بعيداً عمّا مارسه البعض خلال الفترة الماضية ومحاولته إشعال نار الفتنة الطائفية في أعرق مؤسسة ديمقراطية في البحرين والخليج العربي، فإن انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين تبقى علامة مضيئة في الواقع المظلم الذي نعيشه، والتفتت الطائفي الذي نعاني منه.

في الخامس عشر من الشهر الجاري سيتوجه نحو 6000 صاحب عمل وتاجر يمتلكون ما يفوق 17 ألف صوت (بحسب القانون الجديد للغرفة الذي يعطي لكل مؤسسة تجارية عدداً من الأصوات بحسب حجم رأس مالها) لصناديق الاقتراع لانتخاب مجلس إدارة جديد للغرفة يمثل الأسرة التجارية في البحرين، حيث تقدم حتى الآن 55 مرشحاً ضمن 5 قوائم انتخابية وعدد من المستقلين.

الجميل في أمر هذه الانتخابات أن القوائم الانتخابية مشكلة بشكل غير طائفي، أو إقصائي، فلا وجود لقائمة انتخابية تقتصر على تجار من مذهب معين، أو مستوى اقتصادي محدد، فهي تحتوي على خليط يجمع المذاهب والتوجهات السياسية المختلفة وحتى أن بعضها حرص على تمثيل المرأة من صاحبات الأعمال، واحتوت إحدى القوائم على اسم من العائلة الحاكمة، فيما احتوت قائمة أخرى على اسم يمثل التجار الأجانب، ما يؤكد أن الهاجس الطائفي الذي يحاول البعض فرضه على الشعب البحريني ليس موجوداً لدى هذه الفئة على الأقل.

إن فئة التجار وأصحاب الأعمال لديها مصالح مشتركة ومتداخلة أهم من الاختلاف المذهبي أو الإثني أو حتى السياسي، فرأس المال لا يعرف التمييز بين أصحاب المصالح المشتركة مهما كانت جنسيتهم أو لونهم أو ديانتهم، فكل ما يهم هو المحافظة على هذه المصالح.

وكما أن لدى التجار مصالح مشتركة فإن لدى المواطنين البسطاء هموم ومطالب مشتركة، فالجميع يعاني من البطالة وتدني مستوى الرواتب وغلاء المعيشة والانتظار لسنوات طويلة للحصول على سكن حكومي والجميع يشتكي من تدني مستوى الرعاية الصحية، فيما يستشري الفساد، وتستأثر قلة على مقدرات الوطن، وتصرف مئات الملايين على الملذات الشخصية، وذلك لن يتوقف أبداً ما لم تكُنْ هناك رقابة شعبية حقيقية وقوانين نافذة تطال الجميع.

بالطبع هذه القوائم تمثل ضربة لمن أصدر قوائم المقاطعة للتجار، كل بحسب مذهبه، وتثبت أن هناك من لم تصبه عدوى الطائفية، وتعطي أملاً بالبحرين التي نحب أن نشاهدها.