العدد 3937 - الإثنين 17 يونيو 2013م الموافق 08 شعبان 1434هـ

صرعات الجهاد

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ماذا يحدث اليوم في العالم الإسلامي بعد إطلاق بعض علماء المسلمين فتوى الجهاد؟ المثير في الفتوى أن الجهاد ليس ضد الصهاينة لتحرير فلسطين مثلاً، وليست ضد حاكم ظالم معيّن، بل ضد فئةٍ من المسلمين، تشهد أن لا إله إلا الله فتُتهم بالكفر ويُباح دمها، ويطرب البعض لمشاهد الذبح والدماء والرقص على أوجاع المسلمين.

نحن دائماً نخطئ الوجهة. ستون عاماً لم تحمل أرض العرب خطوات مجاهدٍ نحو فلسطين. ظلّ المجاهدون يتدفقون إلى أقاصي الأرض وأدانيها، ولم يحدث أن جاهد أحد ضد «إسرائيل»، هناك حيث يدفع الفلسطيني ثمن خيباتنا، وحيث يجبر كل يوم على ذبح زيتونه، وحمل رفات بيته في قراب المهاجرين.

أكثر من نصف قرن لم يتجرأ رجلُ دينٍ على إصدار فتوى بوجوب الجهاد لتحرير فلسطين، جُلَّ ما كان يُقدم بعض المساعدات الخجولة مشفوعة بدموع الجُبن العربي، لكنهم أصدروا عشرات الفتاوى لتصدير الشباب المتحمس للموت إلى أفغانستان بالأمس، وإلى العراق حتى وقتٍ قريب، وإلى سورية اليوم.

الجهاد الذي لا يأخذ نصرة المظلوم على عاتقه، بل ذبح المختلف، ليس في مقاييس الجهاد اعتبارات للإنسانية، ذبح طفل لا حول له ولا قوة كذبح حامل السلاح لا يختلفان.

يا شيوخ الدم... ارحموا أمة محمد من جهل فتاواكم، لم يكن محمدٌ (ص) ليقتل طفلاً، ولا امرأةً، ولا رجلاً مولِّياً الأدبار، ولا يقطع نخلاً، فكيف بكم باسم دين محمد هُدِّمت بيوتٌ يُرفع فيها اسم الله، وقُتلت أنفس تشهد أن لا إله إلا الله، ألسنا نعيش العصر الأشدّ جهلاً منذ نزول القرآن، حين يصبح مفتي الإسلام آلة قتل مدمّرة بفتاواه، يحرّض المسلمين ضد بعضهم، ويصبح قتل المئات من الأبرياء بالمفخّخات دعوةً مفتوحةً للغداء مع نبي الرحمة، ذلك الذي لم يدخل حرباً إلا مرغماً، ولم يقتل رجلاً إلا في حرب.

لا يمكن دعوة ما يحدث اليوم جهاداً. إنه العنف ضد الأقليات تحت مسوّغات عدة، ذلك أن العنف في الثقافة العربية ليست ظاهرةً بل هو تاريخ، فتاريخ العرب قائمٌ على العنف والقتل والعصبيات والثأر الممتد. جهاد اليوم امتدادٌ للعنف العربي القادم من التاريخ السحيق، والقائم على الاختلافات الدينية والفكرية والعقائدية، والأزمة السورية أشاحت الستار عن الوجه القبيح للتوافق الإسلامي والتقريب بين المذاهب الذي لطالما تشدّق به بعض كبار رجال الدين من جميع المذاهب، وكشفت زيفه الأزمة السورية التي راح العالم الإسلامي يصطف إزاءها طائفياً مع أو ضد، ليس نصرةً للإنسان بل انتصاراً للطائفة.

الأزمة السورية بتداعياتها الحالية ستلقي بظلالها على الأمة الاسلامية التي وجدت الفرصة لاستحضار خلافاتها التاريخية وطرحها على الأرض في حرب مفتوحة ومشبوهة. الإنسان وحرمة دمه وحقوقه آخر ما تهتم جميع الأطراف لجعله أولوية في نزاع الطوائف.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3937 - الإثنين 17 يونيو 2013م الموافق 08 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 3:08 م

      التقيه

      من شارك بالمال وانصاف الرجال والسلاح .. اليس من دعا لذلك ايران وجماعاتها في العراق وأذنابها في لبنان .. المقال مردود عليه ...

    • زائر 13 | 1:22 م

      عاشت سوريا

      عاش الجيش العربي السوري

    • زائر 12 | 9:29 ص

      مصارعه حره ومصارعة ثيران ونزاع متوزع

      هل كتب عليهم القتال كما كتب على الذين من قبلهم؟ أو إنهم تنازعوا فإختلفوا وطلعت ريحهم وهذه نتائج الاختلاف مو في الرأي وإنما في أمر الله ونهيه. يعني أخذوا أمرهم شورى بينهم.. ويش مو إن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم.. فاذا كان أبولهب وأبوجهل من جماعة خيبر يعني يهود خيبر من التجار الفجار الكبار.. ويش بتصير الامه الى هلاك أو فناء أو طير أبابيل ترميهم بحجرة من سجيل.. يمكن ما يصقود حتى يروا العذاب الأليم... ما شاء الله لا ما شاء الناس- وهذه من المسلمات إن الله بالغ أمره قالها الإمام الحسين (ع).مو عدل

    • زائر 8 | 4:18 ص

      أحييك

      احيي قلمك أستاذة مريم .. كلامك سليم جداً اصبحت الفتاوه لا تصدر على اساس ما يرضي الله و ما امر به سبحانه و رسوله .. عجباً لتلك القلوب المريضة التي تصدر فتاوى لتصفية طائفة معينه تأمر بوجوب الجهاد ضد فئه مسلمه أين كانوا عندما شنت اسرائيل العدوان الاخير على غزة ..، لم نسمع منهم حتى شجب او استنكار .!!! و لكت أؤلائك الذين - طبع الله على قلوبهم -

    • زائر 7 | 2:49 ص

      جزيتي خيرا

      والله أن ماتتناقله تلفوناتنا من فيديوات للنحر والتجزير والتمثيل بالجثث لامر فضيع يقشعر له الجلد وتدمع له العين على حال وصلت له هذه الأمة المتلبسة بلباس الاسلام والمدعية بالانتماء لنبي الرحمة...... اللهم نشكو اليك فقد نبينا

    • زائر 6 | 1:17 ص

      قلم حر

      جزاكي الله الف خير على هذه الحرقة على ما يحدث بين أمة الاسلام
      سوفة يسئل المفتون بقتل الناس عن كل قطرة دم يوم القيامة

    • زائر 5 | 1:15 ص

      زيف الشعارات

      استمعنا منذ أن عرفنا الدنيا شعارات الوحدة الاسلامية، اسبوع الوحدة، دم وعرض ومال المسلم حرام واسبشرنا خيرا وقلنا نحن زمن مختلف وحاولنا نسيان التاريخ الدامي الذي توضأ بقتل علي واغتسل بقطع رأس الحسين وووو ،،ما أشبه اليوم بالأمس.
      مقال رائع وتوصيف حقيقي ... شكرا لكم

    • زائر 4 | 1:09 ص

      اصبح العدو الصهيوني هو من يحدد عدو الأمة وهذا ما اخبر عنه الرسول الاكرم ص

      لو دخلوا جحر ضب لدخلتم خلفهم: يا رسول الله ص هاهي امتك تسير كما اخبرت عنها تحذو حذو بني اسرائيل اصبحت تقتفي أثر الصهاينة في استعداء الفرس الذين قلت عنهم لو كان الايمان بالثريا لتناوله اقوام من قوم فارس او من قوم هذا واشار الى سلمان الفارسي. نعم من قال عنهم الرسول الاكرم اهل الايمان اصبحوا هم الاعداء والصهاينة المحتلين هم الاشقاء.
      هذا هو المنكر الذي اصبح معروفا والمعروف الذي اصبح منكرا. البعض يحاول التهرب من هذا الواقع المرير بتأويلات اخرى ولكني اقول صدق الرسول الاكرم ص

    • زائر 3 | 12:48 ص

      حزب الشيطان

      هذا الكلام مفروض يوجه الى هذا الحزب الذى ورطة الشيعة فى حرب ضد شعب السورى الذى كان يطالب الحرية من محتل الايرانى وقتل الابرياء من النساء\\ الرجال و الاطغال الان تكلمون عن الطائفية الحمدالله و الشكر حرب سوريا كشفت وجه الطائفى القبيح لهذا الحزب طول الوقت كنا نفكر انه حزب مقاوم لكن طلع حزب مخادع الطائفى مذهبى من درجة اولى و هكذا فقد شعبية امام ملاين من المسلمين

    • زائر 10 زائر 3 | 6:51 ص

      خليك بعيد

      شكلك مالك في السياسة ولا تدري وين الله حاشرك، خلك راقد وتسيح في أرض الله وخليك بعيد ومو محتاجين شعبيتك ولا تأييدك ولا تأييد أمثالك.

    • زائر 15 زائر 3 | 4:09 م

      الى رقم 10

      لان كلام الحق يجرح لانكم لا ترون الا المذهبية لو هذا الحزب لم يكن شعيا هل انت وقفت معه هذه الوقفة راجع نفسك والله يهديك

    • زائر 2 | 11:05 م

      أعمياء البصيرة

      ألم يكن من الآولى لنصر الله أن يوجه جحافل عصاباته بإتجاه فلسطين؟ أم أن فلسطين أصبحت شماعة الشيعة والإيرانيون وفقط؟ ماذا تريدين من أمة ترى نسائها تغتصب وشعبها يقتل, ماذا تريدين من هذه الأمة أن تفعل؟ أكثر من 100,000 قتيل وأنتي تتسائلين لماذا الدعوة للجهاد - أهكذا أعمتكم الطائفية؟ ليس للسنة ثأرات تاريخية ضد أي أقلية. لتلقي الأزمة السورية بظلالها على الأمة الإسلامية وقد تكون نعمة من الله في ثياب إبتلاء ليمييز الله الخبيث من الطيب.

    • زائر 9 زائر 2 | 6:17 ص

      فقط للتذكير

      نصر الله حارب اسرائيل طوال ثلاثين سنة وهزمها مرتين في 2000 و2006. هذا هو التاريخ الذي تحاول انت واسشكالك نكرانه. فقط نريد ان نذكرك حين كان يقاتل الصهاينة حرمتم الدعاء له.

    • زائر 1 | 11:04 م

      فتاوي مشايخ السلفية : قتلى حماس و الجهاد و المنظمات الفلسطينية في النار لانهم ليسوا تحت راية سلفية

      فتاوي تعتبر قتلى الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم حتى الدينية في النار و ماتوا كفارا "ميتة جاهلية " على الرغم ان راية الجيش الحر راية غير اسلامية واستمروا يضخون لها الرجال و الاموال و العتاد الى ان تبلورت النصرة ولم يقل احد ان قتلاهم في جهنم . انه الدين المشكل كالطين في ايدي الاطفال

اقرأ ايضاً