العدد 4269 - الخميس 15 مايو 2014م الموافق 16 رجب 1435هـ

الازدحام على أقسام الطوارئ الطبية والحالات المستعجلة

محمد حسين أمان

طبيب ومدرس إكلينكي، باحث في طب الطوارئ

تشهد أقسام الطوارىء في المستشفيات وعيادات الرعاية العاجلة ازدحاماً شديداً من قبل المرضى على اختلاف أعمارهم وأعراضهم الصحية، ما يشكل عبئاً مهنياً على الموارد البشرية وغيرها من الموارد، ويضع إمكانات وطاقات تلك المستشفيات والمراكز على طريق تحدٍّ حقيقي وبارز تتقاطع فيه معايير الرعاية الصحية المثلى، وتظهر مسألة سلامة المريض ورعايته على بعد محتمل فى التأثر سلباً.

إن الازدحام على أقسام الطوارىء معضلة عالمية تعاني منها المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية العاجلة كافة وهو ما حدا القائمين عليها من إداريين وأطباء وصانعي القرار إلى تفعيل الكثير من الأدوات المهنية في علم الإدارة الطبية الحديثة في جهود حثيثة لفهم واستيعاب ظاهرة تنامي الازدحام تلك أولاً ومن ثم ابداع الحلول المناسبة لتكييف هذه الظاهرة حفاظاً على سلامة المرضى وضمانة لتقديم رعاية صحية ذات معايير ومرجعية عالمية محكمة.

ضمنياً، عرفت الكلية الأميركية لأطباء الطوارىء (أسيب) ظاهرة الازدحام على أقسام الطوارىء والمراكز الطبية للحالات المستعجلة على أنها «الوضع الذي تكون فيه الحاجة إلى رعاية طبية عاجلة أو طارئة تفوق إمكانات وطاقة أي قسم على تقديم الرعاية الآنية الآمنة والمطلوبة، وعادة ما يحدث ذلك في أقسام الطوارىء الملحقة بالمستشفيات يكون معها توافر الكوادر التمريضية والطبية المؤهلة ولوازم الرعاية الطبية العاجلة من أسرَّة ومعدات مراقبة صحية وغيرها غير كافية لمواجهة الكم الكبير من المرضى، ما يستدعي إطالة فترات الانتظار والتأخير في تقديم علاج طارىء لايحتمل التأخير».

هناك الكثير من العوامل التي تساهم في بروز ظاهرة الازدحام في أقسام الطوارىء منها ما يتعلق بالعمل الروتيني اليومي وما يتبعه من تأخر أو إطالة وقت معاينة وتقييم أعراض المريض عندما يتطلب الأمر عمل بعض الفحوصات الطبية اللازمة وانتظار النتائج من الأقسام التشخيصية من مختبر وأشعة وغيرهما، وهناك من العوامل الأخرى ما يتعلق بالنظام الصحي وما يتبعه من آليات وسياسات في توفير الرعاية الطبية ولسنا هنا في مجال تقييم النظام الصحي، وإن كان ذلك له من الثقل والأثر المهم في التغلب على ظاهرة الازدحام، لكن نريد تسليط الضوء هنا على محاولة بث الوعي التثقيفي لدى مجتمعاتنا لأهمية مراعاة خطورة تنامي مشكلة ازدحام المرضى على أقسام الطوارىء، وما قد يتبع ذلك من استنزاف مصادر الرعاية الطبية المستعجلة في غير ما خصصت له.

إن مفهوم الرعاية الطبية المستعجلة أو الطارئة من منطلق مهني بحت هي كل ما يحتاجه المريض أو المصاب من تدخلات علاجية أو تشخيصية وقتية أو كليهما في سبيل إنقاذ حياته والحفاظ على وظائفه الجسمية وسلامة أعضائه كافة، هذا المفهوم يصب في المقام الأول في صلب وأساس الممارسة المهنية في تخصص طب الطوارىء، وهو ما يرمي اليه أي طبيب طوارىء مؤهل عندما يعاين ويعالج أي مريض وهو ذاته نقطة الاختلاف مع المرضى ومرافقيهم في تعريف وفهم جوهر الرعاية الطبية الطارئة وأولويات تقديمها، فنحن لا نقول إن من يراجع قسم الطوارىء لا يحتاج إلى علاج، لكن هناك دوماً من يحتاج أكثر إلى رعاية طبية آنية تجعله صاحب الأولوية في الرعاية والاهتمام.

لقد أظهرت الدرسات المسحية كافة في استكشاف وتحليل مسببات الازدحام على أقسام الطوارىء أن ما لا يقل عن 75 في المئة من المرضى المترددين يعانون من عوارض مرضية بسيطة من الممكن علاجها في مراكز الرعاية الصحية الأولية من مستوصفات صحية والعيادات الخارجية، وهنا تكمن الرسالة، فهل نتقبل حقيقة أن أقسام الطوارىء وضعت في المقام الأول لاستنقاذ حياة، وأن ما يتم تسخيره من كوادر مهنية تعمل جاهدة فى السبيل نفسه.

إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"

العدد 4269 - الخميس 15 مايو 2014م الموافق 16 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:44 ص

      كلام في محله

      للاسف الحالات البسيطة والي يمكن معالجتها بالمراكز الصحية تضطر للذهاب للطوارئ بحجة اختلاف النوبات والعطل الرسمية حيث اغلب المراكز تعمل بالفترة النهارية وبعضها بالمساء والكثير منها ليس مجهز لاستقبال بعض الحالات رغم وجود الكوادر البشرية المتخصصة.. للاسف الرعاية الصحية لدينا في تدني بسبب وضع اشخاص بمناصب مسؤولية غير متمرسين وعديمي الخبرة وانتهاجهم نهج الظهور الاعلامي بدون تغيير حقيقي وملموس في هذا المجال..

اقرأ ايضاً