العدد 3658 - الثلثاء 11 سبتمبر 2012م الموافق 24 شوال 1433هـ

«الوسط» خطاب إعلامي متميز على أرض طيبة

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

من يكتب عن تاريخ الصحافة في البحرين، لابد أن يقف عند تجربة «الوسط» كصحيفة اختطت نهجاً مغايراً بعيداً عن الدور الكلاسيكي الذي تؤديه أجهزة العلاقات العامة في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والتي تركز في مضمون خطابها الإعلامي على تصحيح صورة المؤسسة وتغطية عيوبها، وإبعاد سهام النقد واللوم عنها.

لم تكن «الوسط» أداة ووسيلة للدفاع عن مصالح خاصة، بل كانت تقود حملات لكشف مواطن الخلل وتحفيز الرأي العام لتبني الحملات المناصرة للقضايا الوطنية بحرفية ومهنية عالية، انطلاقاً من مبادئها وأهدافها التي تركز على تغليب المحتوى والمضمون على الشعارات والشكليات، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة والشاملة، وتوجيه الأطروحات باتجاه الوسطية والعقلانية، وتقديم تغطية شاملة ومعمقة تستهدف إطلاع القراء على ما يدور حولهم، ويعزز حقوقهم الإنسانية والدستورية.

«الوسط» كسرت حاجز الروتين الذي تتبعه الصحف التقليدية في معالجة القضايا المعيشية والاجتماعية بأسلوب خبري بحت، فانتهجت أسلوب القصة الخبرية المعبّرة، ونجحت من خلاله بإبراز حقيقة جوانب مظلمة لم يصلها النور، جوانب تعبر عن معاناة المواطن اليومية من ملفات مرهقة (الفقر، البطالة، التمييز، تدني الأجور، الغلاء، الفساد، الإسكان)، وغيرها الكثير مما احتفظت به ذاكرة «الوسط» في أرشيفها المكتنز بالمعلومات الخبرية والحملات الصحافية.

يسجل لـ «الوسط» أنها وعلى مدى 10 سنوات من تاريخها الحافل، لم تنجر أبداً إلى مستنقع الطائفية، على رغم محاولات المتطرفين تشويه صورتها ووصمها بهذه الصفة لزعزعة ثقة القراء بمصداقيتها، إلا أنها أبت إلا أن تواصل شق طريقها في أحلك الظروف، لتحقيق الريادة والتميز والحرفية العالية في الأداء.

استحقت «الوسط» وصف القراء لها بأنها «صحيفة الشعب»، لأنها عبرت عن نبض الشارع البحريني من دون أي اعتبار للون أو عرق أو طائفة، فهويتنا البحرينية الجامعة هي المعيار الوحيد الذي التزمت به، وعملت على تعزيزه كمفهوم يتعدى حدود العائلة والقبيلة والقرية والمنطقة، فالثابت هو تراب الوطن والمتحرك هم البشر، يفنون ويحيا غيرهم على هذه الأرض.

«الوسط» منبر إعلامي استطاع أن يجعل من اسم البحرين علامة فارقة وسمة بارزة في مختلف المحافل الدولية، فبات العالم ينظر إليها بعين من التقدير والاهتمام، وخصوصاً خلال السنوات الماضية التي سجلت فيها «الوسط» تألقاً وحضوراً لافتاً بحصولها على المركز الأول في الانتشار بحسب تقرير «بارك»، وحصول رئيس التحرير منصور الجمري على جائزة «تحقيق السلام من خلال الإعلام» من «المجلس العالمي للصحافة» (لندن)، والأعلى درجة في المصداقية للعام 2012، والميدالية الذهبية للتصوير على مستوى الشرق الأوسط للمصور الزميل عيسى إبراهيم، وجائزة «لورينزو نتالي» الدولية للصحافة عن تحقيق استقصائي عن عاملات المنازل للزميلة هناء بوحجي، وكذلك جائزة اليونيسيف للإعلام الإقليمي في حقوق الطفل حصل عليها الزميل سعيد محمد، والجائزة الدولية لحرية الصحافة 2011 (نيويورك) التي منحت لرئيس التحرير منصور الجمري، وجائزة الصحافة العربية (الفئة السياسية).

كما حصلت «الوسط» على المركز الخامس عشر كأقوى صحيفةٍ في العالم العربي حضوراً على الإنترنت، وجائزة الصحافة العربية (فئة الصحافة الصحية)، وجائزة الإعلام الإلكتروني ضمن مسابقة «جائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني 2009».

لقد كان لي شرف الانتساب إلى صحيفة «الوسط» في فترةٍ مهمةٍ من حياتي امتدت لثماني سنوات (منذ بداية مارس/ آذار 2004)، كانت لي خلالها بمثابة البيت والمختبر الذي تعلّمت منه أصول وفنون الصحافة، واستقيت منه قواعد النزاهة والإخلاص في العمل، ونقل المعلومة بشفافية متناهية بلا شوائب أو تدخلات يفرضها رأي أو توجه سياسي أو ايديولوجي، مستنداً إلى ضميري وحبي لوطني وأبناء البحرين كافة.

«الوسط» صنعت صفاً واعداً من الإعلاميين والصحافيين المتميزين، وصقلت مهاراتهم وقدراتهم وأكسبتهم الخبرة الكافية التي يعوّل عليها في صياغة خطاب إعلامي متميز، وهي بحق مؤسسة حرفية متمرسة قادرة على تهيئة الكفاءات ودعم الأجيال الإعلامية القادمة. وأتمنى لها من أعماق قلبي كل التوفيق والنجاح في مسيرتها الناصعة على هذه الأرض الطيبة وأن يحفل سجلها الزاخر بمزيد من الإنجازات والجوائز.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3658 - الثلثاء 11 سبتمبر 2012م الموافق 24 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً