجات مكانهن المثالي في إحدى محميات الطيور، حيث يمكن أن تعشن في راحة وحرية ودون تنغيص عيشتهن بالتهديد الدائم لهن ومعاملتهن كالاماء والعبيد من قبل مغتصبة المزرعة وزوجها الأهبل المطيع. فما أروع حكايات الطيور المتطلعة للحرية دائماً وسط القهر الدائم الذي تعيشه بسبب طمع فئة لا يهمها من أمر الدجاج سوى إنتاج البيض أو ذبحها لعمل فطائر للبيع منها، فالربح هو الأساس وليذهب كل الدجاج إلى الجحيم، ولكن اتضح في النهاية من هو الذى ذهب إلى الجحيم! وكل بيضة عيد وأنتم بخير.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3636 - الإثنين 20 أغسطس 2012م الموافق 02 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:58 ص

      ذكرتني هذه القصة بكتاب كليلة ودمنة للعبر الكثيرة

      مؤلف الكتاب الفيلسوف لم يكن يرد من القصص للتسلية وانما للعبر واخذ العظات، وقد استفاد الكثير من البشر من هذا الكتاب ولكن من هم الذين استفادوا؟ على الدوام المستفيدين هم من قال عنهم القرآن هم من يستمعون القول فيتبعون احسنه.
      وهذا ما نراه في كل بقاع الارض ولكن بعض الشعوب كالشعوب العربية تفضل القبوع في براثين الخضوع والاستكانة وتجعل فكرها مزرعة خصبة للآخرين يستفيدون منها اما هي فلا تنتج شيئا مفيدا

    • زائر 1 | 3:25 ص

      angry bird

      قصة مشوقة شكرا على المقالة الرائعة هههه

اقرأ ايضاً