العدد 4059 - الخميس 17 أكتوبر 2013م الموافق 12 ذي الحجة 1434هـ

معضلة الصيف

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

بعد أن عاد الطلبة إلى مقاعدهم وانتظمت حياتهم الدراسية شعرت الأسر بحالة من الانفراج والطمأنينة بزوال معضلة الصيف وما تخبئة من مفاجآت غير محسوبة أضراها على الحياة الأسرية، فالصيف مشكلة مجتمعية لارتباطها بالعطلة الطويلة لنهاية العام الدراسي، وهي مرحلة مقلقة للأسر وخصوصاً منها محدود الدخل وتبدأ مرحلة القلق منذ اليوم الأول للعطلة المدرسية، وترافق ذلك تساؤلات تبحث عن حل وتتمثل تلك التساؤلات في كيفية التمكن من صون الأبناء من مخاطر الفراغ، ومن التأثيرات السلبية للعناصر غير السوية في المجتمع؟ وما هو الطريق الأمثل لتوجيه الأبناء في الاستثمار الرشيد للعطلة الصيفية لتنمية حصيلتهم المعرفية ومهاراتهم المهنية والتعليمية وتأهيلهم للتفوق في تحصيلهم الدراسي؟

أسئلة كنت أعيش واقعها وتقاسمت همها المجتمعي منذ الأيام الأولى لوجودي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتشكل تلك الأسئلة وأبعادها المجتمعية محفزاً لنشاطي التطوعي في بادئ الأمر عندما التحقت بجمعية أصدقاء البيئة حيث ساهمت في تنظيم دورة تأهيل الكادر البيئي لطلبة المدارس في أبوظبي في الفترة من 28 يونيو/ حزيران إلى 8 يوليو/ تموز 1997 والتحق ببرنامجها 22 طالباً وطالبة من جنسيات عربية مختلفة.

ولدوافع تنظيم برنامج الدورة حكايتها المتداخلة مع واقع معضلة الصيف وتداعياته على الأمن المجتمعي، وجرى تنظيم فعاليات البرنامج استجابة لنداءات أبناء الجالية العربية عبر البث المباشر لإذاعة أبوظبي حيث كنت وقتها مع رئيس جمعية أصدقاء البيئة سابقاً الشيخ عبدالعزيز علي راشد النعيمي، متوجهين إلى الشارقة في الثانية ظهراً في منتصف يونيو 1997 ورداً على ذلك اقترحت أن يجري تنظيم دورة بيئية لطلبة المدارس ووضعنا الأهداف والاتجاهات المنهجية لبرنامج الدورة وجرى الاتصال على الفور بالبث المباشر في إذاعة أبوظبي والإعلان عن خطة الجمعية في تنظيم البرنامج حيث انهارت الاتصالات على مكتب الجمعية في أبوظبي للتسجيل في الدورة.

ويشكل الهدف الرئيسي لبرنامج الدورة المساهمة في دعم بعض الأسر في إيجاد وسيلة عملية تضمن التحاق أبنائها ببرامج مفيدة وتجنيبهم مخاطر الفراغ في مرحلة العطلة الصيفية، وتتمثل الأهداف المساندة في تعزيز مفاهيم وقيم المسئولية الذاتية وثقافة العمل الاجتماعي والتطوع المدني العام للمشاركين، والمساهمة في إنجاز أهداف مشروع دولة الإمارات في تربية النشء.، وتنمية الوعي وتعديل السلوك البيئي للنشء، ودعم جهود العمل المجتمعي والتطوعي في حقول العمل المدني لإنجاز الأهداف الاستراتيجية لحماية البيئة وصون توازن نظامها الطبيعي، وفي المحصل العام تزويد المشاركين بالمعلومات والمعارف التي يمكن أن تثري حصيلتهم المعرفية وتكون مفيدة في مسيرتهم التعليمية.

وضم برنامج الدورة المحور الفكري وشمل محاضرات متنوعة في المجال التربوي والصحي والبيئي والعمل التطوعي، والمحور العملي وشمل زيارات ميدانية إلى المواقع البيئية والمحميات الطبيعية والمؤسسات ذات الأهمية في المجال التربوي والبيئي، والبرنامج التعليمي وشمل البرامج التعليمية في مجال تنمية القدرات وإعداد البرامج والبحوث البيئية، ووفق ما جرى رصده من آراء حول نتائج برنامج، فإن مواقف ورؤى أولياء أمور المشاركين أكدت على الأثر الإيجابي للبرنامج في تغيير مفاهيم الأبناء لمنهج العلاقة الأسرية وخططهم لمستقبلهم في التعليم الجامعي.

النتائج الإيجابية لبرنامج دورة تأهيل الكادر البيئي ومنجزاتها في تربية النشء كانت ضمن أولويات توجهاتي بعد التحاقي بالعمل الوظيفي في هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة في مايو/ أيار 1999 وتركت نتائجها أثرها الفعلي على الاتجاهات المنهجية للخطط الاستراتيجية للتوعية وبناء القدرات البيئية التي جرى وضع أسسها مع رئيس الهيئة سابقاً عبدالعزيز عبدالله المدفع، وبالاتساق مع ذلك المنهج جرى وضع المرتكزات الفكرية والعملية لدورة الشارقة للتأهيل البيئي، التي جرى تنظيم فعالياتها الأولى في 3 يوليو 1999 وتواصل العمل على تنظيم فعالياتها حتى صيف 2012.

تميز برنامج الشارقة بمنهجياته المؤسسة على البعد الاستراتيجي لتربية النشء وبما يتسق والسياسة التربوية للشارقة، واستهدف البرنامج الجنسيات العربية والأجنبية المتواجدة في الإمارات إلى جانب المشاركات من البحرين من جوالة المالكية وجمعية الشباب والبيئة ومشاركين من الكويت.

تضمن برنامج الدورة محاضرات متنوعة في الثقافة التربوية والغذائية والصحية والبيئية، وورش عمل تعليمية ومهنية في المجال التربوي والبيئي، وبرنامج عملي وميداني شمل زيارات ميدانية إلى المواقع التاريخية والتراثية والسياحية وتنظيم الرحلات التعريفية إلى المحميات الطبيعية والمعالم البيئية، وكان لبرلمان الدورة فوائده المهمة في تعليم المشاركين مناهج اتخاذ القرار والاعتماد على الذات في اعتماد مناهج التخطيط والإدارة الذاتية، وترك التوجه الممنهج في إدارة برنامج الدورة أثره الإيجابي في الارتقاء بالمستوى التعليمي للمتخلفين دراسياً وفي تبني المشاركين الأسس المنهجية للتخطيط السليم في بناء مستقبلهم التعليمي والمهني.

الحديث عن عطلة الصيف وأثرها على الأمن المجتمعي، يجعلنا نتبين حقائق مهمة في مسارات العمل لبناء خطة تربوية ممنهجة بعيدة المدى في أهدافها وخططها في الاهتمام بالنشء في مرحلة الصيف للتمكن في الحد من مخاطره على الأمن الأسري والمجتمعي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4059 - الخميس 17 أكتوبر 2013م الموافق 12 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً