العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ

مركز دراسة الإسلام والديمقراطيّة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

تتميّز صائفة 2013 في تونس بحراك سياسيّ وثقافيّ منقطع النظير؛ ففضلاً عن تواصل أشغال المجلس التأسيسيّ للبتّ نهائياً في الدستور الجديد والمصادقة عليه فصلاً فصلاً، ينهمك أعضاء المجلس على انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتي سوف تشرف على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية للمرور من الوضع الانتقالي المؤقت إلى الوضع الديمقراطي الدائم.

أمّا على المستوى الثقافي فقد انطلقت المهرجانات الصيفية، وهي فرصةٌ للقاء نجوم الفن الغنائي والمسرحي وغيره... بجمهور تونس مع ما يطرحه هذا اللقاء من تحديات أمنية بحيث بات نجاح هذا المهرجان أو ذاك علامة على مدى توفر الاستقرار والأمن في البلاد. غير أن الساحة الثقافية والسياسية ما تنفك تنتعش بأنشطة أخرى تؤمنها جمعيات ومنظمات ومراكز دراسات تجتهد في تلوين المشهد الثقافي والسياسي بلون جديد. ولعلّ مركز «دراسة الإسلام والديمقراطية» يعتبر أحد أهم المراكز الناشطة في تونس والباحثة على التوازن المنهجي الرصين من أجل الدفع قدماً لإنجاح الثورة التونسية والمساهمة الفكرية في تحقيق أهدافها بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة، وذلك بما يسهم به المركز من بحوث ودراسات سيكون لها أثر كبير في بناء وعي جديد بالعلاقة بين الموروث الإسلامي السياسيّ وثقافة الديمقراطيّة ومفاهيمها.

ومركز «دراسة الإسلام والديمقراطية» هو منظمة غير حكومية وغير ربحية، تهدف إلى «دراسة الفكر السياسي الإسلامي والديمقراطي ودمجهما للوصول إلى خطاب ديمقراطي إسلامي حديث. وقد تأسّس المركز في مارس من سنة 1999 بمجموعة متنوّعة من الأكاديميين، والمهنيين، والنشطاء – من المسلمين وغير المسلمين – من الولايات المتحدة الأميركية، الذين اتفقوا على «الحاجة لدراسة ونشر المعلومات الموثوقة عن هذا الموضوع المركّب». ولا يتبنى المركز أيّ اختيار أيديولوجي أو طائفي ضيّق – وليس للمركز أجندة خاصة غير السعي لإنتاج البحوث الدقيقة عن الإسلام والديمقراطية ونشرها - وأعضاؤه متفقون على أنّ هذا الموضوع أسيء فهمه على نحو واسع في الغرب وفي العالم الإسلامي، وبأنّ هذه الحقيقة قد سبّبت فتنة وخلافات بين المسلمين ولا تزال تتسبّب في إعاقة المحاولات في الحوار الثقافي المشترك اليوم.

ويقول مؤسس المركز رضوان المصمودي: «كان الهدف من تأسيس المركز هو إصرار بعض الحقوقيين العلمانيين على الترويج لفكرة التعارض بين الإسلام والديمقراطية، ونفس التمثل وجدته عند بعض الإسلاميّين المتشدّدين الذين يعتبرون الديمقراطية كفراً وإلحاداً. لقد أسست هذا المركز لأبرهن على أنه لا تعارض بين الديمقراطية والإسلام».

إن مركز دراسة الإسلام والديمقراطية اليوم في تونس من أنشط المراكز الفكرية التونسية وأكثرها إشعاعاً بعد الثورة، فقد نظم عشرات الملتقيات والندوات والدورات التكوينية للشباب لبث فكر دولة المواطنة والديمقراطية والتأكيد على أن الإسلام لم يكن عائقاً على مدار التاريخ للتقدم والأخذ بأسباب النهضة الثقافية والفكرية، وأنه لا حل للعرب والمسلمين إلا بالحوار الجدي والمصالحة مع الذات. وهذه المصالحة تشمل سدّ الفجوة بين الفرقاء السياسيين والمصالحة مع ثقافة وعلوم العصر، ومد أيادي التواصل مع الشعوب والثقافات المختلفة التي يمكن أن نستفيد منها ونفيدها في حركة جدلية ديناميكية ودائمة كما بين ذلك مدير المركز ومؤسسه.

وفي تونس يضع مركز الإسلام والديمقراطية لنفسه هدفاً جلياً واضح المعالم، وهو المساهمة في الحوار الوطني وحلّ الخلافات وصياغة دستور جديد توافقي يحظى بتأييد ودعم وتوافق وطني كبير من طرف كلّ التونسيّين والتونسيّات، مهما كانت آراؤهم وتوجّهاتهم الفكريّة والسياسيّة.

وفي سنة 2013 انصب نشاط المركز على تنظيم الندوات واللقاءات لتعميق الحوار حول مشروع الدستور، حيث نظم عدداً من الورش المغلقة حول جملة من المسائل الخلافية المتعلقة بالدستور بمشاركة أعضاء من المجلس التأسيسي وعدد من القيادات الحزبية وممثلين عن المجتمع المدني. ويرى مدير المركز رضوان المصمودي أنّ الدستور يجب أن يكون جامعاً لكل التونسيين، بحيث يجد فيه كل تونسي ضالته ويتبناه كل طرف من الأطراف السياسية والاجتماعية في البلاد. وتسعى هذه الورش إلى تحقيق توافق بين الأطياف الفاعلة في المشهد التونسي.

ويؤكد المصمودي أن «الديمقراطية الحقيقية لا يستطيع أي حزب من الأحزاب أو تيار من التيارات أن ينشئها ويبنيها لوحده. يعني هي ليست مشروعاً حزبياً، بل هي مشروع وطني فيجب أن تلتف حول هذا المشروع وتلتقي حوله كل الأحزاب وكل التيارات». ويتحدث المصمودي عن ضرورة توحيد الجهود الوطنية العربية ما بين مختلف التيارات السياسية والفكرية، إسلاميةً كانت أو علمانيةً، من أجل وضع برامج عمل تبنى على محاور الاتفاق وتؤجل النقاش في نقاط الاختلاف حتى تحقيق وبناء ديمقراطية عربية حقيقية من مصلحة الجميع وتستفيد منها كل الأطراف. وأكد أن التجربة الديمقراطية التونسية تعتبر رائدةً وناجحةً مقارنةً بدول «الربيع العربي»، وذلك رغم صعوبة الوضع الاقتصادي العالمي حيث استطاعت تونس أن تنجز الكثير في ظرف سنتين.

إنه من المنتظر أن يلقي هذا المركز بظلاله على العديد من الدول العربية ويسهم في الحوار الثقافي والسياسي لحلحلة بعض القضايا الشائكة والدفع بعجلة الحوار إلى الأمام.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:31 م

      الله يستر يبدو ساخنا جدا

      تتميّز صائفة 2013 في تونس بحراك سياسيّ وثقافيّ منقطع النظير

    • زائر 1 | 5:16 ص

      نرجو ذلك

      من المنتظر أن يلقي هذا المركز بظلاله على العديد من الدول العربية ويسهم في الحوار الثقافي والسياسي لحلحلة بعض القضايا الشائكة والدفع بعجلة الحوار إلى الأمام.

اقرأ ايضاً