العدد 4061 - السبت 19 أكتوبر 2013م الموافق 14 ذي الحجة 1434هـ

حمالي عراقي

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

في زيارة خاطفة للعراق احتجت إلى «حمال» لنقل بعض أغراض السفر، وفي الطريق من الفندق إلى الحافلة تبادلت معه أطراف الحديث، ولأنه صبي في مقتبل العمر (17 سنة) حاولت التعرف على شخصيته، والظروف التي أجبرته على جر هذه العربة الخشبية في هذه السن المبكرة.

بدأت حديثي مع (حسين) بسؤاله عن المرحلة التي يدرس فيها، وكان جوابه «أنا لم أذهب إلى مدرسة، ولم أتعلم» حاولت معاتبته على ذلك وصرت أذكر له ما للعلم من فوائد، وكيف أن العلم يستطيع أن يخلصه من هذه العربة الخشبية الثقيلة المحملة بحقائب المسافرين، وكيف للعلم أن يضمن له مستقبلا أفضل.

قصة هذا الشاب جعلتني أوفر نصائحي لغيره، لأن أول ما أجابني به هو أنه لم ينم لأكثر من يومين بسبب العمل، وأنه كان أحد أبناء الضحايا الذين تفرم لحومهم المتفجرات يوميا في العراق، فيتركون وراءهم قصصا من البؤس والألم، فالصبي (حسين) لم يكن لديه خيار غير جر هذه العربة، فقد كان والده يبيع الشاي بالقرب من مقام الإمام علي (ع) في النجف الأشرف، وقتل في الانفجار الذي استهدف رئيس المجلس الأعلى محمد باقر الحكيم، فترك أبوه له أمّاً وثلاث أخوات، بينما كان هو الصبي الوحيد بينهن، فلم يكن لديه سبيل سوى جر هذه العربة، ليوفر لأمه وأخواته الثلاث لقمة العيش، ولم يكن للقلم أو الدفتر مكان بين تراكم البؤس في حياته، فاضطر مجبرا إلى الإمساك بالمقابض المتهشمة لهذه العربة بدلا من الإمساك بالقلم.

سألته أيضا عن أصدقائه الذين هم في مثل سنه، وهل بينهم من درس أو تعلم، فذكر لي بعفويته أن كل عشرة صبيان قد تجد بينهم متعلما واحدا أو لا تجد، وأن كل واحد من هؤلاء له قصة بؤس تختلف عن الآخر، وكلهم من بيوت طحنها العوز والفقر، والحرمان، وكثير منهم أبناء لضحايا التفجيرات التي لاتزال تحصد في أرواح العراقيين يوميا.

أرقام ونسب الأمية في العراق مخيفة جدا، فبحسب تقارير أشرفت عليها وكالات الأمم المتحدة، فإن نسبة الأمية بين العراقيين تبلغ 24 في المئة، منها 11 في المئة بين الرجال، في حين بلغت النسبة في المناطق الريفية 25 في المئة، بينما لا تتعدى 14 في المئة في مناطق الحضر.

العنف وعدم الاستقرار السياسي هو المتهم الأول ليس في ارتفاع نسب الأمية فقط، بل في كل الويلات التي يعاني منها العراق، فمنذ بداية شهر (أكتوبر/ تشرين الاول) الجاري قتل في أعمال العنف المتفرقة في العراق أكثر من 400 شخص بحسب معلومات أمنية رسمية، ولك أن تتصور حجم المأساة لعوائل هؤلاء الضحايا، فليس بالوسع تعدادها.

دائما عدم الاستقرار السياسي لا يعود على البلدان إلا بالتقهقر والتراجع، ولا يمكن لبلد غير مستقر سياسيا أن يتقدم، أو ينجز، لذلك الحلول الفورية للمشكلات التي تعاني منها الشعوب، دائما تتسبب في طفرات سريعة في كل المجالات.

نحن في البحرين نعيش ظروفا مختلفة جدا عن الظروف التي يعيشها العراق، ودول أخرى مشابهة، ولكننا نحتاج الى أن نحدث نقلة نوعية على المستوى السياسي، تجعلنا على رأس المؤشرات الدولية، وقد استطعنا تحقيق ذلك عندما أردنا أن نحدث هذه النقلة في العام 2002، وعلينا أن نراقب وضعنا الحالي لنرى بالعين المجردة الأضرار والخسائر التي نتكبدها جميعا حكومة وشعبا، بسبب وضعنا الذي نطمح جميعا الى أن ننتقل منه إلى وضع أفضل، يعود على الجميع بالنفع والاستقرار، من خلال معالجة سياسية حقيقية قادرة على احتواء الازمة القائمة.

