العدد 3799 - الأربعاء 30 يناير 2013م الموافق 18 ربيع الاول 1434هـ

من وحي العراق

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

هنا، حيث تحط رجلاك في مطار النجف الاشرف تستقبلك نخيل العراق المتناثرة يمينا وشمالا، فتنبئك الطائرة عبر نوافذها وقبل ان تحط بأنك مع موعد حتمي مع رؤية مشاهد الفقر والبؤس والحرب، ورغم صدق هذه النبوءة، الا انك تتفاجأ ما ان تحط قدماك بلحظات انك امام شعب يحب الحياة ويعشقها، شعب شغوف بالتسامح رغم كل ما يشاع عن انقساماته وتحزباته وآلامه.

هنا النجف الاشرف، والتي كانت على الدوام على علاقة وثيقة بأهل البحرين، ولاتزال تربط بينهم وشائج الرحم والقربى، والنجفيون كسائر العراقيين بينهم وبين البحرينيين علاقة خاصة، والحال ذاته يقابله اولئك، والتاريخ يؤكد ذلك والواقع الذي نراه يبصم عليه، هنا، انهكت حملات الكراهية وتعبت، صحيح انها لم تضع اوزارها بعد، لكن مآلها بات معروفا، العراق بلد غارق في السياسة، كما هو غارق في الامطار الان، بنيته السياسية هشة، كما هو حال بنيته التحتية المتهالكة، لكن العراقيين لا يتحدثون كثيرا عن السياسة فهي لم تعد تستهويهم، فقد ذاقوا لظاها بالقدر ذاته الذي انكووا فيه بلهيب الحروب والارهاب، لكنك تراهم يتحدثون دائما عن احلامهم في وطن حر وشعب كريم، وعندما تقف مع بسيطهم ومثقفهم، تجد الاثنين يملكان الحلم والامل ذاتهما في ان يكون غد العراق والعراقيين جميعا افضل من امسهم ويومهم.

هنا في العراق كذلك، تختلط مشاهد الحياة بالموت، والامل باليأس، والسعادة بالتعاسة، لكنك ترى ارادة الحياة هي المشهد الابرز والاجمل، وحينما تسألهم عن الدرس الاهم الذي يقدمونه لبقية الشعوب بعد كل سنوات الاسى والبؤس، اجابتهم في الغالب تتوحد في عدم الانجرار الى حملات الكراهية التي تأتي من اي طرف كان، فهي تهدم ولا تبني وطنا، تشيد للناس قصورا من الاوهام، التي ما ان يستيقظوا منها حتى يجدوا انفسهم كغيرهم خاسرين.

البحرين، كما العراق، بلد خير وطيبة، البحرينيون يعشقون الحياة، كما يعشقها غيرهم من شعوب الارض، وهم ليسوا اقل شأنا أو مكانا من اي شعب آخر، ومن حقهم ان يحلموا ببلد ينعمون فيه بالكرامة والعزة والحرية والمساواة، بلد يشتركون في قراره وفي امنه وخيره.

واذا ما كان لنا من درس نستلهمه من وحي العراق، فجدير بنا ان نؤمن ان ارادة الشعوب في الحياة اعلى صوتا واوسع صدى من كل دعوات الكراهية والحقد والاستئثار، نحن لا نحتاج لكل آلام العراقيين لنعي ذلك، لكننا بالتأكيد بحاجة جدا لآمالهم في مستقبل افضل لابنائنا، مستقبل لا ترجف فيه آمالنا وآمال شعبنا، مستقبل يعيش فيه كل البحرينيين بكرامة وعزة وخير.

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 3799 - الأربعاء 30 يناير 2013م الموافق 18 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:13 م

      نعم الشعب العراقي طيب ولكن

      نعم العراقيون في الوسط والجنوب اناس طيبون تعرضوا لابشع عملية ظلم واضطهاد من اقلية تحكمت بالبلاد فعاثت فيه فسادا وقتلا وتدميرا , ولما سقطت تلك العصابة وسقط معها حكم الاقلية ثارت ثائرتهم واتجهوا الى العنف وقتل الابرياء بالمفخخات في الشوارع والحسينيات باعذار سخيفة منها انهم اهل العراق وانه لا يحق لاحد ان يحكمه غيرهم وان الذين يحكمونه الان هم صفويون فرس مجوس ابناء ... شروك معدان من اصول هندية لا لسبب الا لان الاكثرية فازت في انتخابات حرة ونزيهة ومع ذلك فقد نالت الاقلية نصيبها ايضا ولكنها لا تريد ؟

    • زائر 3 | 1:20 ص

      شكرا اخي

      كلام معبر يبعث على الامل و الاصرار على الوصول الى واقع افضل بعيدا عن الكراهية و الدسائس. شكرا مرة اخرى يوم ذكرتنا بارض نحن اهل البحرين نتوق اليها مدفوعين الى حبها دون وعي.

    • زائر 2 | 12:33 ص

      ومن يعتبر !

      ياليت ما يسمى بجمعيات التحالف الموالية للسلطة تحديدا يدركون هذا الكلام؛ عندئذ ستحل أزمة البحرين المستعصية، وطالما أنهم يريدون الاستئثار بكل شيء ، وحرمان شركائهم في الوطن من كل شيء ؛ فهم دائما استقر في أنفسهم واهمين أنهم خلقوا ليحكموا ، أما غيرهم فمحكومون وعبيد لهم ؛ وبالتالي لا يفكرون الا بهذه العقلية المتعالية والصلافة

اقرأ ايضاً