العدد 3959 - الثلثاء 09 يوليو 2013م الموافق 00 رمضان 1434هـ

ماذا بعد نكبة الاخوان في مصر؟

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يقال أمام السياسيين خياران في الحياة لا ثالث لهما: إما أن تقبل الظروف كما هي، أو أن تقبل مسئولية تغيير هذه الظروف وتتحمل ثمن التغيير. لكن الثمن الذي تدفعه يعتمد على حجم التغيير الذي تريده، فالتغيير وإدارة فن التقدم في الحياة وقيادة الجماهير نحو التغيير، بحاجة إلى عقول تقرأ المواقف جيداً، وتتحيّن الفرص، وتخلقها في أحيانٍ أخرى، وعليها أن تدرك تماماً أن الحال لا يدوم، فهل يعيش الإخوان المسلمين في مصر أصعب أزمةٍ في تاريخهم البالغ 85 عاماً؟ وما مستقبل حكم الإسلاميين في مصر؟ وهل يتكرّر سيناريو الجزائر في مصر؟

تعتبر جماعة الإخوان المسلمين من أكبر حركات المعارضة السياسية الإسلامية في كثير من الدول العربية، أسّسها الإمام حسن البنا في مصر في مارس/آذار 1928، وانتشرت دعوتها في أنحاء مصر، وكان لكل فرعٍ مسجدٌ ومدرسةٌ ونادٍ رياضي. في أواخر العام 1948، قامت الحكومة المصرية بحلّ الجماعة، إذ وجهت إليها تهمة اغتيال رئيس الوزراء المصري آنذاك، محمود باشا النقراشي. بعدها نظّم الإخوان صفوفهم وكان لهم دور بارز في انقلاب 1952، الذي قاده مجموعة «الضباط الأحرار»، لكن الوئام بين الأخوان ومجلس الثورة لم يدم، إذ سرعان ما لوحق أعضاء الجماعة ونُكّل بقيادتها بالسجن والتعذيب، الأمر الذي جعلها تتحوّل إلى حركةٍ سريةٍ تغذيها كتابات سيد قطب، أحد مفكري الجماعة المشهورين. ومع حكم السادات الذي يعتبر العصر الذهبي للإخوان، عادت مقراتهم ومجلاتهم إلى الصدور مرةً أخرى، وفي الثمانينيات تحالفوا مع حزب العمل وبعض الأحزاب الليبرالية، ليصبحوا أكبر القوى المعارضة في مصر.

في التسعينيات بدأ تنظير الإخوان السياسي، إذ أصدروا ثلاث وثائق مهمة حسمت توجههم السياسي، فوثيقة «بيان للناس» أوضحت علاقة الدين بالسياسة والعمل السلمي ورفض العنف. ووثيقة «رسالة للمرأة المسلمة» أشارت فيها إلى حقّ المرأة في العمل عموماً وحق مشاركتها في الانتخابات وتولّي الوظائف العامة. والوثيقة الثالثة عنونت بـ «رسالة الشورى»، وهي تشير إلى أن «الشورى في الإسلام يلتقي في الجوهر مع النظام الديمقراطي»، وأن الأمة هي مصدر السلطات، لذا انطلق الفكر الفقهي السياسي لدى الجماعة في أن «الدين هو الأساس والسلطان هو الحارس».

لقد حقّق الإخوان نجاحاً كبيراً في الفوز في مجالس إدارة النقابات المهنية، وكان لذلك تأثيرٌ كبيرٌ على الانتخابات في مجلس الشعب، ففي العام 2000 ربح الإخوان 17 مقعداً، وفي 2005 فازوا بنسبة 20 % من مقاعد المجلس. هذا الأمر دفع بالرئيس السابق حسني مبارك إلى الزج بقيادات الإخوان في السجن بتهم مختلفة، وقام في الوقت ذاته بتعديلات دستورية للحد من سلطتهم كحزب، لكن ذلك لم يدم طويلاً، وجاءت السلطة على طبقٍ من ذهبٍ للإخوان بعد ثورة 25 يناير إثر سقوط حكم مبارك.

لقد نجح الإخوان كحزب دعوة ولم ينجحوا كحزب سلطة، لأن خطأهم التاريخي يتكرّر في كلّ مرةٍ يقتربون منها للحكم، فهم يراهنون على القوة الآنية فيتحالفون معها ويرمون بثقلهم كله إلى جانبها، دونما النظر إلى القوة المستقبلية التي ستظهر. لكن هل سقوطهم مؤشرٌ لاستبعاد كرسي مصر عن الإسلاميين؟ وهل سيتكرّر سيناريو الجزائر في مصر؟ وهل سيظهر فصيلٌ إسلامي جديد هو خليط ما بين حزب العدالة الاخواني وحزب النور السلفي بعدما تعذّر توافقهما بعد 30 يونيو، ليدخل الانتخابات ويخوض غمار السياسة من جديد؟ وهل سيكون مصيره كجبهة الانقاذ الجزائرية التي تأسست في مارس/آذار 1989، بعد إصلاحات أكتوبر/تشرين الأول 1988، والتي جاءت إثر الحراك الشعبي الكبير في الجزائر، وكان من نتاجها حصول الجبهة على أغلبية ساحقة في الانتخابات في يناير/كانون الثاني 1990، وأثار فوزهم الساحق سخط كبار رجال قيادات الجيش، الذين أجبروا الرئيس الشاذلي على الاستقالة، وعينوا المحارب القديم محمد بوضياف والذي كان يعيش في المغرب ليكون رئيس المجلس الأعلى للبلاد، وتم اعتقال الآلاف من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ ونقلوا إلى سجون في الصحراء الكبرى، ومعها بدأت الجزائر حرباً أهلية بشعة، انتهت بالمصالحة الوطنية العام 2005، والتي تدثر الإسلاميون فيها تحت عباءة السلطة، وهذا ما أراده العسكر الجزائري، فهل عسكر مصر عن ذلك ببعيد؟ أم أن الشعب المصري لم يعد شعباً يوقع على فاتورة بيضاء؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3959 - الثلثاء 09 يوليو 2013م الموافق 00 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:48 م

      ماذا بعد نكبة الاخوان في مصر؟

      الجواب بسيط ستأتي نكبة السلفية

    • زائر 5 | 7:14 ص

      هم الوجه القبيح للإسلام المشوه

      حركتهم مولتها الماسونية العالميه لتقضي على الاسلام وتشرذمه وتجعله طوائف وافرقاء،كما يحاول آخرون في مناطق مختلفة من عالمنا.....الهدف هو استلاب السلطة وتمكين الصهيونية العالمية منا. من يريد الدين عليه أن يبتعد عن السياسة والضحك على صغار العقول

    • زائر 4 | 7:07 ص

      لكل حصان كبوه بس عاد ها الاخوان كأنهم مكبوبون على وجوههم في الجنه

      من زود الجنون قاعدين حاطين قاعده ويفتون بعد يقولون الدين عن الله الاسلام ... ولا تموتن الا وأنتم مسلمون .. قالوا الإخوان مسلمون .. أين الاسلام من المسلمين إخوه وهم يتحاربون ويقتلون النفس ويفترون ويحرضون .. يعني إفتاء وأموال وتمويل حركات لا لشيء وإنما من أجل تشويه الاسلام بعد أن علموا أن لا خلاق لهم وأن الآخره ماليهم فيها شيء. فعليهم وعلى أعدائهم من عدوهم إبليس لان عندهم مع الشيطان صداقه فليس من الممكن مصاحبه أصحاب السوء أو أولاد السوء ليسوا الا من السوق والسوء سواء فيها تجارة وملة يهود كل شيء

    • زائر 3 | 5:46 ص

      دول ما بين تواهان ما بعد وما قبل النبي موسى

      يقول ذكر فان الذكر تنفع المؤمنين ، بينما ذكرت او ماذكرت ما يتذكرون إستحود عليهم الشيطان فأنساهم أنفسهم.. لا يعرفون من أنصار يهود أو مسلمين يناصرون يهوو أو مستويين آلو على سمبوسة على بريان ي هندي على بوذيي .. ملة اليهود ليست كما ملة إبراهيم. فاذكتن دواود مسلم كما غبراهيم من المسلمين. الاخون لا يعتقد ولا يضن أنهم منهم ولا من أولاد الجنيه ولا من أولاد الأبالسه زلا من أولاد الذين لكن أولاد أيه أو مين يدلهم أويقولهم؟ سؤال طالما تردد عبرشاشه التلفاز ودورالسينما والمسرح؟

    • زائر 2 | 2:50 ص

      ما شاء الله

      أشكرك على هذه المعلومات التي لم نكن نعرفها . . ولكن رئيس ينتخب لأربع سنوات مستحيل أن تطالبوه بالإصلاح خلال عام . . أتركوه يفعل ما يريد ثم حاسبوه بعد ان تنتهي فترته . . من يصدقكم مرة أخرى .

    • زائر 1 | 2:13 ص

      الإخوان المسلمون

      ما تعرض الإخوان المسلمين لمثل ما تعرضوا له مثل أيام الرىيس جمال عبدالناصر ومع ذلك فقد خرجو أقوى . .
      أراهن أن الإخوان المسلمين سوف ينهضوا أقوى من الأول رغم انف ضاحي وغير ضاحي .

اقرأ ايضاً