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 4061 - السبت 19 أكتوبر 2013م الموافق 14 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 8:52 م

      ما اكثر العبر وما أقل المعتبرين

      العراق بعد أن كان يشار إليه بالبنان أصبح من الدول الفاشلة ، عليه العوض

    • زائر 13 | 9:25 ص

      علمني اولا

      يقول المثل علمني كيف اصيد السمكة احسن من تعطيني سمكة

    • زائر 15 زائر 13 | 2:53 م

      من بلاوي النظام الدي جاء علي الدبابة الامريكية

      فقط اريد ادكر كاتب المقال ان العراق في عهد النظام السابق حصل علي المركز الاول في محو الامية علي العالم عام 1997 بشهادة الامم المتحدة اليونسكو هدا الي جانب المجال الصحي والتكنلوجي والعلمي والعسكري وهدا ما ازعج امريكا والصهيونية لدلك شنتت الحرب علي النظام الوطني وتم اسقاطة ومجي حكومة لاتعرف فك الخط ومدعومة من امريكا والصهيونية والجهل فانتشرت الامية بين ابناء الشعب العراقي وشوف نتائج الجهل الان قتل تهجير علي الهوية والمدهب وعدم استقرار والفوضي والفساد المالي والاداري

    • زائر 12 | 9:21 ص

      لزائر 8

      ياسلام عليك احنا بالبحرين نحسب الربيات لتوصلنا لاخر الشهر ويا جهالنا وهناك بالبحرين يستحي يمد يده ويمشي وهو ميت جوع وبيت اجار ما يقدر يسدد لديون ومنتف , وانت تقول اربع ورقات بو 20 يعني ثمانيين من قال احنا نملك هالمبلغ اذا رحنا نزور الحمدلله والشكر . زاير 8 الظاهر متريش مشكل عليك وثانيا من قال هدا حل للمشكلة من جذورها افهم المغزى اولا ثم تكلم بادب يا متريش . خاتون

    • زائر 8 | 5:02 ص

      شئ لم تفعله

      لو كنت صادقاً وذو قلب رحيم وإنسانيتك عاليه لسحبت اربعة اوراق من بو عشرين دينار وقلت له يا بني خذذخ هذا المبلغ وروح لأمك واخوانك في البيت وإستريح اليوم ولكنك تقد النصائح وتسأل عن الأحوال - اكلك او اقول لك وفر نصائحك لنفسك لأ، تخليك عن وجبة غذاء لهذا الطفل كان افضل من هذه القصة وكان يساعدك في الرجيم فأنت محتاج للرجيم - مع تحيات أخوك - حجي وهرار

    • زائر 9 زائر 8 | 6:18 ص

      انا اظنه اكثر شفقة من غيره الذي ربما يساوم الطفل على ثمن الحمولة !

      انا لا اعرف الكاتب الا انني اعتقد اي انسان تعرض لموقف مثل هذا في العراق كان او في البحرين ودفعه هذا الوضع الغير طبيعي للسؤال ربما لديه شئ من الرحمة

    • زائر 10 زائر 8 | 6:26 ص

      افهم

      وهل يجب عليه ان يخبرنا ان فعل خيرا ام لا!! هل يجب ان يتباها بفعل الخير،، هذا بينه وبين ربه ،،
      يا اخي مو لازم يقول لك والله يكون بعون الولد

    • زائر 14 زائر 8 | 9:44 ص

      وما يدريك ؟

      وما يدريك ما أعطاه وماذا قدم له ؟
      فلا تظنن السوء ، وهو مقال توجيهي قيمي رائع.

    • زائر 5 | 2:46 ص

      ذلك لا يهمهم

      لا يهمهم امر البلد وما يؤل اليه ما يهمهم فقط المنصب

    • زائر 4 | 2:31 ص

      العدو واحد ..

      ما يحتاج لكلام كثير عدونا واحد ومعروف ويهدم البلدان بمعوله التكفيري الضالم وليه يوم لا مناص حيث سيجف القلم وتتكلم عدالة السماء .

    • زائر 2 | 1:04 ص

      هذا الامر لا يهمّ الدول الممولة للارهاب

      هناك دول تموّل الارهاب وهذه الدول ربما تفرح لسماع هذا الخبر لأن خطتهم نجحت في تجهيل هذا وامثاله . نعم هناك استهداف لطائفة معينة بذاتها ومحاولة القضاء عليها ولماذا ندسّ رأسنا في التراب فلنتكلم بصراحة
      هاهي آلة القتل تحصد ارواح الابرياء ليل نهار وعلى مرآى من كل العالم

    • زائر 11 زائر 2 | 6:29 ص

      الطوائف

      انا لا ارى ان استهداف لطائفه واحدة فقط,, انه استهداف للمسلمين كافه بجميع طوائفهم
      سنه وشيعة في كل بلد يستهدف ،، ينظرون الا اي الطوائف التي بها اناس من الممكن استهداف قلبهم وذالك لضعف ضروفهم
      اللهم احمي المسلمين

اقرأ ايضاً