العدد 3735 - الثلثاء 27 نوفمبر 2012م الموافق 13 محرم 1434هـ

موسم عاشوراء... والإعلام المغيب

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

إن الإعلام الذي يخفي رأسه في التراب تارة، ويضع على عينيه نظارات قاتمة تارةً أخرى، يتعمد إخفاء حقيقة إنسانية وأخلاقية ووطنية وثقافة وفكر وإبداع وسمو إنسان هذا البلد في موسم عاشوراء.

هذا الموسم تتنوع فيه الفعاليات الفنية والفكرية والثقافية والتاريخية والصحية والبيئية، ولكن الإعلام يحاول أن يتغافل عن اهتمام 500 ألف مواطن ووافد، من رجال وشباب ونساء وشابات وأطفال، الذين يحيون هذه الذكرى التاريخية، التي يجري إحياؤها في هذا البلد منذ قرون، قد تصل إلى التاريخ الذي حدثت فيه الواقعة، والذي يشارك فيه مختلف فئات وأطياف المجتمع، ومن مختلف المستويات العمرية والاجتماعية.

لا ريب أن ما يفعله الإعلام الذي يتجاهل أو يتغافل عن هذه المناسبة الكبيرة ليست له علاقة بمهنة الإعلام الحقيقي الذي يحترم نفسه، والذي لا يتأثر ولا يتبدل بالمؤثرات السياسية أو الطائفية. ولاشك أن الإعلام الذي يغيّب نفسه عن مساحات واسعة في الوطن، فإنه يفقد مصداقيته في الأوساط الإعلامية التي تحترم أخلاقيات هذه المهنة. وهو يعلم عن الحقيقة العددية للذين يحتفلون بهذه الذكرى السنوية، ويعلم أيضاً أنه لا يمكنه التعتيم على ما يمارس ويقدّم في هذا الموسم الديني الكبير. وهو على يقين أنه لا يستطيع تجاهله إعلامياً، وفي الوقت نفسه لا يمكنه الادعاء بأنه لم ير ولم يسمع كل ما يحدث في بلاده في مثل هذه الأيام، لأن غيره ممن هم أكثر منه خبرةً إعلاميةً في هذا العالم الفسيح، سينقلون بأقلامهم وعدساتهم عن الروح الإنسانية التي تتجلى مظاهرها في هذا الموسم، حيث يقف الناس في حملات التبرع بالدم في طوابير طويلة ليتبرعوا بدمائهم باسم صاحب الذكرى، الإمام الحسين (ع)، لأناس لا يعرفونهم، وبكمياتٍ كبيرةٍ تسدّ حاجة بنك الدم لفترات طويلة، من دون أن ينتظروا مقابلاً مادياً، أو يطلبوا الشكر والثناء من أحد، راجين من وراء عملهم الصالح هذا، رضا الخالق جلت عظمته.

ووزارة الصحة تعلم عن القيمة الإنسانية لهذا المشروع الذي قلّ نظيره في عالمنا العربي، وسينقلون عن إبداعاته الفنية التي تكشف بوضوح عن الماهية الأخلاقية لأصحابها، وسينقلون عن ثقافته بكل معانيها الفاضلة التي تفتح آفاقاً واسعة للناس في مختلف المعارف المفيدة التي تنمي مدارك العقول، وسينقلون عن فكره الذي يحاكي العقل والنفس معاً. وسينقلون عن عمق عاطفة إنسان هذا البلد الذي يذرف دموعه بغزارة، كباره وصغاره، حزناً على ريحانه رسول الله (ص).

وسينقلون عن أخلاقياته الرفيعة التي لا تميز في عطائها الفكري والثقافي والإنساني، ولا في الضيافة، بين أحد من الناس، فكل إنسان في معاييره الأخلاقية محترم ومقدر. وسينقلون للعالم عن الطوابير الطويلة من الآسيويين بمختلف أعراقهم ولغاتهم، الذين يقفون مع إخوانهم في الإنسانية من أبناء هذا الوطن الطيب بكل أمن وسلام واطمئنان من دون أن ينتابهم خوف أو وجل، ليتسلموا وجباتهم المتنوعة من المضائف التي تقام في أكثر المناطق في البلاد، ليكشفوا بوضوح عن الزيف الذي كان يشاع عن استهداف المواطنين للآسيويين.

وسينقلون عن كرم وسخاء إنسان هذا البلد في مختلف الأحوال والظروف القاسية، الذي أذهل الكثيرين الذين لا يعرفون حقيقة ماهيته الأخلاقية، وسينقلون عن عراقته وأصالته، وعن عفويته التي يقف عندها المنصف والباحث عن الحقيقة بكل تقدير واحترام. وسينقلون عن سلمية المشاركين فيه بكل أبعادها الوطنية والأخلاقية والإنسانية والاجتماعية. وسينقلون عن التلاحم الوطني بين المكونات العرقية والدينية، الذي تجلى بشكل كبير في المحرق ومدينة عيسى ومدينة حمد، فوسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة عملت بصورة واسعة في نقل كل فعاليات الموسم أولاً بأول لجميع أنحاء العالم، فلا مجال لأي إعلامٍ تغييب هذا الحدث الإنساني الكبير، فهو حاضر بكل حيثياته الراقية، وبصورةٍ واسعةٍ في أوساط المجتمعات الإنسانية. والإعلام الذي غاب عن تغطيته، وحبس أقلامه عن الكتابة عنه، وأمسك عدساته عن التقاط صوره، إنّما يغيب وجوده في الذاكرة التي تكبر المشاعر والأحاسيس الإنسانية، والتي تجدها في مثل هذه الذكرى تردد بلسان مبين... السلام على صاحب الذكرى يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3735 - الثلثاء 27 نوفمبر 2012م الموافق 13 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 12:32 م

      يا حسين

      أحسنت. موضوع رائع ومعبر جداً

    • زائر 6 | 9:48 ص

      دمي مواغلى من دمك

      ان الامام الحسين عليه السلام بذل دمه رخيصا من اجل عدة اهداف ساميه اهمها طلب الاصلاح في دين جده المصطفى الذي شوهوه .....بسياساتهم الدنيئه ودماءنا التي نبذلها في كل موقع هي بالطبع ليست اغلى من دمائه الزاكيه

    • زائر 3 | 1:05 ص

      لا حاجة لنا لاعلامهم

      الاعلام الغير صادق والمسيس لصالح فئة معينة لاحاجة لنا به ونحن براء منه براءة الذئب من دم يوسف ع

    • زائر 1 | 11:27 م

      زائر رقم

      الشمس لا يغطيها السحاب

اقرأ ايضاً