العدد 3798 - الثلثاء 29 يناير 2013م الموافق 17 ربيع الاول 1434هـ

الإفلات من الحوار البحريني... كالإفلات من العقاب

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

المتابع لمجريات الساحة البحرينية الداخلية يلاحظ حالة التذبذب التي تعيشها الجهات الرسمية، في مقابل حالة التخوف والقلق التي تحيط بالفئات التي ساهمت في شطر المجتمع تحت حجج واعتبارات واهية وغير مسئولة، ولاسيما تلك التي تعتقد أن تفكيك النسيج المجتمعي سينفع في منع حركة الإصلاح.

هناك فئة تصنف بـ «المنتفعة» لصالح مصالحها والفوائد التي تجني من وراء هذا الانشطار، وهي تقوم أيضاً بدور المحامي للوضع القائم على توهمات لا يصدقها أي مراقب محايد.

إن المشكلة السياسية في البحرين لها جذور تاريخية تعود إلى سنوات طويلة، ولا يمكن لمن يدعي خلاف ذلك أن يشطب مراحل التاريخ الموثقة بالنضالات وبالانتهاكات.

ليس من الصحيح أن تسيطر العقلية الأمنية على الشأن العام إلى الدرجة التي يتم فيها تقسيم المجتمع. ونحن نرى أن حال البحرين لا يسر من يحبها، وأصبحت تجذب الأخبار السيئة؛ لأن هناك من يواصل الأعمال غير المتلائمة مع توقعات المجتمع الدولي فيما يتعلق بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والشفافية.

لقد أعلن وزير العدل عن نية الحكومة البدء بحوار، وسارعت القوى السياسية البحرينية للترحيب بذلك، ولكن بعد ذلك بدأت عملية التهرب للإفلات من الحوار.

إن الإفلات من الحوار ما هو إلا امتداد لممارسات الإفلات من العقاب التي عانت منها البحرين على مدى سنوات، وتفاقمت في الأحداث الأخيرة التي شهدتها منذ (14 فبراير/ شباط 2011) وحتى الوقت الحالي.

لقد كان تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المعروف بـ «تقرير بسيوني» واضحاً في جانب المحاسبة لمن ارتكب جرائم بحق الإنسان البحريني، وعلى رغم الوعود الرسمية بالمحاسبة، إلا أن المراقب للشأن البحريني يستطيع أن يستشف سيادة سياسة الإفلات من العقاب.

وعلى الرغم من التعهد الرسمي بمحاسبة المسئولين عن الانتهاكات ضد المحتجين وإنشاء مكتب خاص ليقوم بذلك، غير أن هذا المكتب يفتقر إلى الاستقلالية والحيادية - بحسب نشطاء حقوق الإنسان - كما لوحظ عدم الجدية في التعاطي مع قضايا التعذيب، ويتم توظيف هذه القضايا للاستهلاك الإعلامي، وهذه الممارسات يجب أن تتوقف، ويجب فتح صفحة جديدة على غرار ما حدث في المغرب مثلاً قبل سنوات؛ لأن ملف الانتهاكات هو من أعقد الملفات في البحرين، ولا يمكن التعامل معه بالصورة الحالية، وهو الأمر الذي يبعث على الخيبة وفقدان الثقة - بحسب المهتمين بالشأن البحريني - في جدية ما يطرح عن السعي لتصحيح مسار الأمور؛ إذ إن سياسة الإفلات من العقاب ساهمت في استمرار الانتهاكات.

إن أهمية الحوار تكمن في حقيقة وجدية هذا الحوار بين جميع الأطراف على حدٍ سواء، ومحاولة إفلات الجانب الرسمي من الحوار لا يبشّر خيراً بالنسبة للراغبين بحل المشكلة.

إن عقلية الحوار تتطلب تضحية من جميع الأطراف للخروج من حال المشكلة السياسية، أما عدم الاعتراف بالمشكلة معناه عدم الاعتراف بمكونات المجتمع، وإنكار حقيقة أن المجتمع مازال يطالب بما هو محرومٌ منه منذ زمن طويل.

إن البحرين في أمسّ الحاجة لتعزيز مفاهيم جديدة تخرجها من أزمة قد تتفاقم وتتعقد خيوطها.

وإن ما تنفقه الدولة على مدى عام من أموال طائلة على الخبراء الدوليين لمساعدتها في الإصلاح سيذهب هباءً ما لم تظهر إرادة سياسية حقيقية لاتخاذ قرارات صعبة، خصوصاً فيما يتعلق بمحاسبة المسئولين عن الانتهاكات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ومعالجة التمييز... كل ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية قبل فوات الأوان.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3798 - الثلثاء 29 يناير 2013م الموافق 17 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:16 ص

      كلام ممتاز

      ياأختنا الكل يقراء ويفهم الذي يجري على هذا الشعب الاعزل ولكن المصيبه هي مصالح الدول الكبرى من سوف يحميهاء لهم غير الاجانب والمتمصلحين في هذا البلد واما موضوع حقوق الانسان كله مصنف تحت قانون 56 والذي يحمي الذينه قتلوا وعذبوا المواطنين.ولاهناك حوار ولابطيخ السلطه هي الحامي والمراقب لما يجري وهي ليست طرفا في كل ما يجري في البلاد بس كل مصائبكم ترمونها على السلطه وأسرائل انتم العرب واجد مشكله على العالم.(ولله مهزله في البلد)

    • زائر 6 | 2:31 ص

      اين يفلتوا من ربّ العالمين ولله سنن في الارض لا تخطوا احدا

      لا يوجد احد مستثنى من سنن الله: هم فلتوا من العقاب وفلتوا من التوصيات وسوف يفلتون من الحوار ولكن لله امر هو أشدّ مما يتوقعون واذا رأيت الخالق عز وجل يملي لك وانت تظلم فتيقن ان هناك مكر الهي سوف يحيق بك ان عاجلا ام آجلا هي تلك سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا

    • زائر 5 | 1:48 ص

      سنظل نلاحقهم بحقوقنا اينما ذهبوا واينما راحوا

      لا مفرّ من الحصول على حقوق هذا الشعب عاد السلطة هربت يمين يسار
      قتلت سجنت فصلت هجرت لم ولن ينفع ذلك وها نحن نرى ذلك واقعا على الارض

    • زائر 4 | 1:06 ص

      هذا المقال من افضل ما قرأت اليوم

      التهرب من الحوار و التهرب من التوصيات التي يفرضها المجتمع الدولي بل التهرب من الاتيان بموجبات مشروع الاصلاح 2000 تدخلنا كل يوم في مسار جديد من لعبة المتاهة .الحوار وسيلة لاحداث اصلاح وليس غاية في نفسه ولأن السلطة تمتث مفاتيح الحل كان يمكن ان تعبر عن رغبتها بالاصلاح من خلال مجموعة الخطوات

    • زائر 3 | 1:03 ص

      عبدالرحمن

      يا عزيزتي، هم أفلتوا من العقاب و أفلتوا من الحوار، يقولون إنهم سيديرون الحوار و تحت رعايتهم (كناية عن تحكمهم) يعني أفلتوا منه وأفلسوه من كل مضمون وضامن.

    • زائر 2 | 12:46 ص

      مواطن

      بارك الله فيكِ استاذة ريم

اقرأ ايضاً