العدد 4249 - الجمعة 25 أبريل 2014م الموافق 25 جمادى الآخرة 1435هـ

خواطر حول... «أسرار سنغافورة»

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

تساءل الإعلامي البارز أحمد الشقيري في برنامجه «خواطر 9»، في الحلقة التاسعة عشرة التي قدمها تحت عنوان «أسرار سنغافورة»، عمّا إذا كان في مقدور «دولة» أن تتطور بلا موارد؟ لكنه استطاع أن يقدم للمشاهد العربي كيف تطوّرت دولة تطوراً حقيقياً بعد أن خاضت حرباً ضد الفقر والفساد.

تلك الحلقة المذهلة، خاطبت عقل المشاهد العربي وقدّمت شرحاً مفصلاً، ليت الحكومات تستفيد منه، عن نجاح تعايش جنسيات وأعراق مختلفة؛ وعن القوانين الصارمة التي تمنع أي شخص من ارتكاب أية مخالفات حتى وإن كانت بسيطة. وبين دفتي البرنامج، حديث عن دور القيادات السياسية التي حققت نجاحاً بعد انفصالها عن ماليزيا في العام 1960 ونالت استقلالها في العام 1965.

الحلقة كانت موفقة في بث لقطة أرشيفية لأول رئيس وزراء لسنغافورة وهو «لي كوان يو» وهو يبكي! ليتحوّل عزم ذلك الرجل بعد بكائه نحو تحقيق قفزةٍ لبلده كواحدة من دول العالم الثالث إلى بلدٍ متقدمٍ يُشار إليه بالبنان.

في أسواق سنغافورة، تنتشر القمصان والهدايا التذكارية التي طبعت عليها قائمة المخالفات. ترسيخ وتشديد بأسلوب جميل للقانون وأهميته. لا يمكن للمواطن أن يتناول العلكة التي لا تجدها في الكثير من المحال التجارية، فلربما قادته تلك العلكة إلى مخالفة حين يلوكها ويرميها على أحد الأرصفة، عامداً أم ناسياً.

«لايجب أن نقع في الخطأ مرتين»، تلك كانت منهجية كوان يو، الذي كتب في مذكراته ما يستحق أن تتأمل فيه كل حكومات دول العالم الثالث: «دائماً كنا ننظر للفرد أو العنصر الأفضل لأي مهمة أو واجب، مهما كانت انتماءاته أو أصله أو دينه. كنا نهتم بالنتيجة فقط، وكنا نعلم تماماً أن فشلنا يعني حروباً أهلية واندثار حلم».

من ضمن فقرات البرنامج، استعان الشقيري بمواطن سنغافوري ليقدّم للمشاهدين آلية التقدم بطلب للترخيص لمؤسسة تجارية. اختار مؤسسةً في مجال الإعلام، وفي لحظات، يدخل المواطن لموقع الكتروني ويملأ استمارة خاصة تحوي بياناته ونوع النشاط الذي يريد ممارسته، ليتسلم رسالةً تشير إلى استلام الطلب، ولتصله في اليوم التالي، الموافقة على بريده الإلكتروني ودعوة له بالنجاح في عمله. لا طوابير ولا واسطات ولا أوراق وإجراءات معقدة ولا يحزنون.

أدرك كوان يو، أن هناك خطراً كبيراً يهدّد البلد، ألا وهو «الغليان العنصري والديني»، الذي يمكن أن تزداد خطورته مع التهديد الخارجي، وترقب ماليزيا لفشل ذريع حتى تعيد سنغافورة بالقوة إلى «الملايو». ولأنه رجل مسئول، فأمامه نسبة بطالة تقارب 15 في المئة، وبنية تحتية لا يمكن أن توصف إلا بالتخلف. لا وجود لضبط القانون والأمن. لا مدارس ولا جامعات بإمكانها الإسهام في بناء دولة قوية... فما العمل؟

عندما انضمت سنغافورة إلى اتحاد الملايو في العام 1963 في اندماجٍ لم يستمر أكثر من عامين، حدثت صدامات عرقية بين الصينيين والملاويين، وهي الصدامات التي أخرجت سنغافورة من ذلك الإتحاد لتستقل في العام 1965، ووضع رئيسها كوان يو، ما أسماه «الكرامة البشرية» التي شملت خليط المهاجرين من الصين والهند وأقليات آسيوية متنوعة، ولا يحق لأي عرق أو دين أو طائفة أو كائن من يكون، أن يتجاوز حدوده ليشكّك في انتماء أو ولاء أو حق أي مواطن آخر من أية ملة كانت.

لو نظرنا إلى ذلك الخيط اليوم، لوجدنا أنهم جميعاً يحملون شعار: «سنغافورة 1»، فلا مكان للمفسدين العابثين بالمال العام، ولا مكان لخطاب طوائف يدمّر السلم الاجتماعي، ويشعل المجتمع تناحراً وصداماً. وليس هناك مسئول يستطيع أن يلعلع في وسائل الإعلام بالأكاذيب والوعود الفارغة. الكل يعمل بإخلاص، وهو أمر لا نجده في الكثير من دول العالم الثالث التي اتخذت طريق تكرار الخطأ آلاف المرات بدلاً من منهج: «لا نريد أن نكرّر الخطأ مرتين».

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4249 - الجمعة 25 أبريل 2014م الموافق 25 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:48 ص

      من سنغافورة الخليج؟؟؟

      دول حلمت بانها تصبح سنغافورة الخليج ... من هي يا ترى؟

    • زائر 1 | 11:04 م

      سنغافورة متعدد الملل والاعراق

      سنغافورة متعددة الاعراق و الاديان ولكنها نجحت لانها لم تفرق بين مواطنيها على اساس الدين و المذهب

اقرأ ايضاً