العدد 3655 - السبت 08 سبتمبر 2012م الموافق 21 شوال 1433هـ

المواطن البحريني الحلقة الأضعف... حتى في العلاج!

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

من يعرف أبناء البحرين عن قرب، يدرك أن السواد الأعظم منهم لا يعيشون في قصور، ولا يملكون سيارات فارهة، وليس في أرصدتهم البنكية مع نهاية كل شهر سوى بضع عملات نقدية، فرواتبهم المتواضعة موزعة ما بين القروض وإيجارات الشقق ومستلزمات الحياة الضرورية.

هذا إذا كنا نتحدث عن متوسطي الدخل، أما إذا جئنا للطبقة الفقيرة، فحدث عن وضعهم ولا حرج، فرواتب معيليهم لا تتجاوز 200 دينار، وأعدادهم في كل أسرة يكون كبيراً في كثير من الأحيان، وأسماؤهم مجدولة لدى وزارة التنمية الاجتماعية والجمعيات الخيرية، ولكن لا يسألون أحداً تغطية احتياجاتهم من شدة التعفف، ولا يمكن نكران وجودهم.

الكل يدرك تماماً بمن فيهم المسئولون، أن المواطن البحريني لا يقارن في مستوى دخله ومعيشته مع أقرانه من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي، فهو يمثل الحلقة الأضعف من بينهم، ولا أتحدث عن توفر العلاج والتعليم المجانيين، ولا دعم المحروقات ولا الدعم الحكومي للسلع الأساسية (اللحوم والدواجن والطحين)، فهي وإن خففت من معاناة البحرينيين إلا أنها لا تعالج مشكلة ضعف الرواتب، وعدم توفر السكن، وضعف القدرة الشرائية للعقارات، وصعوبة الحصول على وظيفة مناسبة بعد التخرج من المعاهد والجامعات.

ويأتي قرار وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية القائم بأعمال وزير الصحة (آنذاك) فاطمة البلوشي رقم (18) لسنة 2011، بـ «منع جميع الأطباء والاستشاريين العاملين بالمستشفيات والمراكز الصحية وغيرها من الجهات التابعة لوزارة الصحة، من العمل في أية جهة أخرى سواء كانت مملوكة لهم أو لغيرهم»، ليقضي على ما تبقى للمواطن البحريني من أمل في العلاج المجاني بمستشفيات الدولة، فلا هو يمتلك المال للعلاج في الخارج أو في عيادات الأطباء الذين يشرفون على وضعه الصحي، ولا يمكنه أن يثق في طبيب آخر قد لا يكون بالخبرة والمستوى ذاته.

الضغط على الكفاءات والكوادر البحرينية المؤهلة من خيرة الأطباء المعروفين على المستوى العربي وحتى الدولي، لا يمثل خسارة لهم بقدر ما يمثل خسارة لأبناء البحرين الذين يعوّلون عليهم كثيراً في التشخيص والعلاج، فابن البلد هو الأعرف والأقدر والأقرب من أبناء جلدته وليس الأجنبي سواء جلب من دول أوروبا أو شرق آسيا. ومن المؤكد أن خزينة الدولة سترهق برواتب هؤلاء الباهظة، وفي نهاية المطاف لن يقدموا خدمة أفضل من الكفاءات الوطنية.

إذا كانت وزارة الصحة مصرّة على تطبيق هذا القرار كما لو أنه قرآن منزل، فعليها أن تتحمل تبعاته على الوضع الصحي للمواطنين، فهناك الكثيرون ممن هم مقبلون على عمليات جراحية على أيدي أطباء بحرينيين متخصصين قد لا يتواجدوا في المستشفى لإجرائها بعد مضي ثلاثين يوماً بحسب نص المادة الثالثة من القرار رقم (18) لسنة 2011 والتي تنص على أنه «يجب على جميع الأطباء والاستشاريين المذكورين بالفقرة الأولى والذين يعملون حالياً بجهات أخرى، توفيق أوضاعهم بما يتفق مع أحكام هذا القرار خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ العمل بهذا القرار».

الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية التي أصدرت تعميماً رقم (1) لسنة 2012 بشأن تنفيذ أحكام القرار المشار إليه، لفتت إلى أنها لاحظت «قيام بعض المؤسسات الصحية الخاضعة لرقابتها بالاستعانة ببعض الأطباء العاملين بوزارة الصحة، من دون الحصول على ترخيص بذلك من إدارة التراخيص التابعة للهيئة، وفقاً للإجراءات وطبقاً للشروط المقررة قانوناً، أو بمقتضى تراخيص صدرت في تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقرار رقم (18) لسنة 2011. كما تلاحظ أيضاً، استمرار فئة أخرى من الأطباء العاملين بوزارة الصحة في مزاولة نشاطهم المهني بعياداتهم الخاصة حتى بعد صدور القرار المشار إليه».

ونقول إن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر يلحق الضرر بشريحة واسعة من المجتمع، والعقاب لا يجب أن يكون جماعياً. وبصرف النظر عن كل ذلك من المفترض تغليب المصلحة العامة على الخاصة، فلا يحرم المواطن من حقه الدستوري في الحصول على الرعاية الصحية والعلاج من الطبيب الذي يتابع ملفه الصحي، بحجة مزاولته نشاطه المهني في عيادته الخاصة أو عمله في بعض المؤسسات الصحية، كما أن المشورة والتدرج عنصران مهمان لنجاح أي قرار، فلا يؤخذ الناس بغتة من حيث لا يعلمون.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3655 - السبت 08 سبتمبر 2012م الموافق 21 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً