العدد 3991 - السبت 10 أغسطس 2013م الموافق 03 شوال 1434هـ

«شبابنا»... أساس تطوير النظام التعليمي

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

وفق تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فإن فئة الشباب هم الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، وهم يمثّلون نحو 20 في المئة من سكان العالم.

أشارت دراسة حديثة أعدتها جمعية شبابية بحرينية ـ من المتوقع أن تنشر نتائجها غداً الاثنين بمناسبة اليوم الدولي للشباب ـ الى أن إحصاءات الجهاز المركزي للمعلومات تقدّر عدد جميع الشباب البحريني بـ 109,725 فرداً.

تذكرت مقولة الكاتب البحريني عبدالقادر عقيل «كل شيء ليس على مايرام»، وأنا أتابع باهتمام ما نُشر مؤخراً عن انطلاق حركة شبابية يمثّلون خمس دول أوروبية في ميونيخ بألمانيا بقصد التشاور في سبل تطوير نظم التعليم في بلدانهم، وبحث جملة من الهموم والقضايا التعليمية الجوهرية، مثل: جدوى رسوب الطلبة وإعادة السنة الدراسية مرة أخرى، والفوائد الحقيقية والمرجوة من المعدلات الدراسية المرتفعة التي باتت هي المعيار الأساس في عملية التقييم، وموضوع ارتداء الزي الموحّد في المدارس، وضرورة الاستفادة من الأنظمة التعليمية في البلدان الأوروبية المجاورة وغير ذلك من القضايا التي طالما تحدثنا عنها ونظّرنا لها كمهتمين وباحثين أو مسئولين من غير إشراك حقيقي لشبابنا في تناولها ومناقشتها وأخذ القرار بشأنها.

كان الغرض من عقد اللقاء التشاوري الذي استمرّ لمدة يومين بحضور خمسين من طلبة المدارس والجامعات من الشباب الأوروبي هو إيصال رسالة مهمة ذات معنى إلى المسئولين في بلدانهم بأن السياسات التعليمية إنما تعنيهم بالدرجة الأولى وتدخل مباشرة في صلب اهتماماتهم، وأن زمن تحكّم الوزارات والهيئات المختلفة بهذه السياسات وتوجيه بوصلتها لتحديد ما هو جيد للجيل الجديد أو ما هو غير نافع لهم قد ولَّى بلا رجعة.

الوعي والثقة بالنفس والمطالبة بالحقوق كلها أمور سادت أجواء ورشة العمل، فها هو أحد الطلبة الألمان يطالب وزير التعليم في بلده بتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه مع زملائه الهولنديين مثل تمديد الدوام المدرسي اليومي لكل الطلبة، هذا الملف الذي كان مثار جدل بين البحرينيين على مستوى المسئولين والنواب والصحافة قبل أن يقول الطلبة أنفسهم كلمتهم فيه!

اللافت أن بعض الطلبة السويديين ـ رغم أن التعليم في المدارس السويدية متطور جداً وثمة اهتمام كبير بتحسين نوعيته ومخرجاته في دولة تحتضن الديمقراطية فكراً وممارسةً كالسويد ـ أعرب عن استيائه من عدم تعاطي المسئولين مع مطالبهم واحتياجاتهم التعليمية بقوله: «نحن لا يسألنا أحد»!

في الوقت الذي يطالب الطلبة السويديون مسئوليهم بضرورة تقليص عدد الطلبة في الصف المدرسي وتحسين نظام إعداد المعلمين وهو من الموضوعات المهمة جداً والتي تقف حجر عثرة أمام مشاريع تحسين أداء المدارس البحرينية، إذ لا يُتصور قيام المعلم بتدريس صف يتراوح عدد طلابه بين 35 و40 طالباً!

كما استعرض الشباب الأوروبي النموذج الفنلندي في واجب الدولة ومسئوليتها في تقديم الدعم لجميع الأفراد بلا استثناء وتمكينهم في الاستفادة من فرص التعليم، إذ ان هذه التجربة تمنح فرصاً متكافئة لجميع الطلبة وفي كل المراحل التعليمية وتوفر المنح الدراسية لكل طلبة الجامعات على حد سواء، وتقوم الدولة هناك بتحمّل تكاليف الطعام في المدارس لجميع الدارسين.

مثل هذه اللقاءات التشاورية بين الشباب فرصة لتبادل المعلومات ونقل الخبرات التعليمية بالدول المجاورة، وقد بدا واضحاً في التأكيد على أهمية التجربة الألمانية في مجال التدريب المهني في ربط المواد النظرية بالحصص العملية، فالطلبة يتعلمون أولاً الجانب العملي في مصنعٍ من المصانع هناك ومن ثم يذهبون إلى المدرسة ليتعلّموا الجوانب النظرية، وليس كالتعليم في بريطانيا الذي يولي الجانب النظري اهتماماً كبيراً على حساب الجانب العملي، فالطلبة البريطانيون يعترفون بعدم جدوى الاستمرار في التعليم النظري، وبالتالي سيطالبون من وزيرهم ضرورة اعتماد النظام المزدوج الذي يوائم بين التعليم والعمل على إيجاد تكافؤ بين الحصص النظرية والعملية، إلى جانب المطالبة بفرض تعلّم اللغات الأجنبية في المدارس.

للأسف الشديد، لاتزال الذهنية المتحكّمة في سياساتنا التربوية والتعليمية بالوطن العربي تنطلق من أن الشباب هم أهداف لبرامج التعليم، وليسوا شركاء حقيقيين وناشطين فاعلين في عملية إصلاح التعليم والسعي لتعزيز الجهود الدولية المتمثلة في عقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة (2005-2014)، في إدماج مبادئ التنمية المستدامة وقيمها وممارساتها في جميع جوانب التعليم والتعلّم بهدف معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين عبر المشاركة النشطة للشباب في الأعمال المجتمعية التي تؤدي إلى التنمية المستدامة، وتشجيع أنماط الحياة الصحية والتسامح الاجتماعي ونبذ العنف في أوساط الشباب، وبأن هؤلاء الشباب توّاقون إلى المشاركة في القرارات والإجراءات المتعلقة بالتنمية المستدامة ومستقبل العالم الذي هو مستقبلهم أيضاً.

أهم ما يمكن استخلاصه من ورشة عمل الشباب الأوروبي أن المشاركين لم يكتفوا فقط بتبادل المعلومات والتصورات والرؤى، وإنما بادروا بصياغتها على شكل توصيات عملية ومقترحات رفعوها إلى وزراء التربية والتعليم والمسئولين عن النظام التعليمي في بلدانهم.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3991 - السبت 10 أغسطس 2013م الموافق 03 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً