العدد 3913 - الجمعة 24 مايو 2013م الموافق 14 رجب 1434هـ

فنجان...

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، والحديث عربيّاً، وإقليميّاً، لا ينفك عن «الغول» الإلكتروني الذي بات مهدداً لبعض الحكومات في عقر دارها، وأصبح أداة لنشر مفاهيم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وممارستها بشكل فعلي «إلكترونيّاً».

الحكومات وعت لخطر هذا الغول وما يمكن أن يحدثه، لذلك اتخذت العلاقة بينها وبينه شكلاً أكثر جدية وحسماً. وأصبح موضوع علاقتهما واحداً من أكثر الموضوعات مناقشة في السنوات الأخيرة.

ليعذرني القارئ على التطرق إلى موضوع يحمل صبغة سياسية في صفحة ثقافية، لكنني إعد بأن أركز على الجانب الثقافي من القضية.

الحرب التي بدأت الحكومات تشنها على الإنترنت، خفية أم معلنة، تمثلت في وضع معوقات وتضييقات كثيرة على استخدام الأفراد لهذه التكنولوجيا، كمنعها الدخول على بعض المواقع الالكترونية كالفيس بوك وتويتر وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً بعد أن أثبتت هذه المواقع تأثيرها في تحريك الثورة بمصر العام 2011.

علاقة الثقافة بهذه الحروب الحكومية على الانترنت تأتي فيما أفرزته من مصطلحات لغوية يفترض أن تدخل القاموس العربي بشكل أكثر تعريباً مما هي عليه الآن.

أهم تلك المصطلحات مصطلح التطهير العرقي الرقمي Digital Ethnic Cleansing، الذي تحدث عنه الكاتب الأميركي جاريد كوهين مؤلف كتاب «العصر الرقمي الجديد: إعادة تشكيل مستقبل الشعوب، والأمم، وعالم الأعمال».

بحسب كوهين؛ فإن الحكومات الأوتوقراطية أو المجموعات المستبدة يمكن لها أن تستفيد من عدم تطور أساليب التحقق القانوني والسياسي للمواقع الالكترونية، بأن تخترع سيناريو ما تجد فيه طريقة لإلغاء المحتوى الإلكتروني لموقع مجموعة ما أو إغلاق موقعها أو ربما جعل خدمة دخوله بطيئة للغاية، وربما قامت بإرسال فيروسات إلى المواقع المستهدفة وشن هجمات لحرمان أصحابها من خدمة الإنترنت.

أحد الحلول التي طرحها الكاتب لمواجهة التطهير الرقمي هو محاربة الانشقاقات على الإنترنت (cyberbalkanization) أو Splinternet، وهو انقسام مستخدمي المواقع المختلفة إلى مجموعات صغيرة تبعاً إلى عوامل جغرافية أو سياسية أو دينية أو عرقية وغيرها، ما يتناقض تماماً مع الأسس التي بني عليها استخدام الإنترنت، في قدرته على تقريب الشعوب والثقافات. هذه الانقسامات الرقمية تسهل على المجموعات المستبدة إقصاء أي طرف تشاء عبر تأسيسها تحالفات على الانترنت تفرض قيماً معينة تتناقض مع قيم المجموعات المستهدفة وتلغيها «رقميّاً».

هذه المصطلحات اللغوية ليست جديدة، فقد تحدث عنها كتاب كثيرون منذ العام 2001 لكنها نشطت أخيراً، بعد الربيع العربي، وأصبح لها وقع آخر على نفوس جميع الأطراف، المجموعات المستبدة وتلك المستهدفة.

ننتظر الآن إضافة مصطلحات جديدة الى القاموس الرقمي تتعلق بالعقوبات التي يمكن أن تفرض على ممارسي سياسات التطهير والإقصاء الالكترونيين، وأخرى تناقش سبل الوحدة الالكترونية ومحاربة الانشقاقات.

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 3913 - الجمعة 24 مايو 2013م الموافق 14 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً