العدد 3874 - الإثنين 15 أبريل 2013م الموافق 04 جمادى الآخرة 1434هـ

امرأة الربيع

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

مع انطلاق موجة الربيع العربي لم تتخلف المرأة عن أن تكون شريكاً في الحراك الشعبي الذي أسقط عدة أنظمة ديكتاتورية، فيما ما تزال دول أخرى تعبر مخاض التغيير نحو الديمقراطية. ومع كل الدموية التي ووجهت بها ثورات الربيع بقيت المرأة تحارب بضراوةٍ جنباً إلى جنب في شتى الأدوار، لتحقيق التغيير المنشود. فمنهن الناشطات الحقوقيات، وناشطات المجال الاجتماعي، والسجينات، والمحاميات، والإعلاميات، والشهيدات أيضاً، وكثير من الأدوار التي لم تتركها المرأة دون أن تشارك بها الرجل.

مع سقوط بعض الأنظمة، وصلت لسدة الحكم بعض الجماعات التي لا ترى في المرأة شريكاً جديراً بالاحترام، بل تابعاً خاضعاً للرجل أو مكمّلاً له، ومن هنا تصاعدت مخاوف الناشطات في مجال تمكين المرأة ونيل حقوقها من حدوث انتكاسة في وضع المرأة في تلك البلدان، أو التراجع عن الاستحقاقات التي تحصلت عليها في فترات سابقة. وجاء مؤتمر «النساء في المجتمعات الانتقالية، التحديات والآفاق» الذي أقامته جمعية معهد تضامن النساء الأردني أواخر مارس/آذار الماضي لتضع تلك المخاوف للمرة الأولى فوق طاولة المناقشات، لتصبح بعدها مخاوف مشروعة ومُجمَعاً عليها من قبل المشاركات في المؤتمر، اللاتي أتين من 13 دولة عربية، وقدمن خلال المؤتمر 12 ورقة عمل مختلفة تتناول قضايا المرأة في ظل التحولات الديمقراطية.

وعبّر البيان الختامي للمؤتمر الذي كان بعنوان «المساواة وحقوق النساء في البلدان العربية»، والذي يعتبر وثيقة شاملة تصف دور النساء في المجتمعات الانتقالية وتحدّد مجموعة من المبادئ والمرتكزات، على أهمية احترام حقوق النساء المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والقرارات والتوصيات والمواثيق الإقليمية والعربية الملزمة، والمعايير المعتمدة ذات الصلة، والتي تشكل بمجملها الإطار المتفق عليه عالمياً باعتباره الحد الأدنى اللازم لتحقيق العدالة والمساواة والحرية والكرامة لجميع بني البشر.

وعبر البيان الختامي عن قناعة النساء بأن لا إصلاح ولا ديمقراطية ولا تنمية ولا تقدم ولا أمن ولا استقرار من دون مشاركتهن على أساس المواطنة الكاملة والمساواة، وهذا يعبّر بحد ذاته عن المخاوف التي تسود المجتمعات النسوية النخبوية من إمكانية الانقضاض مستقبلاً على مكتسباتهن في مجال دعم وتمكين المرأة، خصوصاً في ظل وضع دساتير جديدة قد تتضمن مواد غير واضحة المعالم تتعلق بالمرأة وحقوقها، ما يعد إشكالاً مزمناً في المستقبل.

وفي ظل التراجع في مستوى الحريات في بعض الدول التي دخلت مخاض الربيع وخرجت منه بنتائج لا تتناسب مع طموحات الشعب، ويمكن أن تكون مصر مثالاً فاقعاً على ذلك، ومع استمرار التضييق على الحريات وتصاعد الديكتاتورية تحت عذر الاستقرار والسيطرة، فإن المرأة من المحتمل جداً أن تكون ضحيةً أخرى لأصحاب السلطة الدينية التي تنتقد مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة واحترام الحقوق والحريات، وفق الرؤية الشاملة للدولة المدنية التي يسعى لإرسائها جُلّ دول الربيع.

مخاوف النساء في دول الربيع العربي ما تزال مشروعة في ظل وصول أنظمة حكم تعتبر المرأة صفاً ثانياً بالمجتمع، ويبقى خوفها الأكبر هو فقدان الامتيازات التي استحقتها في فترات سابقة بفعل الحراك الذي مارسته عبر عقود مضت.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3874 - الإثنين 15 أبريل 2013م الموافق 04 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:59 ص

      حقوق و واجبات

      المرأة العربيه سجلت حضورا ومواقف لا تنسى في ارض الواقع لا سيما المرأة البحرينية لكن لو كان الكل يلتزم بحقوقه و واجباته اتجاه الاخر لكان الحال افضل في تصدر وريادة الحركة المطلبية

    • زائر 2 | 6:53 ص

      الحق

      خاطرى مره وحده يستنكر مجلس المراه في البحرين عن اوضاع المراه المضلومة لو هاده مجلس فقط للموالين اجيبونى يا مجلس

    • زائر 1 | 4:33 ص

      مقال مميز

      نعم المرأة في ثورات الربيع العربي كان لها حضور لافت ومميز ومؤثر ... ومخاوفها من التهميش والاقصاء والظلم ... خصوصا من الأحزاب الاسلامية المتخلفة ، أمرا منطقي وموضوعي .

اقرأ ايضاً