العدد 4128 - الأربعاء 25 ديسمبر 2013م الموافق 22 صفر 1435هـ

الصفقة الخاسرة خادعة

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

«إن لم نربح فلن نكون خاسرين»... من منا في حياته لم تنله هذه العبارة؟ إنها نظرية الصفقة، وما أدراك ما الصفقة، إن لم نكن جزءًا منها، فمن منا لم تكن في حياته صفقات؟ لكن من منا يبصر صفقته و يتسنى له أن يحدّد خسارته من عدمها أثناء انعقادها، فمنا من يدرك بعد انعقادها مباشرة، ومنا من يموت ولم يدرك بعد، أنه أبرم صفقة خاسرة.

جاء مفهوم الصفقة لغةً -كما ورد في المعجم الوسيط - ضربُ اليد عند البيع، وهي علامة إِنفاذه. وكانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه، وعرفت اصطلاحاً: بمعنى العقد.

وجاء في الموروث العربي أن يوم الصفقة هو يوم من أيام العرب في الجاهلية، إذ انتقم فيه الفرس من بني تميم لنهبهم عير كسرى تحمل شجراً للقسي والسهام متوجهة إلى اليمن.

هناك صفقات رابحة وأخرى خاسرة، وهناك قصص كثيرة، لكن أسوأها ما يعتمد على التوقعات، وهذا ما حدث للمحامي الفرنسي على الرغم من أن المحامين ضليعون في الصفقات كونهم أهل العقود والقانون، ولكن ما جاء في هذه القصة يكاد يكون مغايراً وفقاً لما يقال الصفقة الخاسرة خادعة. تقول الحكاية أن عجوزاً فرنسية اتفقت مع محامٍ على بيع بيتها له، على أن يسدّد لها مبلغاً شهرياً مع بقائها في بيتها حتى وفاتها.

كانت العجوز تبلغ من العمر أربعة وتسعين عاماً، في حين كان هو في الخمسين من عمره. المحامي ظن أن صفقته رابحة لأن العجوز لن يطول بها المقام في هذه الدنيا بعد أن بلغت من العمر عتياً، فهي سترحل عما قريب، وسيمتلك البيت بأقل ثمن. والعجوز دخلت الصفقة من باب إن لم تربح فلن تكون خاسرة، إذ ضمنت السكن والمال حتى آخر عمرها، فما الذي حدث؟

انتظر المحامي، وفي كل يوم يعتقد أنه اليوم الأخير من حياة العجوز ينقص من عمره يوماً، طال انتظاره حتى أعطاها مبالغ تفوق ثمن البيت، ومات هو وهي مازالت حية ترزق، تحيي عيد ميلادها لـ 121 عاما، واستمر ورثة المحامي في دفع المبلغ للعجوز بحكم العقد والقانون، فمن خسر الصفقة ومن ربحها؟

اليوم في وطننا، ننادي بالحوار الجاد من أجل مزيد من التفاهم والخروج من الأزمة قبل استفحالها أكثر، نخشى أن يجرنا العناد إلى إبرام صفقة نعجز أن يكون فيها الوطن هو الرابح. الصفقة في حد ذاتها ليست تسوية، ولكنها المسار الحتمي الذي علينا الدخول فيه، إن لم نكن راغبين فمضطرين، عندها نبحث عن من انتصر ومن اكتوى بنار الألم، وماذا استفدنا وماذا خسر الآخرون؟ فالرهان على الوقت صفقة خادعة، والخادعة خاسرة.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4128 - الأربعاء 25 ديسمبر 2013م الموافق 22 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:13 ص

      صم بكم عمي

      انتم تخاطبون الصم البكم العمي لذلك لن يلقى خطابكم اي صدى لديهم وهم ماضون في الحل الامني حتى يهلك الحرث والنسل فلا خوف من دمار البلد

    • زائر 2 زائر 1 | 1:48 ص

      الحال

      عما قريب سوف تتغير كل المعادلات السياسية والقوي سوف ضعيف امام سلطة القانون ودوام الحال من المحال.

اقرأ ايضاً