العدد 3639 - الخميس 23 أغسطس 2012م الموافق 05 شوال 1433هـ

الأباطيل والخزعبلات... مصطنعات طائفية بغيضة

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

إن الأزمة السياسية في البلد التي مر عليها أكثر من ثمانية عشر شهراً، أفرزت الكثير من التناقضات والأباطيل والخزعبلات والترهات من جمعيات تتبنى فكراً طائفياً حاقداً، وابتعدت كثيراً عن الواقع الوطني والإنساني والإسلامي، وحاولت أخذ أبناء الوطن قسرياً إلى زوايا طائفية بغيضة ليس لها أصل ولا فرع في القضية السياسية، وكانت تريد من وراء خطواتها الخطيرة خلق خلافات طائفية ومذهبية مصطنعة بين مكونات الشعب التي تؤدي حسب اعتقادهم إلى التنافر النفسي أولاً، والقطيعة الكاملة للعلاقات الاجتماعية ثانياً، والتصادم المباشر بشتى الوسائل الجارحة ثالثاً، لإيجاد شرخ عميق غائر في جسد الوطن، يصعب إصلاحه أو علاجه في وقت قريب.

وكان عزمها يركز على تخريب العلاقات الاجتماعية والإنسانية والوطنية التي كانت ومازالت إيجابية في جميع المفاصل الحياتية بين مختلف أطياف المجتمع، للأسف الشديد أفسحت لها الفرصة كاملة بكل صراحة ووضوح، لتقوم بتحقيق أهدافها المشينة في التفرقة الطائفية والمذهبية، وأبرزت بصورة واسعة في الوسائل الإعلامية المتنوعة المقروءة والمسموعة والمرئية، وسكتت عنها عندما استخدمت منبر رسول الله (ص) بكل صلف ومن دون خوف ولا حياء من الله تعالى ولا من صاحب المنبر (ص) في أيام الجمع للنيل الممقوت من طائفة بأكملها، بالافتراءات والخزعبلات والترهات والتدليس والنعوت التي لا تليق بأي إنسان يحترم عقله ونفسه ولو بنسبة متدنية أن يتفوه بالعبارات والكلمات النابية.

وكيف بالذي يعد نفسه رقماً مع رجال الدين ويتلبس بزيهم ويجلس في مجالسهم، لقد أثبتت بالدليل الواضح أنها نذرت نفسها على أن توظف كل ما هو متاح لها حتى ولو فيه سخط الله تعالى وغضبه، لم تترك قوة اقتصادية، ولا منابر إعلامية، ولا المساحات الدعائية إلا ووظفتها توظيفاً عدائياً حاقداً ضد الوطن، وكل منصف عاقل عاين استماتتها وبذلها كل ما في وسعها من أجل حجب حقيقة توجهاتها غير الوطنية وأهدافها الإيديولوجية البغيضة ومراميها السياسية التي تتقاطع مع المصالح الوطنية العليا بنسبة كبيرة، عن فئات اجتماعية فقيرة لا حول لها ولا قوة، التي تتلقى المساعدات العينية أو المادية بصورة شهرية أو دورية أو موسمية وفي العيدين، الفطر السعيد والأضحى المبارك من تلك الجمعيات التي تنتهج الطائفية في أقوالها وأفعالها، حتى في عطاياها الخيرية، وكأنها كانت تعتبر الطائفية الحاقدة رئتها التي تتنفس بها، والوسيلة التي من خلالها يمكنها أن تنبث سمومها الطائفية في أوساط المجتمع المسالم.

وقد تأثر بفكرها وأفكارها البعض القليل من الذين غيبوا أنفسهم قسراً عن كل ما يدور حولهم، وكأنهم لم يسمعوا عن فساد إداري أو مالي، وكأنهم لم يطلعوا على تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي يصدره سنوياً، الذي يشير بالتفصيل إلى حجم الفساد المالي والإداري في عدد كبير من الوزارات والهيئات الرسمية، ما جعلها (الجمعيات الطائفية) تهيمن بنسبة كبيرة على حياة هذه الفئة المستضعفة، وربط مصيرها الاقتصادي وتفكيرها الإنساني وتوجهاتها الدينية والسياسية وعلاقاتها الاجتماعية بإرادتها الطائفية البغيضة، وقد مارست ضدهم الضغوط النفسية الكبيرة من أجل إبعادهم طائفياً وفئوياً عن أبناء مجتمعهم الذين يعيشون في أوساطهم سنوات طويلة في ود ومحبة، وجعلوهم يعيشون في وهم لا حدود له، وفي توجس مصطنع ليس له في الواقع نصيب، وتحسس مفرط جعلهم يتصورون أن جيرانهم أعداء لهم يريدون الشر بهم إذا ما سنحت لهم الفرصة، ولهذا عليهم أخذ الحيطة والحذر منهم، وعدم ترسيخ علاقتهم الإنسانية بهم، وإذا ما حاولوا التمرد على مطلبها، وقاموا بالتواصل مع جيرانهم، تأتيهم كلمات التوبيخ تارة والتحذير تارة أخرى، ويرددون على أسماعهم عبارة لا تعجبوا بكلامهم المعسول، وصوروا لهم الجار المستهدف الذي عاش معهم سنوات طويلة في ود ومحبة، كالغول الخطر، وكالساحر المخيف، لتتمكن من السيطرة على مشاعرها الإنسانية والدينية، من خلال بعض المساعدات الشهرية والمعونات الموسمية المقطوعة، وكأنها تقاضيهم وتساومهم، إذا ما أرادتهم تحقيق بعض المكاسب المادية والعينية عليكم أن تعطوا أصواتكم في الانتخابات البلدية والنيابية إلى أشخاص ينتمون إلى خطها وينفذون إرادتها وأهدافها، وربطت التصويت في الانتخابات بالمساعدات الشهرية أو الدورية.

