العدد 3817 - الأحد 17 فبراير 2013م الموافق 06 ربيع الثاني 1434هـ

الحوار... إلى أين يتجه بالأزمة السياسية؟

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

ثبت بالدليل العملي والميداني أن الأزمة السياسية التي دخلت عامها الثالث لا تقبل الحلول المؤقتة أو الترقيعية، بل تريد حلاًّ حقيقيّاً يستنقذ البلاد والعباد من الأزمات في المستقبل القريب والبعيد.

والتفكير بحلول جزئية أو وقتية لم يعد نافعاً ولا مقنعاً لقوى المعارضة ولا لجماهيرها العريضة، وقد أجمع العالم على كلمة واحدة، بشأن وجوب دخول السلطة وقوى المعارضة في حوار أو تفاوض جاد بآليات واضحة، ينتج حلولاً حقيقية للأزمة، التي توغلت بقوة في النفوس. فلم يستثنِ الانتقام الطائفي غير المحسوبة عواقبه فئةً في المجتمع، وبعد مرور أكثر من عامين على الحراك السياسي ثبت أن الخيار الأمني لم يكن خياراً صحيحاً لحل الأزمة، وهذا لا يحتاج إلى دليل. فالواقع يثبت بوضوح أن الحل الأمني زاد من تعقيد الأزمة وتأزيمها، ووسَّع من تداعياتها الحقوقية بصورةٍ لم يكن أحد يتوقعها. وهو الذي بسببه جعل الوطن يواجه التنديد والاستنكار من المنظمات الحقوقية الدولية وعواصم الدول الكبرى. فالقوى المعارضة وافقت على المشاركة في الحوار على رغم الضبابية التي تحوم حوله، من أجل أن تثبت للعالم أجمع حرصها على حل الأزمة السياسية، ومن خلال وجودها فيه تريد أن تقول إنها قادرةٌ على تثبيت وتوثيق حقوق الشعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مختلف المحافل المحلية والدولية، وأنها ستثبت قدرتها السياسية كما أثبتت قدرتها الحقوقية في المحافل الدولية.

إن تشكيلة وفد قوى المعارضة قد أثبتت تركيبتها الوطنية بامتياز، وأنها ليست طائفية في حراكها السياسي كما حاول الإعلام الرسمي الترويج له طوال عمر الأزمة. وقد أثبتت من أول جلسةٍ في الحوار أنها تمتلك تصوراً كاملاً ومحكماً لكل القضايا التي يعاني منها الوطن، ولديها برنامج شامل لحل المشكلات والقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية. فجاءت بتسع نقاط دقيقة في معناها ومضمونها وصياغتها، ولو تم تفعيلها - من وجهة نظر المعارضة - لتحقّق الحوار الجاد الذي نادى به العالم الديمقراطي.

وقد ركّزت المعارضة في نقاطها التسع الواردة في رسالة وجهتها إلى وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، على مفهوم الحوار والتفاوض، وطالبت بأن تكون السلطة طرفاً أساسيّاً في التفاوض، وأن تكون نتائج المفاوضات قرارات وصيغاً دستورية وليست مجرد توصيات.

وقد طالبت المعارضة بأن تشمل أجندة المفاوضات تشكيل السلطة التنفيذية المنتخبة التي تعبّر عن الإرادة الشعبية، وتشكيل وصلاحيات السلطة التشريعية والنظام الانتخابي العادل، واستقلالية السلطة القضائية، مع تحقيق الأمن للجميع، وحل ملفات التجنيس السياسي والفساد والتمييز، إضافة إلى تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة، التي تؤدي إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي في البحرين، وإطلاق الحريات العامة وترشيد خطاب الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، وتحقيق العدالة الانتقالية.

كما طالبت المعارضة بتحديد آلية التفاوض، والتمثيل المتكافئ للأطراف والجدول الزمني للمفاوضات، وآلية تنفيذ الاتفاق النهائي ووضع ضمانات للتنفيذ.

ومن أجل أن يتوافق الحوار مع المعيار الدولي، طالبت المعارضة باستشارة خبراء من الأمم المتحدة، واستشاريين قانونيين دوليين، وحضور ثمانية من المستقلين الوطنيين من قبلها، وجميع هذه الأمور يعتبرها العالم الديمقراطي مطالب محقة وبسيطة جدّاً. كما أن رفض جلّها أو بعضها يجعل قوى المعارضة في موقف أقوى أمام العالم الذي يؤمن بالديمقراطية الحقيقية، فلا سبيل لاستمرار الحوار إلا القبول بتلك المطالب الأساسية التي تؤدي إلى جعل الحوار جادّاً. والجدية بالتأكيد تساعد على تحقيق المطالب المشروعة، التي من أجلها خرجت أكثرية أبناء الشعب للمطالبة بتحقيقها كاملةً. فنجاح الحوار يعتمد على الاستجابة لهذه المطالب الدستورية المشروعة، وأي تعثر أو عرقلة في تنفيذها يؤثر سلباً على النتائج.

إن الإرادة الشعبية التي جعلها الدستور مصدر السلطات الثلاث، هي التي تحدّد استقلالية السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في البلد، وتحقق مثل هذه المطالب الشعبية الراقية سينقل البلد إلى بلد يتمتع بديمقراطية حقيقية، ويجعل الشعب مثالاً يُشار إليه بالبنان، لسلميته وإدراكه ووعيه السياسي.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3817 - الأحد 17 فبراير 2013م الموافق 06 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:00 ص

      الازمة السياسية اكبر من الحوار

      اكبر منه: لان المطالب المطروحة وهي الحد الادنى المعقول بعد هذه التضحيات لايمكن ان يحققها الحوار..لان ثلثي المتحاورين لاصفة لاموقع حقيقي لهم كمفاوضين فاما انهم ممثلين غير مفوضين واما انهم مجرد مشجعين ومناصرين للحكومة..والثلث الباقي لايفي بتمثيل المعارضة تماما..فالمعارضة المغيبة في السجون هي الوحيدة القادرة على اقناع الشباب الذي شاهدناه كيف فاجا المشهد في 14 فبراير..فبدون اقناعه لان يكون هناك حل طويل الامد.

اقرأ ايضاً