العدد 4269 - الخميس 15 مايو 2014م الموافق 16 رجب 1435هـ

التشريع البيئي في استراتيجية صون التنوع الحيوي لمغاصات اللؤلؤ في البحرين

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التشريع مطلب مهم في استراتيجية العمل البيئي ويشكل القاعدة الصلبة التي يبنى على أساساتها منظومة الإدارة البيئية، وتحظى ببعدها الاستراتيجي في منظومة العمل البيئي الموجه لإنجاز أهداف صون التوازن البيئي ومبادئ التنمية المستدامة. ويمثل النظام القانوني محوراً رئيساً في الآلية الاجرائية والإدارية والرقابية والتنفيذية في خطة العمل التنفيذي لمشروع تطبيق النظام الايكولوجي لصون التنوع الحيوي في مغاصات اللؤلؤ في مملكة البحرين.

الأهمية الاستراتيجية للتشريع البيئي تكمن في قواعده القانونية ووظائفه ومهامه الإجرائية لتنظيم آلية الرقابة والإدارة البيئية ووسائل تطبيق قواعد القانون وطرق فرض مبادئ الالتزامات والمسئوليات التي يحدّدها القانون في شأن العلاقة مع معالم النظام البيئي، وبناء الأسس المنهجية الخاصة بتفعيل قواعد القانون البيئي للحد من الممارسات غير الرشيدة وقمع المخالفات وأشكال التعدي على المعالم البيئية، والحد من حالة تدهور مكونات النظام البيئي وتوفير المتطلبات الإجرائية والقانونية لصون توازنه الطبيعي.

المجتمع الدولي وضع التشريع البيئي في مقدمة أولويات استراتيجياته، وذلك ما يؤكده منجز الجهد الدولي في اعتماد منظومة الاتفاقيات الدولية النوعية في الشأن البيئي، والاتفاقية الدولية بشأن التنوع البيولوجي، أحد الأركان الرئيسة في منظومة التشريع الدولي البيئي. وتحدد قواعدها جملة من الالتزامات القانونية في شأن العمل الدولي لصون منظومة التنوع الحيوي التي تعرضت للاستنزاف والتدهور الممنهج نتيجة جملة من الأنشطة البشرية والخطط التنموية غير الرشيدة وغير الملتزمة بمعايير القانون الدولي والمعايير البيئية السليمة.

وتشدد الفقرة (ك) في المادة (8- الصيانة في الوضع الطبيعي) على أن يقوم كل طرف متعاقد، قدر الإمكان وحسب الاقتضاء بـ «وضع أو الإبقاء على التشريعات أو الأحكام التنظيمية اللازمة لحماية الأنواع والمجموعات والأصناف المهددة وفقاً للتعريف الوارد لها في المادة – 6 في الاتفاقية».

التفاعل الاقليمي في وضع قواعد التشريع المنظمة لصون معالم البيئات الطبيعية والحياة الفطرية أكد حضوره أيضاً من خلال المبادرة النوعية في التوقيع على اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث لعام 1978 والملاحق المكملة لها، والتوقيع على اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. الاتفاقية تناولت منظومة من القواعد القانونية وحدّدت جملة من الالتزامات والمسئوليات التي يمكن بموجبها تنظيم جهود العمل المشترك لصون التنوع الحيوي والحد من تصاعد وتيرة تدهور بيئاته الطبيعية، وألزمت قواعدها في المادة (1) فقرة (3) بأن «تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بتطوير وتطبيق السياسات والأنشطة بهدف المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية وإعادة تأهيلها وضمان الاستغلال المستدام لها، وذلك من خلال سنّ وتطبيق وتطوير التشريعات والقوانين والأنظمة الملائمة، وحماية وإدارة مساحات كافية من المواطن المناسبة للحياة الفطرية كمناطق محمية سواء كانت طبيعية أو غير طبيعية، وذلك وفقاً للمعايير الدولية والتشريعات الوطنية، والعمل على وقاية الحياة الفطرية وبيئاتها من كافة التهديدات، كالتلوث والتدهور البيئي، واتخاذ التدابير الكفيلة بمكافحتها والسيطرة عليها فور حدوثها لتقليل تأثيراتها، واشتراط القيام بدراسات لتقييم الأثر البيئي لكافة المشاريع التنموية قبل البدء في تنفيذ هذه المشاريع، وإيجاد آلية لمتابعة تنفيذ المقاييس والاشتراطات البيئية المعتمدة في كل دولة».

وشددت الاتفاقية في المادة (2) فقرة (1) بأن يعمل كل طرف على «إصدار الأنظمة التشريعية اللازمة لضمان المحافظة - وحيثما يلزم الأمر- على إعادة التأهيل والإدارة السليمة لمساحات كافية من المواطن الطبيعية الملائمة للحياة الفطرية وخصوصاً لتلك الأنواع أو تحت الأنواع المنعزلة جغرافياً أو السلالات المستوطنة بأراضي أي دولة طرف في هذه الاتفاقية».

ويجري التأكيد في الفقرة (2) من المادة ذاتها على ضرورة «إعطاء الأولوية للتحقق من أن المواطن الطبيعية التي تتم حمايتها تدار بطريقة تكفل تحقيق الهدف من حمايتها ويتضمن ذلك، حظر أو تقييد الأنشطة البشرية التي تؤدي إلى تشويه طبيعة هذه المواطن، وتلويثها أو تسميمها، وتدهور أو التهديد بتدهور التنوع الأحيائي لهذه المواطن أو إنتاجيتها البيئية».

التشريع الوطني يشكل أيضاً ضرورة ومطلباً استراتيجياً لتطبيق الاستراتيجيات الوطنية ومنظومة القواعد القانونية والأنظمة والالتزامات والمسئوليات الدولية والإقليمية في شأن صون التنوع الحيوي. وأخذاً في الاعتبار أهمية التشريع الوطني في إنجاز سياساتها في الحفاظ على الحياة الفطرية، أصدرت مملكة البحرين القانون رقم (2) لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية جرى تضمينه مجموعة من القواعد والالتزامات القانونية للحد من حالة تدهور البيئات والموائل الطبيعية لمنظومة التنوع الحيوي، وأردفته بعدد من القرارات والمراسيم التنفيذية، والتي منها مرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2002 بشأن تنظيم صيد واستغلال وحماية الثروة البحرية.

البحرين في حاجة إلى اعتماد قانون وطني شامل، يسد الثغرات القانونية وينظم مفاصل عمليات الإدارة البيئية، ويواكب تطور الفقه الدولي البيئي، ويلبي احتياجات الاستراتيجية الوطنية لصون المعالم البيئية والحفاظ على توازن النظام البيئي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4269 - الخميس 15 مايو 2014م الموافق 16 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً