العدد 4003 - الخميس 22 أغسطس 2013م الموافق 15 شوال 1434هـ

خارطة الطريق للعمل البيئي في البحرين (2)

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الشركة في العمل البيئي تشكل مقوماً مهماً في منظومة الأبعاد الاستراتيجية لخارطة الطريق للعمل البيئي، ضمن منظومة عمل المجلس الأعلى لشئون البيئة في البحرين للمرحلة المقبلة، وذلك ما جرى تبيانه في التقرير الاعلامي للمجلس بشأن السياسات المقترحة لمناهج عمله الحديث، حيث يجري التأكيد على أن المجلس يضع ضمن أولويات عمله للارتقاء بالعمل البيئي، «اعتماد العمل بمبدأ الشراكة مع كافة الوزارات والهيئات العامة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للتمكن من مواكبة التطورات البيئية واحتياجاتها الراهنة والمستقبلية على المستويين المحلي والعالمي»، وذلك وفق الرؤية والمبادئ الإستراتيجية للبيئة في مملكة البحرين 2020 التي أقرها المجلس.
إن ذلك التوجه والاتجاهات المنهجية في العمل على تبني الشراكة في العمل البيئي، يشكل استجابة مهمة لأهداف استراتيجية العمل البيئي الدولي الذي يجري تصنيف محددات منهجياته ضمن منظومة القواعد الاتفاقية للمواثيق الدولية في الشأن البيئي، ويشكل إعلان ستوكهولم لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة لعام 1972 أحد المواثيق الدولية المهمة التي جرى بموجبها وضع أسس العمل البيئي الدولي القائم على مبدأ الشراكة والتعاون في إنجاز أهداف المشروع الدولي البيئي.
ويعالج إعلان ستوكهولم للبيئة موضوع الشراكة في العمل البيئي في المبدأ (24) حيث يشدّد على أن «على جميع الدول، كبيرة وصغيرة، أن تتولى بروح من التعاون وعلى أسس المساواة، معالجة المسائل الدولية المتعلقة بحماية البيئة والنهوض بها.
ويمثل التعاون بواسطة الترتيبات المتعددة الأطراف أو الثنائية، أو الوسائل المناسبة الأخرى، شرطاً أساسياً للتصدي على نحو فعال للآثار البيئية غير المؤاتية والمترتبة على الأنشطة الممارسة في جميع المجالات ولمنع هذه الآثار والتقليل منها وإزالتها على نحو تراعى فيه على النحو الواجب جميع الدول ومصالحها».
وتعزيزاً لنهج الشراكة في العمل البيئي، حرص المجتمع الدولي على تضمين مبادئ إعلانات مؤتمرات القمة العالمية في الشأن البيئي بثوابت المسئوليات والالتزامات الدولية، وفي سياق ذلك النهج جرى التأكيد في المبدأ (7) من إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية-1992، على أن «تتعاون الدول، بروح من المشاركة العالمية في حفظ وحماية واستعادة صحة وسلامة النظام الايكولوجي للأرض، وبالنظر إلى المساهمات المختلفة في التدهور العالمي للبيئة، يقع على عاتق الدول مسئوليات مشتركة وان كانت متباينة». كما جرى التشديد في المبدأ (9) من الوثيقة ذاتها على أنه «ينبغي أن تتعاون الدول في تعزيز بناء القدرات الذاتية على التنمية المستدامة بتحسين التفاهم العلمي عن طريق تبادل المعارف العلمية والتكنولوجية، وبتعزيز تطوير التكنولوجيا وتكييفها ونشرها ونقلها، بما في ذلك التكنولوجيات الجديدة والابتكارات».
وتشكل مبادئ مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة-جوهانسبرغ-2002، إضافةً مهمةً لمنظومة القواعد الدولية المنظمة للشراكة في العمل البيئي، وذلك ما يمكن تبينه في المبدأ (46) الذي يؤكد على «أن التنمية المستدامة تتطلب منظوراً طويل الأجل ومشاركة واسعة في عمليات رسم السياسات العامة وصنع القرار والتنفيذ على جميع المستويات». ويشدّد المبدأ على جاهزية الحكومات في مواصلة «العمل من أجل إقامة شراكات ثابتة مع القطاع الخاص، وقطاع العمل، والمجتمع المدني، وكافة المجموعات الرئيسية، مع احترام الأدوار المستقلة والمهمة لهؤلاء الشركاء الاجتماعيين».
وقد أحدث مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة- ريو+20 تحولاً نوعياً في مفاهيم ومكون دائرة الشركاء في العمل البيئي، ويمكن تبين ذلك في منظومة المبادئ المحددة في وثيقة ريو+20 التي تعالج جوهر الموضوع والتي لا يتسع المجال لتسليط الضوء على حيثياتها ضمن هذا المقال، وتؤكد تلك المبادئ على محورية بناء شراكة مؤسسة مع كافة قطاعات وفئات المجتمع وتمكينها من المساهمة الفعلية في صناعة القرار البيئي.
ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى المبدأ (43) من وثيقة ريو+20 الذي يشير إلى أن المجتمع الدولي يؤكد أهمية «إشراك كافة الفئات الرئيسية: النساء، والأطفال، والشباب، والشعوب الأصلية، والمنظمات غير الحكومية، والسلطات المحلية، والعمال والنقابات، ودوائر الأعمال والصناعة، والدوائر العلمية والتكنولوجية، ومجموعات المتطوعين والمؤسسات والمهاجرين والأسر إضافة إلى المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة».
وفي هذا الصدد، يشير المبدأ ذاته إلى أن المجتمع الدولي يتفق على أن «يعمل بصورة وثيقة مع اﻟﻤﺠموعات الرئيسية وغيرها من الأطراف ذات المصلحة، ويشجّع مشاركتها الفعلية، حسب الاقتضاء، في العمليات التي تسهم في صنع القرار، والتخطيط لسياسات وبرامج التنمية المستدامة وتنفيذها على كافة المستويات».
وبالارتكاز على ما جرى معالجته من مبادئ، يمكن القول أن التوجه الاستراتيجي والممنهج لبناء شراكة مؤسسة لانجاز مهام وأهداف خارطة طريق العمل البيئي في مملكة البحرين، يقتضي تبني منهج التوحد القطاعي في العمل البيئي، ويقضي ذلك النهج اعتماد آلية تنظيمية وإدارية وفق قرار تشريعي يجري بموجبه توحيد جهود كافة القطاعات المؤسسية في حقول العمل المختلفة، لتمكينها من المساهمة في صناعة القرار البيئي ودعم العمل التنفيذي البيئي.
ويمكن الاستفادة في هذا السياق من تجربة لجنة التوعية والتثقيف البيئي في الشارقة كمنوذج تنظيمي وإداري لمنهج التوحد القطاعي في العمل البيئي وآلية لتوحيد جهود العمل المؤسسي البيئي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4003 - الخميس 22 أغسطس 2013م الموافق 15 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:18 ص

      د. أيوب أبودية-الآردن

      نعم صحيح الشراكة مع المجتمعات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني قضية اساسية، والحق ان اغفال الحكومات العربية ذلك، نتيجة مركزية ادارتها وتسلط البعض على الأموال المخصصة للعمل البيئي، أدى الى قطع قنوات اتصال الدول مع مجتمعاتها وبالتالي تبلبلت لغة الأطراف المتقابلة ولم يعد أي طرف يفهم على الآخر سواء كان منحى المطالب الشعبية سياسيا اجتماعيا أم ثقافيا.

اقرأ ايضاً