العدد 3860 - الإثنين 01 أبريل 2013م الموافق 20 جمادى الأولى 1434هـ

مرور مئة عام على محاولة تأسيس أول مكتبة عامة في البحرين

منصور محمد سرحان comments [at] alwasatnews.com

شهدت البحرين منذ مئة عام وبالتحديد في العام 1913 أول محاولة لتأسيس مكتبة عامة في البلاد من قبل الأهالي في العاصمة المنامة. وكانت الظروف مهيأة لإنشاء مكتبة عامة في البلاد بعد أن زاد عدد المتعلمين المتخرجين من المدارس التبشيرية في البلاد، وكذلك المتخرجين من الهند، إضافة إلى حفظة القرآن الكريم وكثرة علماء الدين الدارسين في الداخل والخارج.

وكانت مكتبة الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة التي أسسها في منزله بالمحرق في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي والتي كان يؤمها الشعراء والأدباء، أحد عوامل تشجيع أبناء المنامة العاصمة لتأسيس مكتبة عامة تكون مفتوحة للجميع.

ومن بين أهم العوامل الرئيسية التي أدت إلى سرعة تبني افتتاح مكتبة عامة في البلاد العام 1913، تردد الشباب البحريني حينذاك على المكتبة الإرسالية بالمنامة التي أسسها القس صموئيل زويمر العام 1894، والتي أثارت حفيظة وقلق الأهالي من المتعلمين والمثقفين ورجال الدين في العاصمة، وخصوصاً أن هذه المكتبة كانت تعرض الصحف البريطانية لقراءتها بالمجان، كما كانت تعرض الكتب التبشيرية، الأمر الذي حدا بمجموعة من شباب المنامة الذين نالوا قسطاً من العلم والثقافة، إلى تبني تأسيس مكتبة عامة تكون بديلاً عن مكتبة الإرسالية التبشيرية.

وبدأت تلك الطليعة من الشباب الواعي حينذاك وهم: خليل المؤيد، ومحمد حجي حسين العريض، والشيخ محمد صالح يوسف، وناصر الخيري، ومحمد علي التاجر، وعلي بن خليفة الفاضل، وسعد الشملان، ومحمد إبراهيم الباكر، وسلمان التاجر، وعلي إبراهيم كانو... في تبني مشروع المكتبة. وفي أول اجتماع لهم تم اتخاذ قرار لتأسيس مكتبة عامة وافتتاحها في منتصف العام 1913 بالعاصمة المنامة، من خلال استئجار دكان كبير بشارع الشيخ عبدالله، ووضعوا فيه بعض الكراسي والطاولات ليكون مقراً للمكتبة، واشتركوا في مجلات «المقتطف» و «المنار» و «الهلال»، ووضعوا بعض الكتب في خزانات ليتم الاطلاع عليها كنواةٍ لتأسيس المكتبة.

وبمجرد سماع الأهالي عن افتتاح أول مكتبة عامة يسمح للجميع التردد عليها وقراءة الكتب والمجلات المتوافرة بها، عمّت الفرحة بين الجميع، ونالت اهتماماً واسعاً من قبل أبناء مدينتي المنامة والمحرق بصفة خاصة، وبقية مناطق البحرين بصفة عامة، وأصبحت مدار حديث الناس في الشوارع والطرقات وحتى المنازل.

كانت المكتبة تفتح في النهار فقط، وكان الإقبال على أشده، ما اضطر العاملين عليها التفكير بافتتاحها ليلاً لتستوعب الأعداد الغفيرة التي كانت تتطلع للاستفادة من مقتنياتها، إلا أن العقبة الوحيدة التي واجهت المؤسسين أن المكتبة لا يسمح لها أن تفتح ليلاً وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها آنذاك، فاتجهوا إلى تحويل المكتبة إلى نادٍ، وفي ذلك سيتم السماح لهم بالافتتاح ليلاً.

نجح المؤسسون في تحويل المكتبة إلى نادي أطلق عليه «نادي إقبال أوال»، للتحايل على افتتاح المكتبة ليلاً. وزاد عدد المترددين على المكتبة في الليل بشكل ملفت وأصبحت المكتبة أو نادي إقبال أوال، المكان الناسب لتجمع المثقفين والمتعلمين آنذاك، يتحاورون فيما بينهم في أمور الفكر والثقافة. وقد تأثر أعضاء النادي بالدعوة الإصلاحية التي نادى بها رشيد رضا صاحب مجلة «المنار» وزميله محمد صدفي، الأمر الذي أثار حفيظة رجال الدين، حيث لم تكن الأندية في تلك الفترة مقبولة لديهم وخصوصاً أنهم جدوا في الآية الكريمة «وتأتون في ناديكم المنكر» (العنكبوت: 29)، سبباً وجيهاً للمطالبة بغلق النادي خوفاً من انتشار الفساد، فأخذوا يشوّهون سمعة أعضاء النادي، وقالوا عنهم الرهط العشرة (ويقصدون العشرة المؤسسين للنادي) الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وانهم يأتون في ناديهم المنكر.

وقد وصل الأمر إلى أن ذهبت مجموعةٌ من المشايخ إلى القاضي قاسم بن مهزع وأخذوا يشوّهون سمعة جميع أعضاء النادي قائلين: انهم يا شيخ يأتون في ناديهم المنكر من خلال قراءة صحف النصارى مثل الهلال والمقتطف. وزاد الطين بلةً أن ناصر الخيري عزم مع مجموعة من رفاقه بينهم بعض المؤسسين للمكتبة، على الذهاب إلى الحج في العام نفسه، فكتب رسالةً إلى الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة «المنار» سأله فيها عن حكمة مناسك الحج بصورة مثيرة جعل رجال الدين آنذاك يصبون جام غضبهم عليه. فقد كتب سبعة أسئلة يكفي أن نذكر سؤالين هما: ما هي الحكمة من تقبيل الحجر الأسود إذا عرفنا أنه حجر عادي لا يضر ولا ينفع، ولا يخفي ما في ذلك من مظاهر الوثنية؟

والسؤال الثاني: نرى كثيراً من علماء الأمة الإسلامية ومرشديها المصلحين منهم من عاش ومات ولم يحج مع أنه رحل في سنته مرتين أو ثلاثاً إلى أوروبا وإلى غيرها من البلاد ولم يذهب إلى مكة؟

أدت تلك الأسئلة والاستمرار في أنشطة المكتبة والنادي، إلى تحامل المشايخ على جميع المؤسسين، فتم تهديدهم وتهديد ناصر الخيري بجدع أنفه إن لم يقم بإغلاق النادي باعتباره أحد الأعضاء الرئيسيين المؤسسين للنادي، فخاف على أنفه من الجدع بأمر شرعي، وانتهى الأمر بغلق النادي في نفس عام تأسيسه، وقُضي بذلك على أول تجربة لتأسيس مكتبة عامة من قبل الأهالي في البلاد منذ مئة عام.

إقرأ أيضا لـ "منصور محمد سرحان"

العدد 3860 - الإثنين 01 أبريل 2013م الموافق 20 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:17 م

      لماذا لايوجد مكتبه عامه في كل مدينه او كل ديرتيان

      مكتبه مكتبه مكتبه في كل مدينه وكل قريه

    • زائر 1 | 12:34 ص

      لماذ لايوجد مكتبه عامه بمدينة حمد

      ‏‎22‎سنه ونحن بمدينة حمد{جعفرالخابوري‎ ‎

اقرأ ايضاً