العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ

تنازع الثقافات في موسم عاشوراء

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الحفاظ على نظافة المحيط البيئي كمطلب حضاري وهدف استراتيجي لتوفير مقومات الأمن الصحي للإنسان يشكّل ركيزة منهجية لمفاهيم السلوك المجتمعي في العلاقة مع المحيط البيئي وظاهرة حضارية ضمن أهداف المنظومة القيمية للمناشط والفعاليات المؤسسية والمجتمعية.

وتتفاعل القيم والظواهر الحضارية بالنظم البيئية ضمن خلية واحدة مع الظواهر والسلوكيات المجتمعية المختلفة في طبيعة منهجياتها لمفاهيم ثقافة العلاقة غير الرشيدة بالمحيط البيئي والتي لا تعير الاهتمام بالقيم والالتزام بالسلوك الرشيد لصون نظافة المحيط البيئي.

عاشوراء مناسبة تكثر فيها الأنشطة المجتمعية والمؤسسية المختلفة في مضامينها، وهو حدث موسمي ذو قيمة اجتماعية، وتتنوع مظاهر إحياء شعائره في مملكة البحرين، وتجسد تلك المظاهر واقع التنوع والتباين في ثقافة الالتزام بقيم المناسبة الإنسانية والحضارية، وتشكل البيئة مؤشراً مهماً لثقافة المجتمع، وصارت في مقدمة أولويات الأنشطة في عاشوراء، وأكدت حضورها للمرة الأولى في مشروع عاشوراء البيئي في يناير 2008 في مدينة المنامة.

مشروع «عاشوراء البيئي» الذي جرى تنظيمه تحت رعاية ملك مملكة البحرين، حدث له دلالاته وأحدث طفرة نوعية، وجرى تنفيذ فعالياته في خيمة معدة خصيصاً لذلك بإشراف الفنان البحريني عباس الموسوي، وشاركنا في برنامجه بإلقاء محاضرة باسم جمعية البحرين للبيئة بعنوان «قيم عاشوراء والحفاظ على المعالم البيئية»، وشمل البرنامج معرضاً فنياً ومحاضرات وشعارات بيئية.

حملة «عاشوراء نرتقي-4» التي أطلقتها بلدية المنطقة الشمالية تحت شعار «عاشوراء وقت التغيير» وجرى تدشين فعالياتها في يوم السبت (2 نوفمبر/ تشرين الثاني2013) بالتعاون مع مأتم آلشهاب وأهالي قرية الدراز، مؤشر ايجابي على التحول النوعي في موسم عاشوراء، وتشير إلى تنامي الوعي والاهتمام المجتمعي والمؤسسي بالقضايا البيئية، وتمحورت أهدافها في تنمية الوعي الاجتماعي بأهمية فرز وإعادة تدوير النفايات والتقليل من حجمها وجعلها ثقافة وسلوكاً مجتمعيا، بما يسهم في الارتقاء بالمفاهيم المجتمعية في العلاقة مع البيئة، والتوعية بأهمية الحفاظ على النظافة العامة، وبما يفيد تعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية في تفعيل منهجيات وأهداف المشروع في ترسيخ قيم الثقافة البيئية والسلوك الحضاري.

حملة «قِـيَمْ» التي نفذها المجلس البلدي وبلدية المنامة بالتعاون مع شركة مدينة الخليج في موسم عاشوراء، تشكل إضافة مهمة في مشاريع العمل للحفاظ على النظافة العامة والارتقاء بمفاهيم الوعي والسلوك البيئي الرشيد للمجتمع، وترتكز أهدافها على منهجيات العمل لنشر القيم البيئية المستدامة في الحفاظ على البيئة والصحة والسلامة، وتستند رسائلها إلى القِيَم والمبادئ الهادفة إلى التأكيد على مبدأ الشراكة وتوعية المجتمع المحلي بأهمية السلوك الرشيد والممارسات الحضارية للتخلص من النفايات، وجعل ثقافة المحافظة على النظافة سلوكاً مجتمعياً.

تحقيق جودة المنجز لأهداف المشاريع المشار إليها يتطلب وضع آليات مؤسسة تسهم في تحفيز العمل الفردي والمجتمعي لبناء نهج قويم للعلاقة الرشيدة مع المحيط البيئي، ذلك ما دفع المؤسسات المعنية بالعمل على إطلاق جائزة بلدية المنطقة الشمالية لأفضل مأتم في الممارسات البيئية وإطلاق المجلس البلدي وبلدية المنامة مشروع «المآتم الخضراء».

التفاعل الاجتماعي مع الرسائل البيئية للمشاريع يمكن تبينه في الممارسات المتباينة في جانبها الايجابي والسلبي، والمتناقضة في بعض جوانبها مع الأهداف المحددة للمشاريع، مقاربةً مع بعض ما شهدناه من سلوك فردي أثناء حضورنا مراسم إحياء مناسبة عاشوراء، فممارسات البعض جسّدت ظاهرة انعدام المسئولية وعدم الالتزام بالحفاظ على النظافة العامة، وكان لمبادرة عدد من القائمين على المضايف في جمع المخلفات في أكياس ووضعها في أماكن خاصة ظاهرةً تجسد المنجز الايجابي للمشاريع.

إن من الممارسات غير الرشيدة التي شهدناها وتدلل على انعدام الوعي والمسئولية الأخلاقية، تتمثل في ظاهرة رمي المخلفات في الشوارع، وإلقاء بعض الأفراد المخلفات عند مدخل بيتنا، وتحويله إلى موقع لتجميع المخلفات. وبالتعارض مع ذلك هناك مواقف إيجابية شهدناها ينبغي الإشارة إليها، وتتمثل في موقف أحد الأصدقاء باعتراضه على قيام أحد الحضور برمي علبة ماء فارغة أمام موكب عاشوراء، وتوجيهه برميها في سلة المهملات والتأكيد على أن ذلك سلوك غير حضاري.

إن ما شهدناه من مواقف إيجابية منجزٌ نعتد به، وإن ما جرى استعراضه من جهود يمكن أن تؤسس لبناء ثقافة بيئية قويمة تعزّز من قيم عاشوراء، بيد أن ذلك الجهد في حاجة إلى الارتقاء بمواصفاته ومنهجيات عمله والابتعاد بمناشطه عن الجوانب المظهرية والاستعراضية والموسمية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 7:56 ص

      ناشط بيئي

      صحيح جدا ما تناوله الدكتور ولكن هذه المشاريع التي تحدث عنها في مقاله لم توف حقها من الاهتمام لا من قبل البلدية ولا من قبل المجالس .. اتذكر حين تدشين حملة قيم من قبل مجلس بلدية المنامة الم نرى الا بعض المسؤولين وحتى رئيس المجلس والمدير العام للبلدية لم يكونا من الحاضرين ولذلك دلالات على عدم الاهتمام .. اليس كذلك ؟؟

    • زائر 2 | 3:39 ص

      البيء والمحافظه على النظافه

      اشكر الدكتور شبر الوداعي على المقاله الرائعه والتي تدل حرص الدكتور على النظافه واهتمامه بالبيئه الصحيه وهذه هيه الروح الوطنيه في تنمية الثقافه المجتمعيه فشكراً لك مرتاً اخرى

    • زائر 1 | 11:01 م

      ثقافة ارتقائيه مطلوبه دائما ولكن

      عاشوراء لرقي النفس وتكاملها معنويا لابهيميا

اقرأ ايضاً