العدد 382 - الإثنين 22 سبتمبر 2003م الموافق 26 رجب 1424هـ

الطائفية والمناطقية والعرقية والقبلية ليست للأحزاب السياسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يتردد في الأوساط البحرينية ان جمعية أهلية بصدد التأسيس تتخذ من «المناطقية» أساسا لعملها، وان هذه الجمعية قد تبدأ بأنشطة عامة لتتحرك سياسيا في فترة الانتخابات.

لا يوجد أي اعتراض على تشكيلات من هذا النوع مادام الهدف والعمل يختصان بتلك المنطقة أو الفئة. فالصناديق الخيرية ما هي إلا تجمعات مناطقية ولا يوجد صندوق خيري يسعى إلى نشاط خارج اطار منطقته. الجمعيات الدينية بامكانها ايضا ان تتحرك ضمن الجماعة المؤمنة بها لترعى شئونها وتدافع عنها.

غير ان ما يُعترَض عليه هو ان تقوم احدى تلك الجماعات الخاصة بمنطقة أو طائفة أو قبيلة أو عرق بطرح نفسها على اساس انها حزب سياسي يشمل الوطن كله. فالحزب السياسي يجب ان يكون شاملا لكل الوطن، وفيما لو وصل الى موقع القرار أو في موقع يؤثر على القرار فإن هذا الحزب يجب عليه ان يتحرك على أساس أجندة لكل الوطن. وعضو البرلمان لا يتحدث عن منطقة معينة أو طائفة أو قبيلة أو عرق بل عن الوطن.

هذا لا يمنع ان تكون داخل الحزب السياسي الوطني تجمعات تسعى إلى الضغط باتجاه معين لصالح هذه الفئة او تلك، وهذا هو مفهوم «اللوبي» الذي يسعى إلى التأثير على الحزب السياسي أو على المؤسسة الحاكمة بهذا الاتجاه أو ذاك.

البعض يطرح بانه لا يمانع من دخول «الآخرين»، ولكن الآخرين ينأون بأنفسهم وقد يكون هذا الكلام صحيحا في احد جوانبه، ولكن التحدي الأكبر الذي لم نوفق للوصول اليه في بلداننا الاسلامية هو تشكيل احزاب وطنية لا تستثني احدا على اساس عرقي أو مذهبي أو مناطقي أو قبلي.

الحزب السياسي لابد وان يتبنى فكرا معنيا، وهذا الفكر ينبغي ان يكون نظره الى الامام واهتمامه بالمستقبل. ولذلك فان أي شخص يؤمن بهذه الفكرة أو تلك يستطيع ان يرتبط بالحزب الذي يتقارب معه فكريا. غير ان الحال تختلف اذا كانت هناك مقومات أولية للفكر، بمعنى ان على الفرد ان يكون من هذه الطائفة أو من تلك المنطقة أو من هذه القبيلة أو من هذه الأثنية قبل ان يستطيع الدخول في الحزب.

الاحزاب اللبنانية جميعها تقريبا تحمل اسماء وطنية وجامعة، ولكنها في الواقع مقصورة على أفراد هذه الطائفة أو تلك. والوضع اللبناني أهون لأن الدستور يتواضع امام الواقع ويعترف بذلك ويقنن الحال السياسية على اساس طائفي وليس على اساس حزبي، ومن مفارقات العمل السياسي العربي هو ان لبنان الذي يعترف بالواقع تصبح لديه حياة سياسية أكثر ديناميكية من غيره.

العراق يمر بتجربة تأسيسية والـمُحاصصة الطائفية والاثنية تم الاعتراف بها واعتمادها، ولا مانع من ذلك اذا كانت اجراء مؤقتا لموازنة الوضع الذي يقوم فعلا على هذا الاساس.

غير ان النموذج العراقي سيؤول الى الفشل مستقبلا اذا استمر في المحاصصة الطائفية؛ لأن النزعات المختلفة من شأنها ان تخلق عدة أوطان في وطن واحد.

وفي بلادنا الصغيرة علينا ان نشجع الجمعيات السياسية على ان تتجه اتجاها وطنيا عاما، وذلك من خلال ازالة المقدمات (الفعلية وغير المعلنة) لدخول مواطن ما هذه الجمعية او تلك، والازالة ليست من خلال تصريح رسمي وانما من خلال ثقافة عملية ملموسة واقعا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 382 - الإثنين 22 سبتمبر 2003م الموافق 26 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً