العدد 3872 - السبت 13 أبريل 2013م الموافق 02 جمادى الآخرة 1434هـ

ثقافة حقوق الإنسان تهدد الاستبداد

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

منذ أن حلت المتغيرات السياسية في المنطقة العربية على مدى أكثر من عامين تقريباً وممارسات الاستبداد مستمرة لطمس ملامح المرحلة الحالية التي تسعى إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وهي المنقذ الرئيسي من الاستبداد لأنها لا تستملك إنساناً أيّاً كان جنسه وعرقه ودينه ولونه بل تحفظ كرامته.

ولأن الاستبداد لغة معروفة عند من لا يعترف بحقوق الإنسان كمبادئ، فالبشر بالنسبة لهذه المجموعة ليسوا بشراً وإنما أدوات تستخدم من رفع شأنهم كأسياد والباقي كعبيد في إطار ثقافة الدولة العلية التي كانت سائرة في زمن العثمانيين وغيرهم من الدويلات والممالك المستبدة والإقطاعية في تاريخ زمن المنطقة القديم.

والممارسات التي تستملك الفرد تأتي في إطار أن لا يكون له أي حق أو رأي أو أي شيء آخر فتحوله إلى نكرة في المحيط الذي يعيش فيه بل وتستخدمه بكل الوسائل.

أمّا في الزمن الحديث فضخ المال في مقابل خدمات تحمي جماعة الدولة العلية صاحبة الفكر الاستبدادي هو الأسلوب المتبع منذ أن حلت مرحلة صحوة الربيع العربي. فهو يرى في مبادئ حقوق الإنسان تهديداً بل وحرباً ضد الاستبداد الذي يحتمي من ورائه ويسعد من آثاره على الآخرين حتى لو كلف ذلك ثمن روح ودم إنسان.

وعندما نقرأ في هذا الجانب ونسمع عن تجارب الآخرين القادمة من المنطقة العربية فإن أدباً مثل أدب السجون تزايد في هذه الفترة تماماً مع الأدب الإنساني الذي يعزز هذه الثقافة التي تساوي كل فرد دون استثناءات والقوانين التي وضعتها دول تسير ضمن سياسة الاستبداد.

ومثلاً نسترجع ما قاله الروائي التونسي سمير ساسي أمام الجمهور ونشرته «الجزيرة نت» في (19 يناير/ كانون الثاني 2012)، عند تقديم روايته «برج الرومي»، والتي استقاها من اسم أشهر السجون التونسية وأسوأها سمعة، لما كان يمارس فيه من تعذيب خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وكتب ساسي - الذي قضى عشر سنوات في برج الرومي - هذه الرواية في العام 2003، لكنه اضطر لطباعتها في لندن، بعد حظرها في زمن بن علي.

ويروي ساسي لـ «الجزيرة نت» كيف نقل وقائع التعذيب والتجاوزات، التي عايشها مع سجناء الرأي وسجناء الحق العام داخل الزنزانة «بأسلوب يقطع مع السيرة الذاتية وينحو منحى العمل الأدبي». ويقول «كنت أكتب في السجن لمقاومة ما كان يسلط علينا من عذاب لا يطاق». لكن ساسي تساءل وبشيء من الحيرة عن مستقبل أدب السجون، النمط الذي يقول إنه انتعش بفضل أنظمة الاستبداد في المنطقة «التي اشتهرت بدكتاتورياتها وسجونها». وعن هذا الشكل الأدبي يقول «الكتابة الآن ستكون حول آثار المرحلة الماضية»، لكنه تمنى أن لا تقع في المستقبل انتهاكات أخرى حتى لا تكون الكتابة متعلقة بالسجون.

تم الاستشهاد بتجربة قادمة من تونس حيث موضوع حقوق الإنسان يقع على رأس الكثير من الأمور ولاسيما أن التعذيب والزج في السجون والملاحقات القضائية كان هو الحل بدلاً من الحل السياسي الذي يسعى إلى تحقيق العدالة بين الناس.

والحديث عن ثقافة حقوق الإنسان ومبادئها بغض النظر عن أي جنس أو فكر أو دين هي ثقافة واحدة تجمع البشرية جمعاء. فكل نفس بشرية تنزع نحو الكرامة المذكورة في جميع المبادئ السماوية والأرضية بدليل أن الغطرسة التي ظلت زمناً طويلاً تمارس في بلدان المنطقة العربية بدأت تتساقط لكنها في المقابل مازالت تواجه مقاومة من يريد هذا الاستبداد أو اعتاد عليه في تشويه التاريخ والمجتمع.

وهو ما أوجد أنظمة لا تحمل نظاماً سياسياً حقيقياً ولكن كيانات لمجموعات تقهر العدالة بممارسات تقمع حقوق الإنسان وتطمس بكرامة النفس البشرية في الأرض... هكذا هو الاستبداد وهكذا يهاب مبادئ وحراك نشطاء حقوق الإنسان في زمن الصحوة وفي زمن الجمر العربي.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3872 - السبت 13 أبريل 2013م الموافق 02 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:26 ص

      اقتراح

      تخصيص صفحة في الوسط تبين الحقوق التي يتمتع بها المواطنين في الدول الديمقراطية تعزز تطلعات الشعب البحريني لتلك

    • زائر 3 | 5:05 ص

      صلاح علي

      مازال يتبجح بتدريس مقرر حقوق الانسان ولكنه لا يعلم ان الشعب والعالم يعرف النظام على حقيقته وان غطى نفسه بتدريس هذه المادة فعلم في الاوراق لكنه في ارض الواقع شيء اخر

    • زائر 2 | 12:47 ص

      الوعي والثقافة الحقوقية هي السياج الذي يحمي بني البشر

      اي منزل او مزرعة او قطعة ارض او شيء آخر لا يمكن حفظه من دون سياج يحوط به. والوعي وثقافة الحقوق هي السيا الذي يحفظ للبشر حقوقهم بحيث يعرفون مدى حقوقهم ومن حيث تنتهك يطالبون بها
      لذلك لا زال البعض يحاول تجهيل واستغباء البعض لاستحمارهم

اقرأ ايضاً