العدد 3745 - الجمعة 07 ديسمبر 2012م الموافق 23 محرم 1434هـ

الصورة المشوهة

مالك عبدالله malik.abdulla [at] alwasatnews.com

.

يتعب بعض الوزراء والمسئولين أنفسهم بتصريحات منمقة تم صفها واختيار كلماتها بعناية فائقة، ولا تكاد تمر جملة فيها إلا وكان بها حقوق الإنسان وأولوية المواطن، وخدمة المواطن وأمن المواطن، تضاف إليها جملة «محاولات تشويه صورة البحرين في الخارج»، وهذه العبارة الأخيرة أخذت حيزاً كبيراً لدى بعض المسئولين.

ولكن هذه التصريحات المنمقة والمصفوفة لا تتحدث عن صورة البحرين والمؤسسات الرسمية لدى المواطن البحريني الذي يُتغنّى باسمه في البيانات، ويتغنى بمراعاة حقوقه وصونها. فالحقيقة والعقل يقولان ان كل الدنيا وكل منظمات العالم لو عملت وأصدرت بيانات تخالف واقع المواطن فإن تلك البيانات لن تكون سوى فقاعات وكلام لا طائل منه، لكن المشكلة تكمن عندما تلتقي البيانات مع ما يشعر به المواطن، حينها لن تكون تلك البيانات مجرد فقاعات.

صورة ما يعانيه المواطن البحريني في الكثير من الجوانب لا يحتاج إلى بيانات أو منظمات لتحكي عنه، فهذه الصورة هي صورة الشاب عقيل عبدالمحسن الذي تشوه وجهه بفعل طلق مباشر عليه، ومثلما أن هذا التشوه لا يحتاج إلى بيانات لتبيانه فإن الصورة الكاملة لما يجري لا يحتاج بيانها إلى أية بيانات خارجية أو داخلية.

الصورة المرسومة لدى المواطن البحريني هي أكثر من 54 ألف طلب إسكاني لبيوت هي «قراقير»، ينتظرها سنوات وسنوات، بينما تبنى فلل على أراض كانت ملكيات عامة تساوي مساحة الواحدة منها 4 أو 6 بيوت من بيوت المواطنين، ويأتي ذلك في إطار الحفاظ على صورة البحرين من أي تشويه!

هذه الصورة ترسمها حالات الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وهيئاتها، ويوثقها تقرير الرقابة المالية والإدارية، ولكنه فساد من دون مفسدين أو محاسَبِين على ما يجري فيه، وذلك لأن المرتكبين إما «هوامير» أو مخفيين. وصورة أخرى ترسمها أراض وُثّق برلمانياً تحولها من الملكيات العامة إلى أملاك خاصة، وسواحل ضاعت ورمال تُسحب، ولكن كل ذلك ليس للمواطن منه إلا السمع والنظر، وأما الاستفادة منه فهي حصرية لمتنفذين.

هل يمكن أن تتحدث تلك البيانات عن صورة البحرين المطلوب رسمها في عيون أطفال القرى والمناطق وخصوصاً أطفال قرية مهزة بجزيرة سترة بعد أكثر من شهر من شعورهم بالرعب؟ هل هذه هي الصورة المطلوب نقلها إلى أجيال المستقبل والعالم؟

أية صورة رسمت في مخيلة أطفال فقدوا الأب أو الأم، إما ضحايا لأنهم طالبوا بحقوقهم أو سجناء لأنهم عبّروا عن رأيهم؟ أية صورة انتقلت لتلاميذ يرون المدرسين والمدرسات وقد سحبوا إلى السجن أو أوقفوا عن العمل لأنهم قالوا: «لنا مطالب».

الصورة الصحيحة، هي صورة البحرين التي يكون العدل فيها أساساً لكل المعاملات، وتكون فيها الكفاءة والمساواة معياراً للتعامل، ويكون فيها القانون العادل المرضي من الجميع هو السائد والمطبق على الكبير مثلما يطبق على الصغير. حينها ستكون الصورة التي ترسمها المنظمات الدولية أو حتى العالم بأسره إن خالفت ما يشعر به الناس من عدالة فهي سراب لا تأثير له.

إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"

العدد 3745 - الجمعة 07 ديسمبر 2012م الموافق 23 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 3:33 ص

      عندما يسود العدل.. لا داعي للتملق وانتقاء الكلام

      نعم؛ عندما يسود العدل محل الظلم والاضطهاد فإن كل العالم سيشيد بالدولة، ولن يكن هناك أي داعي لتوظيف الملايين لإظهار صورة مغايرة عما نعيشه ونراه كل يوم في البحرين...

    • زائر 4 | 12:40 ص

      بارك الله فيك

      بارك الله فيك
      عفيه عليك الصراحه راحه
      ومقال في الصميم
      هذا الحس الذي نحتاج اليه
      كلام يصحي النفوس النائمة اللتي تحتاج للصعق لكي يصحوا
      ضميره

    • زائر 3 | 12:27 ص

      بيانات

      لو كان هناك :
      عدالة في توزيع الثروة بين أبناء الوطن
      محاسبة المفسدين
      محاسبة المنتهكين لحقوق الناس
      احترام معتقدات واديان المواطنين
      مراعاة الله في أبناء الوطن
      اعتماد الكفاءات والمؤهلات كمعيار
      بعدها لن نكون في حاجة الى بيانات منمقة

    • زائر 2 | 12:23 ص

      مقال رائع

      شكرا لك على كل كلمة كتبتها .. أصبت و أجدت .. هم يشوهون صورة البحرين يوميا اولئك الدين اختصروا الوطن

    • زائر 1 | 10:46 م

      العدل

      العدل اساس الحكم وكفى

اقرأ ايضاً