العدد 3869 - الأربعاء 10 أبريل 2013م الموافق 29 جمادى الأولى 1434هـ

عامان وأم أبوديب تحمل فخر التعليم على ظهرها

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لم يخطر ببال أم مهدي أبوديب في يوم من الأيام أن يغيب ابنها وفلذة كبدها وعميد أسرتها وحزام ظهرها عنها وعن أسرته الصغيرة. ولم تكن تتخيل أن يأتي يوم يتعرض فيه ابنها البار لوطنه ولمهنته إلى الأذى والسجن والتنكيل بهذه الشدة. لقد صدمت مشاعرها بقسوة بسبب ما جرى لابنها البكر الذي تربّى على عمل الخير ومساعدة الآخرين. وكان يمقت التمييز بكل أشكاله وألوانه، وكان همه الأكبر تحسين التعليم وأوضاع المعلمين.

كان أبوديب لا يهدأ ولا يكل ولا يمل من العمل من أجل رفعة التعليم وتحسين أوضاع المعلمين الاقتصادية والمهنية والمعنوية، وكانت وزارة التربية والتعليم تنظر إلى مثابرته وتضحيته بوقته وجهده وصحته بحساسية شديدة. لم تكن تتصوّر يوماً أن يخرج أحد من رحم التعليم ينادي بأعلى صوته في وجهها، أن أوقفي التمييز في التوظيف والتعيينات والترقيات والبعثات الدراسية، والتزمي المواطنة الحقيقية بين جميع الكوادر التعليمية، فالكل أبناء هذا الوطن على حدٍ سواء.

كان يتألم كثيراً كلما رأى الكوادر التربوية المتميزة والمؤهلة تربوياً وتعليمياً تُهمّش ويُتلاعب بمصيرها المهني، وكان كبيراً في وعيه وثقافته، وشفافاً في مطالباته بحقوق المعلمين، لا يتحرك خطوةً نحو أي عمل إلا بعد الرجوع إلى القانون، فما توافق مع القانون عمله وما تقاطع معه تركه، ولم يشك يوماً في سلامة عمله أخلاقياً ومهنياً وقانونياً وإنسانياً. حاولت الوزارة مرات التضييق عليه بمختلف الأساليب، ظناً منها أنها قادرةٌ على ثنيه عن التحدّث بكل صراحة عن السلبيات والأخطاء والممارسات غير القانونية التي ترتكبها ضد أكبر وأهم شريحة في القطاع العام، ولم يكن يهمه التضييق والممارسات التعسفية.

من هنا وعلى رغم الأذى النفسي الذي أصاب قلب والدته على فراقه، تجدها تفخر بمواقفه الوطنية والتربوية الرائدة، وقد مثّلت الصبر والتجلد بأسمى صوره. تراها حاضرةً في كل محفل اجتماعي أو تربوي، تحمل على ظهرها علم البحرين وصورة ولدها العاشق للوطن، حملته صغيراً وهي تحمل صورته اليوم كبيراً، على رغم كبر السن وضعف البدن، وتجوب به المحافل من دون كلل أو ملل، حتى يكتب الله له الفرج ويخرج من سجنه سالماً.

هذه اللوحة الإنسانية الرائعة التي جسّدتها أم أبوديب، ووضعت في وسطها زوجته الفاضلة وولده وبناته الكريمات، لتعكس مدى مكانة المربي الكبير مهدي أبوديب في قلوب أفراد أسرته، ومدى فخرهم بإنجازاته التربوية التي حققها طوال حياته. فقد كان متعدّد المواهب، خزّافاً ورسّاماً وخطّاطاً ورياضياً وشاعراً ومتحدّثاً ومحاوراً ومنشداً وقارئاً للقرآن. وتميّز بدماثة أخلاقه وطيب سريرته، لا يضمر شراً لأحد، جاداً في عمله، مخلصاً لمهنته، واضحاً في رؤيته ورسالته التربوية.

لقد أثبت أبوديب وجوده في المحافل التربوية المحلية والعربية، ونال ثقة الجميع من خلال أطروحاته التربوية التي قدمها، ولكن الوزارة كانت تراه خلاف ما يراه العالم التربوي، وتراه نداً عنيداً لها لا يحيد عن مواقفه المشروعة قيد أنملة، فكانت تتحسّس منه كثيراً خشية أن يتعلّم منه التربويون الجرأة والثبات في المطالبة بحقوقهم المهنية والمادية. وكان الكثيرون يستشعرون أنها كانت تتحيّن الفرصة للانتقام منه مهنياً، من خلال حملاتها الإعلامية العنيفة ضده، والنعوت غير اللائقة ومحاولاتها تشويه سمعته الوطنية والتربوية في أوساط المجتمع. لقد أرادت من وراء حملتها الإعلامية الشرسة الحطّ من قدره التربوي والاجتماعي، بعد أن أصبح رمزاً تربوياً، وكان تغييبه عن الساحة التربوية أمنية كبرى. وهكذا يتم التخلص بطائفية بغيضة من كل الأصوات التربوية التي تنادي بإصلاح التعليم.

لقد أوضح تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، الجزء البسيط من الحقيقة التي حاولت وزارة التربية والتعليم طمسها ونسج روايات خيالية والترويج إليها عبر وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، فلذلك طالبت المنظمات الحقوقية والمهنية بإطلاق سراحه، ورد اعتباره، ومحاسبة كل من أساء إليه خارج القانون.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3869 - الأربعاء 10 أبريل 2013م الموافق 29 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:10 ص

      رجال الله ورجال الوطن

      لذلك تم استهدافهم بقوة
      استهدفوا بقوة تتناسب مع قوة عزيمتهم وصلابتهم في حب الوطن

    • زائر 5 | 5:29 ص

      إيا يا معلمي أبو ديب عذرًا لك فإنا مقصرون بحقك وأهلك !

      أنت رمز التعليم في البحرين شاء من شاء وأبى مَن أبى ! من عرفك وآنس قربك يعلم جيدًا أم مُريديك كانوا يريدون الانتقام منك بسرعة وبالخصوص أصحاب وزارة التربية ومن في ظلهم المضلل ! أشهد أنك إنسان مخلص ومتفانٍ لا تلومك في الله لومة لائم وأن ما قدمته وتقدمه كله مرصود لك بالخير في الدنيا والآخرة إن شاء الله ... سلمت أمك التي أنجبتك وحفظ الله لك أسرتك وأرجعك لهم سالمًا غانمًا ورأسك مرفوع شامخ لا يستكين لأصحاب النفوس المريضة التي باعت آخرتها بدنياها من أجل مناصب فانية ... لله درك من مربٍ عزيز وعذرًا لك

    • زائر 4 | 12:53 ص

      فرج الله عنه

      وهو نعم المربي والمنافح عن حقوق التربويين..عكس من يتسنمون بعض المواقع وهم بالضد من التربية علما وسلوكا.

    • زائر 3 | 12:43 ص

      انت في القلب

      الله معكي يا ام يا حنون الله يصبرش يا رب

    • زائر 2 | 10:10 م

      فرج الله عنه

      هذه ضريبة أن تكون انسان وهو مثال للمعلم النموذج الصالح للاجيال

    • زائر 1 | 10:10 م

      الله يفرج عنه

      لله درك يا اب التعليم، ومنحك الله صبر زينب (ع) يا ام مهدي ،سيخرج ابو ديب يومًا رافعًا رأسه عاليًا ومنتصرًا
      وعلى الظالم تدور الدوائر

اقرأ ايضاً