العدد 3764 - الأربعاء 26 ديسمبر 2012م الموافق 12 صفر 1434هـ

المعلقون في الارض

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

حين أبدع الكاتب المصري الشهير طه حسين مجموعته القصصية «المعذبون في الأرض»، التي عكست أزمات الحياة المصرية التي خاضتها في مرحلة الأربعينات ومثلت معاناة الناس بشتى أشكالها، لم يكن يعلم أن في جزيرةٍ صغيرةٍ تكاد لا تُرى، يعيش المعلقون في الأرض، وربما يكون ذلك استكمالاً لمجموعته القصصية بنكهةٍ بحرينية.

منذ اندلاع الاحتجاجات في البحرين، أسفر التعاطي الرسمي عن مجموعة من المعلقين في الأرض، وتصدر المفصولون واجهة المعلقين، عاد عددٌ كبيرٌ منهم، لكن جزءاً منهم لم يعد، لم ينبش قضيته أحد، لم تساوم عليه جهة، وبات عدم إرجاعهم أمراً مقضياً.

تسابقت جميع الجهات في فصل المواطنين، بحجة الغياب أحياناً، ووفق الهوية في أحيان أخرى، وكان ذلك لدى البعض عملاً وطنياً خالصاً لوجه الوطن، وحين انقلبت الموازين، وتدخلت الجهات المعنية للضغط عاد جزء كبير من المفصولين، فيما بقي آخرون لا ناصر لهم، سمعنا عن المفصولين من قطاع الإعلام، في الوزارة والصحف، ولم نسمع عن إعادتهم أبداً، هؤلاء مازالوا ينتظرون أملاً، يريدون أن يستأنفوا الحياة، ومازال بعض المفصولين من الشركات والقطاعات الأخرى ينتظرون عودة لا تنتقص حقوقهم التي اكتسبوها على مدى سنوات بقوة القانون، يريدون عودة من دون تنازلات وهي حقهم المشروع.

ليس المفصولون في هذا البلد وحدهم المعلقون، هناك العسكريون أيضاً، الذين اعتقلوا وفق الهوية، بعضهم سُرح من الخدمة، فيما كثيرٌ منهم مازالوا ينتظرون، إما إمساك بمعروف أو تسريحٌ بإحسان، هؤلاء توقفت حياتهم مذ ذاك، عاجزون عن العودة لأعمالهم، تماماً كما هم عاجزون عن الالتحاق بعمل آخر يضمن قوت يومهم.

وهناك المحكومون في قضايا، أثبتت الدلائل عدم صحتها، وما عاد أحدٌ يخوض بها، إلا أن الأحكام سارية، والتنفيذ مستمر، ومع كل جلسة للمحكمة يعلو صوت الناس مطالبين بالعدالة، من أشهر تلك القضايا ما وقع في جامعة البحرين، وما أثبتته مشاهد الفيديو من دخول أشخاص ملثمين وكبار بالسن يعتدون على الطلبة ومع ذلك هؤلاء طلقاء أحرار، والطلبة مذنبون معتقلون.

تلك نماذج فقط للمعلقين في هذه الأرض، وهناك بين كل أولئك القلوب المعلقة، تلك التي تنتظر العدالة، تريد حقاً لا يضيع، وأماناً لا يلتوي، وتريد الإنصاف، وتطلب قانوناً لا يتلون، العدالة هي أولى الخطوات للمضي للأمام، من دون عدالة لا وجود للتسامح، لا أساس للإصلاح، ولا جدوى من كل المحاولات، من بين هؤلاء من قتل ابنه، أو عذب، أو اكتسب إعاقة بسبب تجاوز القانون، هؤلاء ينتظرون إنصافاً، في محاكم الدنيا، فمحاكم الآخرة لا خوف منها ولا هم يحزنون، لكننا في دولة القانون، نريد أن نرى قانوناً كالمقصلة ينزل على الرقاب بالتساوي، لا يستثني من حده أحداً، أما وقد أصبح القانون تطويعاً للاحتياجات والأهواء، فإن هؤلاء وكثيرين سيملأون طوابير الانتظار ذات يوم في محاكم لا تعرف أسماء المحتكمين، بل أفعالهم، وسيكون الحق عندها حقاً، والباطل باطلا.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3764 - الأربعاء 26 ديسمبر 2012م الموافق 12 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:48 ص

      حارة كل من ايدوا له

      قبل 40سنة كان هناك مسلسل صح النوم بطولة غوار الطوشه (دريد لحام) وحسني البرزاني( نهاد قلعي) يعيشون في حارة لاقانون فيها وكنا نضحك من احداث هذا المسلسل لكننا بعد هذه السنين عشنا احداث هذا المسلسل حيث لاقانون يستطيع الانسان ان يحميه فأصبحنا نعيش كقانون الغاب القوي يأكل الضعيف ,,,,, الله المنتقم على كل ظالم

    • زائر 4 | 1:44 ص

      رذائل كانت تمارس خفية وبعد الاحتجاج اصبحت تمارس على عينك يا تاجر

      لماذا يحتج الشعب؟
      لماذا يرفض الظلم
      لماذا يرفض التمييز العنصري
      لماذا يرفض الفساد
      لماذا يقول ان هناك فساد من اصله
      لماذا لماذا جوابها
      هجوم بالليل والناس نيام
      قتل مجموعة وجرح آخرين
      ثم اعطاء الامان والهجوم مرة اخرى
      ثم تلفيق التهم واعتقال من يسعف الجرحى لماذا يسعفهم وهم يرودنهم قتلى
      لا جرحى كي يؤدبوا الشعب
      ثم تفتح ابواب السجون وادخلوا فيها من هذه الطائفة من تقع يدكم عليه
      وتعلق مشالح التعذيب ويسقط من يسقط شهيدا تحت التعذيب
      ويفصل الناس من اعمالهم
      ثم تأتي محاكم التفتيش
      والقادم اخطر

    • زائر 3 | 11:34 م

      عدالة السماء هي العدالة الحقة

      "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" يوم يعض الظالم على يديه. هاتان الآيتان الكريمتان كفيلتان بالعبرة ومحاسبة النفس قبل يوم الحساب, فهل من متفكر وواعي؟ (محرقي/حايكي)

    • زائر 2 | 9:47 م

      بل نحن اسوأ

      نحن من قتلنا بدم بارد واعتقلنا وعذبنا في طوامير تحت الارض وفصلنا من اعمالنا وهدمت مساجدنا وحوصر اهالينا في منازلهم وسحبت جنسيات المواطنين وهجر من هجر واعلنت الحرب علينا كطائفة في التلفزيون والصحف الرسمية وحظرت المسيرات وفقأت الاعين ودخول قوات ملثمة على البيوت وانتهاك حرماتها واعراضها وكذلك دخول قوات من الخارج.
      كأنهم نسوا ان الله حق ويرى الحق ويحققه قريب انشاءالله

    • زائر 1 | 9:36 م

      متى هاليوم

      امي كانت احد المختطفات من العمل لم نعلم اين هي وفي اي سجن هل هي موجودة على قيد الحياة ام قتلت ابان السلامة الوطنية .
      الهي بحق محمد وال ومحمد انتقم لنا ممن ظلمنا ونسألك فرجا عاجلا قريب ونصرا كلمح البصر او هو اقرب

اقرأ ايضاً