فأي شخص يتسلم منهم المساعدات ويفكر في الابتعاد قليلاً عن تحقيق مطلبهم البلدي أو النيابي، قد توقف عنه المساعدات ويسلموه إلى الفقر والحاجة ليكون عبرة لمن اعتبر، كل ما تقوم به تلك الجمعيات التي تتبنى إيديولوجيات نفعية شخصية أو فئوية ضيقة، هو العبث بعقول عباد الله، من المؤكد أن عملها غير الخيري الذي لا تنويه قربة لله تعالى، لا يقربها إلى الجنة، وقد يحرمها من شم ريحها إذا كان يقصد منه مذلة للإنسان الفقير، والعبث بالتلاحم الوطني الذي يسود بين مختلف المكونات الوطنية والطائفية والعرقية، بشتى الطرق والوسائل، فكان الهدف الذي تريد تحقيقه هو إيجاد أجواء متشنجة في كل وقت وحين بين طوائف المجتمع، التي قد تؤدي من وجهة نظرها في نهاية المطاف إلى فتنة طائفية كبرى تعصف بكيان ومرتكزات ودعائم الوطن الأساسية، وتهدم العلائق الاجتماعية والإنسانية والوطنية بين مكوناته الرئيسية، هل نجحوا في مسعاهم المقيت؟

ولله الحمد لم ينجحوا وفشلوا فشلاً ذريعاً في جرّ البلاد إلى صراعات طائفية بغيضة، لم يكونوا يتوقعون أنهم سيفشلون بعد كل الجهود الكبيرة التي بذلوها سنوات طويلة في الشحن والتأجيج الطائفي في مختلف زوايا البلد، مستغلين الأشكال التي توحي بالتدين، اتضح بالفعل أنهم لم يعرفوا حقيقة هذا الشعب الودود والحميم بكل مكوناته الكريمة، ولم يدركوا أن إنسان هذا البلد، لن يقبل لأي جهة أن تعبث وتتلاعب بعلاقاته الاجتماعية والإنسانية والوطنية، وأن من يقترب إليها ويريد تفتيتها، فإنه يسقط نفسه من أعين الناس قبل النيل منهم، أعود وأقول ليس كل الجمعيات تمارس هذا النهج البغيض، هناك من الجمعيات التي ارتأت أنها لن تدخل كوادرها في هذا النفق الطائفي المظلم، وحاولت أن تنأى بنفسها عن هذا الطريق الوعر المحفوف بالمخاطر الإنسانية والوطنية، وحاولت أن تضبط أعصابها ولا تنجرّ وراء تلك الصيحات الحاقدة، وكظمت غيظها في أحلك الظروف، وهذه هي الأسباب الرئيسية التي أفشلت خطط الطائفية وفضحت أمرها بين عقلاء الناس، وعقلاء السنة والشيعة في جميع الأزمان والعصور هم صمام الأمان في هذا البلد، وهم الذين يقفون سدّاً منيعاً ضد النداءات الطائفية المخربة لنفوس البشر، بارك الله فيهم وحفظهم من كل سوء وسدد خطاهم لما فيه الخير والصلاح للوطن والمواطن.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3639 - الخميس 23 أغسطس 2012م الموافق 05 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 6:44 ص

      اتفق معك

      اتفق معك بأن بعض الجمعيات السياسية وهي مكشوفه للكل اتخذت مسار الطائفية جسراً تمشي عليه حتى تصل الي ماتريد بعد ان تبين للجميع انها خاسره ومفلسة ولاتملك من جمهور المواطنين احد غير منتسبيها بعد ان انكشفت وتعرت وتبين للشعب انها تسعى الى مطالبها السياسية وليس مطالب الشعب فأخذت تلعب على وتر الطائفيه حتى تكتسب المزيد من التأييد

    • زائر 6 | 6:34 ص

      اللف والدوران من المصدر

      لوكانت وسائل الإعلام ما حملت على عاتقها خلق الفزعة وتفتيت اللحمة لما تجرئة هالأبواق الريال دينار أن تتطاول على مكون يمثل نصف المجتمع وإلي زاد الطين بلة هدم المساجد وحسوهة باردة فنصبوا المشانق في الساحات والشوارع فالمنضمات الدولية تحاسب الحكومة وهي بدورها تحاسب من يسيء لطوائف ولاتكيل بمكيالين.

    • زائر 5 | 3:36 ص

      شكرا لكم

      الفضل يعود الى وعي الشعب وتحضره وجهود كثير من الاصوات الوطنية من جمعيات ورموز ومثقفين ومنابر دينية ولاننسى صحيفة الوسط الغراء في وأد الفتنة واسكات الاصوات الطائفية البغيضة فشكرا للجميع وحفظ الله وطني وابناء شعبي

    • زائر 3 | 2:46 ص

      متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة

      عرف لي مظاهر الصراع الطائفي لنرى ان وجد بعد الازمة ام لا وهل كان من الاساس له وجود ام لا..
      تذكر: بإمكاننا ان نقول القمر في أيدينا ولكن هل هو كذلك؟!

    • زائر 1 | 1:56 ص

      اللعبه مكشوفه ..!!

      كل ما يساور الي خلد هؤالاء القوم أنهم لايتمنون الخير الي غيرهم بحجه المزايا والعطايا التي سوف يفقدونها جراء أي حوار او تآخي وتلاقي بين المجتمع البحرين فهم يعيشون علي ( فرق تسد ) والسلام

اقرأ ايضاً