العدد 372 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 16 شعبان 1424هـ

بعيدا عن الطائفية: اللعب بالتاريخ كاللعب بالنار

محمود حسن جناحي comments [at] alwasatnews.com

-

لم أفرح أبدا بتلك الهدية التي قدمها الكاتب قاسم حسين عبر «الوسط» بتاريخ 01/9/3002.

كتبت سابقا عن ممارسات وحدوية في تاريخنا على سبيل الاقتداء واعلاء الهمم، واخرى طائفية على سبيل التحذير منها والبعد عنها.

عندما تكلمت عن اناس اعطاهم رب العالمين عينين ليروا بهما بكل وضوح، فيصرون على قلع إحداهما ليروا بعين واحدة فقط، لم اكن اتصور ان نحصل - كدليل على كلامي - على نموذج اضافي اشد وضوحا من النماذج التي ذكرتها وذلك من خلال مقال قاسم حسين، الذي جاء طائفيا بامتياز، بل حتى النكتة التي استهل بها مقاله كانت «طائفية».

واقول للأخ: ما الذي تحاول اثباته بهذا الكلام الطويل عن معاوية بن ابي سفيان؟ هل تريد من اهل السنة اصدار بيان يعلن التبرؤ من معاوية؟ للسنة موقف واضح في هذا الشأن يتلخص في ان موقف علي بن ابي طالب رضي الله عنه هو الموقف الصحيح في الفتنة، وان معاوية هو الطرف الباغي، وانه عندما استلم الحكم كانت له اعمال ايجابية واخرى سلبية، لذلك لم يعتبره السنة خليفة راشدا خامسا، بل اضفوا هذا اللقب على عمر عبدالعزيز، ويظل معاوية صحابيا كما قرر فقهاء السنة ومؤرخوهم، لا كما تريد ان تقرر انت. هذا هو موقفهم، ويستندون على أدلة هي عندهم صحيحة، ولا يهمهم عدم صحتها بالنسبة لك، تماما كما لا يهمك انت عدم اعتراف السنة بما كتبه محمد بن يعقوب الكليني عن ان (الائمة يعلمون الغيب، وانهم يعلمون متى يموتون!)... هكذا التاريخ، مجاله غير بعيد عن الفكر والعقيدة، بل كلها متلازمة، ويكون فعلا ترفا فكريا، ونهجا طائفيا متى سلكنا السبيل الذي سلكته انت في مقالك. نحن نتكلم عن التقارب والتفاهم من خلال «المساحات المشتركة»، وانت تجرنا إلى تجديد الاحقاد والضغائن؟ ثم تتهكم على قول السنة «سيدنا معاوية. وسيدنا حجر بن عدي» هل تريد ان تشغل الطرفين بإظهار الاخطاء والتناقضات؟ الا تلتفت إلى الداخل قليلا لحل اشكال التناقضات بدل أن تنشغل بالغير؟ اليس هناك من يعتبر الاعتراف بتنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية تناقضا مع الايمان بوجود نص إلهي على امامته؟ ثم ماذا يفيدك الاستشهاد بكلام طه حسين، الذي انكر صريح القرآن عندما نفى صحة قصة بناء ابراهيم واسماعيل عليهما السلام للكعبة! ام بكلام الشرقاوي المفكر الماركسي! وما رأيك لو استشهدنا نحن بكلام أحمد الكاتب عن (المهدي المنتظر)، أو بكلام موسى الموسوي عن (العصمة)، أو بكلام الشيخ محمدحسين فضل الله عن أسطورة كسر ضلع الزهراء رضي الله عنها)؟ اتحسب أن الآخرين لا يملكون ما يهاجمون او ينتقدون به الطرف الآخر؟ بلى والله، ولكنها الرغبة الصادقة في لمّ الشمل ونسيان الاحقاد وطي صفحة الماضي.

إن التاريخ (شعاع من الماضي ينير لنا الحاضر والمستقبل)، ولكن يبدو انه بالنسبة لبعض الناس (دخان من الماضي يحجب عنا الحاضر والمستقبل)

العدد 372 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 16 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً