العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ

في تعريف العنف الأسري

حسن علي اسماعيل comments [at] alwasatnews.com

محام بحريني

في إطار هذه القراءة في «مشروع قانون الحماية من العنف الأسري»، سنتناول أشكال سوء المعاملة الجسدية أو الجنسية أو النفسية الذي يقع في إطار الأسرة.

يُعرّف هذا المشروع في المادة الأولى بأنه كل شكل من أشكال سوء المعاملة الجسدية أو الجنسية أو النفسية الذي يقع في إطار الأسرة من قبل أحد أفرادها ضد فرد آخر، ويشمل الإيذاء الجسدي: وهو أي اعتداء بأية وسيلة تحدث إصابات بجسم المعتدى عليه؛ والإيذاء النفسي: وهو كل قول أو فعل يؤدي إلى أضرار نفسية على المعتدى عليه، ويشمل القذف والسب وإساءة المعاملة؛ والإيذاء الجنسي: وتعد من أفعال الإيذاء الجنسي، وفقاً لأحكام هذا القانون، قيام المعتدي بأي عمل من دفع أو استغلال المعتدى عليه بأية وسيلة، لإشباع رغبات المعتدي الجنسية، أو بهدف تحقيق ذلك لدى الغير أو تعريض المعتدى عليه لمواد أو سلوك جنسي.

غير أن تعريف العنف والأسرة رغم إيجابيته جاء ناقصاً من حيث أنه لا ينص على فعل التهديد، فهو يخلو من النص على التهديد باقتراف فعل الإيذاء كما نصت عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأبرزها الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي أصدرته الأمم المتحدة سنة 1993، وعرّف العنف بأنه «أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواءً أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة».

أو كما نص عليه المرسوم الملكي السعودي بنظام الحماية من الإيذاء الذي عرف الإيذاء بأنه «كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به...»؛ أو كمّا تعرفه المادة الثانية من قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري اللبناني الذي أقره البرلمان في الأول من أبريل 2014، على أنه «أي فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بهما يرتكب من أحد أعضاء الآسرة...»؛ أو كما نص عليه قانون مناهضة العنف الأسري في إقليم كوردستان الصادر سنة 2011، وهو القانون الأول من نوعه في العراق، حين عرف العنف الأسري في مادته الأولى بأنه «كل فعل أو قول أو التهديد بهما على أساس النوع الاجتماعي في إطار العلاقات الأسرية من شأنه أن يلحق ضرراً من الناحية الجسدية والنفسية بالضحية وسلباً لحقوقه وحرياته»؛ أو كما عرفته المادة الأولى من مسودة قانون الحماية من العنف الأسري العراقي بأنه «أي شكل من أشكال الإساءة الجسدية أو الجنسية أو النفسية أو الاقتصادية ترتكب أو يُهدّد بارتكابها من أحد أفراد الأسرة ضد الآخر بما لهم من سلطة أو ولاية أو مسئولية في صعيد الحياة الخاصة أو خارجها».

أو كما جاء في مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسرى المصري (في المادة 6) «تشمل جرائم العنف الأسرى ضد النساء أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة بدنية، أو نفسية، أو جنسية للمرأة بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل، أو الإكراه أو الحرمان القسري من الحرية من قبل أحد أفراد الأسرة بما له من سلطة أو ولاية أو علاقة بالمعتدى عليها».

فإذا كان مشروع القانون اسمه قانون «الحماية»، فكان من باب أولى أن ينص على فعل التهديد بالإيذاء وقبل وقوعه.

تعريف الأسرة لا يشمل خدم المنازل

حسناً ما جاء في مشروع القانون حين شمل في تعريف الأسرة الشخص المشمول بحضانة الأسرة. غير أنه لم يشمل خدم المنازل، كما نصّ على سبيل المثال المرسوم الملكي لنظام الحماية من الإيذاء في السعودية حين عرّف الإيذاء على أنه «كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، متجاوزاً بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسئولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية».

وهو الأمر الذي دفع بالنائب الثاني لرئيس مجلس الشورى البحريني بهية الجشي، أثناء مناقشة مشروع القانون، بطرح شمولية خدم المنازل في مشروع القانون، مبينة أن الخدم من ضمن سكان المنزل. في حين رأت مقرّرة اللجنة جهاد الفاضل، أن خدم المنازل ليسوا من ضمن الأسرة المشمولة بالحماية من العنف الأسري، بينما أوضحت العضوتان دلال الزايد ورباب العريض أن خدم المنازل قد شملهم قانون العقوبات، لذلك لا داعي من ذكرهم مرةً أخرى في قانون حماية الأسرة.

وفي رأينا أن عدم النص في تعريف الأسرة على خدم المنازل بحجة أن قانون العقوبات قد شملهم، هي حجةٌ تعود بنا لما سبق وأن طرحه البعض بأن البحرين ليست بحاجةٍ لسنّ قانون الحماية من العنف الأسري بحجة أن تجريم «العنف الأسرى» يمكن أن يتم إدراجه ضمن نصوص في قانون العقوبات.

وقد أوضح الاتحاد النسائي رداً على هذا الرأي، بأن الأحكام الواردة في قانون العقوبات هي فقط مجرد وصفٍ للجرم والعقاب، وهي تأتي في إطار الحماية للأفراد بشكل عام ودون أي تمييز في جنس الجاني أو المجني عليه ولا علاقة لها بتأمين وسائل الحماية من العنف الأسري في إطار البيت الأسري. وأن قانون الحماية من العنف الأسري لا يهدف إلى العقاب بل يهدف أساساً إلى اتخاذ تدابير الحماية من العنف الأسري من المفترض أن ينصّ عليها، وتضمن حماية أفراد الأسرة من تكرار وقوع العنف عليهم أو تضمن حمايتهم إن تعرّضوا للخطر من قبل أحد أفراد الأسرة. وتضمن علاج وتأهيل ضحايا هذا العنف بحيث لا يكون هناك تعارضٌ بين هذه القواعد وأحكام قانون العقوبات.

لذلك فإن الاستناد مرةً أخرى على قانون العقوبات لحرمان خدم المنازل من الحماية التي نصّت عليها أحكام مشروع القانون جاء في غير محله ويتعين إعادة النظر فيه. إذ تشير الوقائع إلى أن خدم المنازل هم من الفئات التي يقع عليها أو يصدر منها فعل الإيذاء في الغالب في إطار الأسرة.

إقرأ أيضا لـ "حسن علي اسماعيل"

العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً