العدد 3864 - الجمعة 05 أبريل 2013م الموافق 24 جمادى الأولى 1434هـ

أخبار الدواب في البحرين

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن أحد يتوقع وبعد مجيء مستشار حكومة البحرين تشارلز بلغريف بسنتين فقط وتوليه بعض المناصب المالية بداية أن يكون أول جلسة للمجلس البلدي في دورة العام 1928 / 347 هـ، هو قرار تشكيل لجنة لاستيراد الأغنام الحية إلى البحرين للمرة الأولى في تاريخها بعد أن كان لديها اكتفاء ذاتي من اللحوم المحلية بل وتصدرها للإمارات المجاورة.

وبدل أن يتم زيادة الإنتاج الحيواني المحلي بتشجيع أصحاب المزارع من أهل البحرين من أمثال منصور العريض الذي بدأ بمشاريع الأمن الغذائي في مزارعه؛ وبدل توفير الدعم الحكومي لتحقيق اكتفاء ذاتي لمستقبل البحرين على المدى البعيد؛ تم استيراد الأغنام من خارج البلاد، وبقي هذا العرف حتى اليوم ما سبب أزمات «لحمية» لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد. وربما سيتم الاحتفال بمرور مئة عام على هذه المناسبة في العام 2028 فانتظرونا!

وفي سياق تنظيم شئون الحيوان قبل الإنسان، تم إقرار دفع رسوم عن الكلاب في البلد، فلم يعجب هذا القرار البلدي مدير التلغراف الانجليزي في البحرين، فأمسك بورقة صفراء وكتب عليها رسالة لبلدية المنامة يمتنع فيها عن دفع رسم كلابه إلا بعد مخاطبته لرئيس التلغراف في (كراجي). أما الغريب في تلك الرسالة الانجليزية أن صاحبها يطلب من البلدية مهلة خمسة أشهر فقط لينهي شئون (الكلب) مع رؤسائه، ثم يقرّر بعدها هل يستجيب لطلب البلدية أم لا! فكان رد المجلس البلدي في جلسته الساخنة في 23 أكتوبر 1928 (9 جمادى الأولى 1347 هـ)، على خطاب ذاك المسئول: «ان الرسم ملزم بدفعه سواء خاطب رئيسه أم لم يخاطبه». (عفيه عليهم)... وقفة رجال ضد المتنفذين مهما كانت جنسياتهم!

ومن باب الرأفة بالدواب البحرينية في ذاك الزمان، فقد تقدم جماعة من الوجهاء والتجار في 19 ديسمبر 1928 (6 رجب 1347 هـ)، بدعم من معاون رئيس بلدية المنامة، بطلب تأسيس «جمعية الرفق بالحيوان البحرينية». وتضمن الطلب للجهات المختصة وعلى رأسها المستشار بلجريف «أن تتألف الجمعية من رئيس وأعضاء أساسيين تناط بأيديهم شئون الرفق بالحيوان لما هو أحسن». وتهللت وجوه مقدمي المشروع فرحاً وعمّت الأفراح مدن وقرى البحرين عندما تمت الموافقة على هذا الطلب ولكن بعد ثمان سنوات فقط! ولا نعلم كيف تمت الانتخابات، ولكن اُنتخب خليل إبراهيم المؤيد أول رئيس للجمعية ومعه تاجر اللؤلؤ المعروف آنذاك منصور محمد حسن العريض؛ وخليل إبراهيم الباكر، وإبراهيم كانو كأعضاء مؤسسين. وتم تخويل هذه المجموعة زيادة الأعضاء بحسب من يرونه مناسباً، مع ضرورة سن قانون أساسي لهذه الجمعية بشرط أن تتم مناقشته بحضور مستشار حكومة البحرين ويقرّه المجلس البلدي للتصديق عليه، ولا يصبح نافذاً إلا بعد موافقة الحكومة برمتها عليه في جلسة خاصة، كل هذا من أجل صون حقوق الحيوان.

ومع تنفيذ كافة شروط الطلب إلا أن الأمر، كما أسلفنا، لم يتم إلا بعد ثماني سنوات بسبب طول فترة البحث والاطلاع على قوانين الجمعيات المماثلة للرفق بالحيوان في كل من لندن، عاصمة الامبراطورية الاستعمارية آنذاك، والهند، المستعمرة البريطانية الكبرى في آسيا. وأخيراً تنفس أصحاب فكرة الجمعية الصعداء عندما وافقت حكومة المستشار عليها نهائياً، مع تغيير مسماها إلى «جمعية منع القسوة على الحيوان»، بعد أن تم إلغاء عنوان «الرفق بالحيوان»، وذلك بهدف قطع يد كل من يفكر في «القسوة على الحيوان» في البحرين. وكان هذا ختام تفاصيل نشرة الدواب أيام زمان.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3864 - الجمعة 05 أبريل 2013م الموافق 24 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً