العدد 3706 - الإثنين 29 أكتوبر 2012م الموافق 13 ذي الحجة 1433هـ

إلى ما وراء حرية الكلام مقابل الدين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بعد أسابيع من قيام فيلم معادٍ للإسلام أنتجه مصري في كاليفورنيا بإشعال خلافات وأحياناً احتجاجات عنفية حول العالم، يستمر الحوار حول حرية التعبير. دافع البعض عن تحديد حق استخدام حرية الكلام لتشويه سمعة الأديان، احتراماً للحساسيات الدينية وحماية للفضائل الدينية، مثل تبجيل ما هو مقدس. ولكن من المفيد السؤال: هل حرية الكلام ودعم الفضائل الدينية أمران متنازعان بشكل ضمني مع بعضهما؟

جرت تنشئتي ككاثوليكية أميركية على الإيمان بأهمية حرية التعبير والفضيلة الدينية، وأن بإمكان كل منهما، إذا استخدما بشكل صحيح، تقوية الآخر بدلاً من إضعافه.

من الواضح أن بالإمكان استخدام حرية الكلام لتجريح الآخرين. كان الفيلم المسيء للإسلام مهيناً لديانة جميلة. أصيب أميركيون كذلك نتيجة لحرق عَلَمنا والهتافات المفعمة بالكراهية، مثل «سندمر أميركا كما دمّرنا هذا العلم». يمكن كذلك استخدام حرية الكلام للترويج لصور نمطية غير عادلة، أو التحريض على اللوم الجماعي، مثل لوم أميركا أو الحكومة الأميركية على أعمال فرد واحد قام بإنتاج فيلم، أو إلقاء اللوم على الإسلام بسبب عنف مجموعات فردية.

تسمح قوانين حرية الكلام في الولايات المتحدة بصنع الأفلام والمواد الأخرى، بغض النظر عما إذا كانت معادية للإسلام أو المسيحية أو لأميركا. يرى البعض ذلك على أنه يهدد الدين. إلا أن حرية الكلام تهدف أيضاً إلى حماية الدين. ماذا لو شعر أحدهم، على سبيل المثال، بالإهانة من الإسلام ومنع الكلام عنه أو الوعظ به؟ في غياب حرية الكلام، تتعرض الحريات الأخرى مثل حرية ممارسة الدين للخطر.

إضافةً إلى ذلك، وفي الوقت الذي يمكن فهم إساءة استخدام الحرية بطرق غير أخلاقية، فإن الدين هو ما يجعل الأخلاقيات ممكنة. لن يكون لاحترام الله تعالى والدين سوى معنى محدود ما لم يملك الإنسان حرية عمل غير ذلك. على سبيل المثال، يؤمن العديد من المسيحيين والمسلمين أن الله يعطينا الحرية والإرادة، فنستطيع وقتها الاستسلام بحرية لله تعالى. كيف يتوجّب علينا إذاً أن نردّ عندما تتعرّض دياناتنا أو بلدنا للإهانة أو للهجوم؟

نستطيع أولاً رفض محاولات رسم أميركا والمسلمين بشكل زائف على أنهم أعداء. أثناء هجوم الشهر الماضي على القنصلية الأميركية في بنغازي، كان الليبيون هم من حاول إنقاذ السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز، والليبيون هم الذين شجبوا الهجوم وعبّروا عن التضامن مع أميركا.

في الوقت الذي جرى فيه الهجوم على السفارات الأميركية، كانت الحكومة الأميركية تستضيف احتفالات عيد الفطر وتكرّم مساهَمات المسلمين في أميركا والعالم. نستطيع الانضمام إلى مبادرات مثل مشروع الصداقة الأميركية الإسلامية ومشروع سوليا للتواصل، المكرسة للبناء عبر التفاهم والتعاون بين الثقافات.

ثانياً، نستطيع استخدام حرية الكلام لإدانة خطاب الحقد وإبراز مغالطات التحامل والإجحاف. هذا الأسبوع، وبعد أن قامت مجموعة بعرض ملصقات مهينة للإسلام في محطات قطار الأنفاق في واشنطن، قامت مجموعة مسيحية أميركية اسمها «سوجورنيرز» (Sojourners) بتمويل إعلانات مضادة تقول: «أحبّ جارك المسلم». إضافةً إلى ذلك، قام فرد في إحدى المحطات بتغطية الملصقة العدائية بعبارة: «إذا رأيت شيئاً كريهاً، قل شيئاً مسالماً».

أخيراً، نستطيع أن نُري العالم أفضل ما في ديننا وثقافتنا، مظهرين زيف وعبث تشويه السمعة. يعلّمنا القرآن الكريم: «وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بالّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذي بينَكَ وبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم» (فصلت: 41 - 34).

في أميركا، بدأت حركة يوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، بتشجيع الناس على القيام بأعمال حسنة في ذكرى ضحايا ذلك اليوم المشئوم. شارك ما يزيد على 30 مليون شخص بأعمال جيدة وخدمات خيرية في تلك الذكرى السنة الماضية. ماذا لو تمكّنت كل هجمة أو إهانة من تحفيزنا على المجابهة بأعمال الخير لمساعدة الآخرين وتكريم أفضل القيم في دياناتنا وثقافاتنا؟

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3706 - الإثنين 29 أكتوبر 2012م الموافق 13 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً