العدد 4284 - الجمعة 30 مايو 2014م الموافق 01 شعبان 1435هـ

«مخرخشهم»!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

تأخذ جماعة «مخرخشهم» العريقة في التاريخ، شكلاً من أشد أشكال القباحة واللؤم والوقاحة والسفالة! وهي إلى يومنا الحاضر، تمثل صيغة إعلام منحط وافر القذارة. إن هذا الصنف يعتاش على الانحطاط وإثارة الفتن والعداوات والتغابن والاتهامات الباطلة والافتراءات اللئيمة التي لا علاقة لها بالإنسانية ولا بالدين ولا بالأخلاق ولا بالوطنية.

هذه الجماعة من الكذابين المحترفين، يجدون في ممارسة الأكاذيب والأباطيل فائدتين: الأولى، مادية دون شك، فهم لا يعملون هكذا من أنفسهم لأنفسهم! فلا ريب أن هناك من يدعمهم؛ أما الفائدة الثانية فهي التعبير بضراوة عمّا يجيش في دواخلهم من طائفية وحقد وأمراض نفسية متراكمة، ولهذا فإن لفيفاً من أفراد الجماعة بمن فيهم «بطيخهم»، «جحشهم»، «طمبورهم»، «حنطورهم»، «مطبلهم»... وغيرهم كثيرون ممن يطلبون لهم كالإعلاميين والكتاب والمذيعين والمراسلين ذوي النفس «الرزيلة»، ليسوا سوى أدوات هي في الأساس مهيأة تربوياً ونفسياً وتجارياً واستثمارياً، لأن تقوم بدور جدهم مسيلمة الكذاب. المهم بالنسبة لهم هي أن يبقوا على صورتهم الذهنية التي انخدع بها المغفلون من أنهم أناس – أي جماعة «مخرخشهم» – يخدمون الدين والوطن والإنسان والحيوان... وهذا الأخير أيضاً له صلة قرابة بهم.

وليس مستغرباً أبداً أن يتبع أولئك المخروشون البطيخيون المطبّلون آلاف من الناس.. الجاهل والمغفل والميال لطقوسهم الخبيثة والمصفق لجنونهم؛ وصنف آخر من عشاق الطائفية والرقص على جراح الناس. ولهذا، فإن للباحث والمترجم المنشاوي الورداني سلسلة أبحاث ومقالات رائعة تحت عنوان: «كذب آلة الإعلام»، حيث يشير إلى أن المتأمل في مسيرة الكذب الإعلامي في قصص الأولين يجد ارتباطها الوثيق بتوجه معين يريده الطغاة، حيث يعزّز هذا التوجه بكل ما أوتي من قوة للحيلولة دون وجود المنافس الذي قد ينزله عن عرش الهيمنة والقهر، فالآلة الإعلامية ليست وليدة العصر الحديث فحسب، بل سبق وأن بسطت رداءها في العصور الأولى ولكن بأشكال تختلف عن وسائل عصرنا الراهن الذي يتمتع بالوسائل الإعلامية الحديثة كالإنترنت والصحافة والإذاعة والتلفزيون.

لقد اشتركت جميع الوسائل الإعلامية – قديمها وحديثها- في الكلمة الكاذبة لتوجيه الجمهور نحو توجه معين يريده من يملك الكلمة. والكلمة هنا هي الخطاب الإعلامي والذي كان في القدم ما يصدر عن اللسان، وفي العصر الراهن أيضاً ما يصدر عن اللسان، ولكن في صور مطبوعة ومرئية ومسموعة. وتأمل موقف القرآن من الشعراء حيث كان ما تلوكه ألسنة الشعراء هو النموذج الإعلامي القديم في ديوان العرب، ومن الجميل أن الباحث ساق شكلاً من أشكال «التوجيه» وهي المساجلات بين جرير والفرزدق من أجل مناصرة الحكام بسلطان الشعر. وما كان يحدث في فجر الاسلام من جانب شعراء الجاهلية بهدف ضرب الدعوة في مهدها، لذلك ذم القرآن ذلك النوع من التوجه الإعلامي الذي يهيم فيه الشعراء: «والشُّعراء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون. أَلَمْ تَرَ أَنَّهم في كُلِّ وادٍ يهيمون. وأَنَّهُم يقولون ما لا يفعلون. إِلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ وذكروا اللهَ كثيرًا وانتصروا من بعدِ ما ظُلِموا وَسَيَعْلَمُ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ ينقلبون» (الشعراء، 224-227). (انتهي الاقتباس).

ونحن في المجتمع الإسلامي والعربي والخليجي عموماً.. والبحريني خصوصاً، لابد أن نعترف بأن «خطاب الكراهية» لم ينتشر هكذا دون وجود قوة داعمة رافعة له لينتشر! حتى لو تمت المقارنة بين خطاب وإعلام الحكومات ونظيرتها «المعارضة»، في كل مكان في العالم، فإن الخط الفاصل هنا هو قدرة ذلك الخطاب على استخدام «الكذب» ليبقى صامداً، وإلا فإن نازية «غوبلز» المتمثلة في: «اكذب اكذب اكذب حتى يصدقك الناس»، هي ركن ظاهر لدى كل وسيلة إعلام أو خطابة أو ما ارتبط بأسلوب وتفكير وانحطاط جماعة «مخرخشهم»، وسواء كانت المعارضة صادقة أم الحكومة كاذبة، وسواء كانت المعارضة محترفة في أعلى مستوى كذب، والحكومات صادقة إلى أبعد درجات الصدق، فإن المجتمعات العربية والإسلامية في حاجة ماسة إلى حمل أمانة الكلمة والحق والدفاع عنها، ومواجهة الباطل وأهله وفق الآية القرآنية الكريمة: «ولا تلبِسوا الحقَّ بالباطِلِ وتكتموا الحقَّ وأَنتم تعلمون» (البقرة، 42).

على أية حال، فإن جماعة «مخرخشهم» هي أيضاً تدخل في نطاق وصف الباحث خالد كبير علال مؤلف كتاب «مدرسة الكذابين في رواية التاريخ الإسلامي وتدوينه»، على اعتبار أن مسيلمة الكذاب هو الجد الأكبر لتلك القبيلة، فالمؤلف يرى أن أولئك الكذابين شكلوا خلال القرون الثلاثة الهجرية الأولى تياراً فكرياً اجتماعياً طائفياً جارفاً تخصّص في اختلاق الأكاذيب، ولهذه المدرسة رجالها ومنهاجها وموضوعها وخصائصها وآثارها، لكن المهم هو فضحها ومقاومتها والتحذير منها وتطهير المجتمع من قذارتها.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4284 - الجمعة 30 مايو 2014م الموافق 01 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 1:24 م

      شيء مؤسف حقاً

      شيء مؤسف حقًا أن تجد في المجتمع البحريني من يساند ويدعم ويؤيد السفالة التي كان ولا يزال مخرخشهم يرميها في عقول البعض.. أشك أن البحريني الأصيل يقبل بهذا النوع من السفالات وبالطبع لأن المجتمع البحريني خليط وعندنا نماذج سيئة من البشر فصار له جمهور كبير.:..
      يعطيك العافية أيها الكاتب ما قصرت وفي ميزان حسناتك

    • زائر 8 | 8:43 ص

      يا اخي هدي اعصابك قبل ماتكتب

      خوش افتتاحيه للمقال اول سطرين

    • زائر 4 | 2:46 ص

      بن دينه

      عفوا مقالك يتحدث عن الاعلام الذي زرع الطائفيه لكن أسألك سؤآل .............. ؟نحن اهل البحرين سنه وشيعه باقون وسنقف في وجه كل طائفي يرفض الاخر تربينامن آبائنا واجدادنا حب لاخيك ماتحب لنفسك ،من يزرع الفتنه تهمه مصالحه من الطرفين من جماعتك اصحاب العمائم ومن جماعتنه اصحاب اللحي للاسف ،الكل اكفر الاخر فمن المستفيد؟؟؟

    • زائر 6 زائر 4 | 3:13 ص

      شييييل عليه

      . لا تييب لي نماذج من تويتر وفيس بوك وما عرف شنهو من أشياء مستعارة ومجهولة أو من فضائيات في الخارج.. لا يبه.. الاعلام الوطني الرسمي عيب عليه يصير نموذج منرفزهم وحارقهم وبطيخهم ومخرخشهم..

    • زائر 7 زائر 4 | 3:15 ص

      أتحداك

      أتحداك تأتي بدليل واحد من المشايخ الكرام في البحرين وبالتحديد من الرموز الدينية فيها شتم ودعوات للقتل وفتك بأهل السنة والجماعة أو قالوا عنهم قردة خنازير .. تتناقلون من زمان كلمة "اسحقوه" وكأنكم لا تقبلونها وترضون عن من يعتدي على أعراض الناس..ولو نال عرضكم لا قدر الله هجموم من الذئاب البشرية لقلتم بأعلى أصواتكم: اسحقوه.
      علي الستراوي

    • زائر 3 | 2:36 ص

      هذا لو انهم بحق من المؤمنين

      «ولا تلبِسوا الحقَّ بالباطِلِ وتكتموا الحقَّ وأَنتم تعلمون» (البقرة، 42)
      هذا لو بحق ان قرأ احدهم القرآن فقه ما قرأه لخشي نقمة الله في جسده و ذريته.
      و لكنهم اتبعوا الهوى و اخذتهم العزة بالاثم و صاروا يكابرون الحق و هم يعلمونه و عبارة لا حول و لا قوة الا بالله لم يتأملوها قط.

    • زائر 2 | 11:29 م

      سلمت يداك

      مقال رائع
      هؤلاء السفلة لايوجد عندهم غيره على الوطن ولا على اهله
      لقد تشبعو من اموال الحرام فأغواهم الشيطان في الظلمات اهم مايكون عندهم ارضاء اسيادهم وملئ بطونهم الجوفاء من الحلال
      هم السراق هم خفافيش الظلام هم العدو هم التفجيريون هم القتله
      قاتلهم الله

    • زائر 1 | 10:11 م

      حين يتسافل بني البشر فلا حدّ لتسافلهم

      نعم هكذا هو الانسان حين ينزلق الى منزلق الدونية والانحطاط فهذا المنزلق ليس له قاع او حد يقف عنده هذا الانسان بل يظل يتسافل الى ما لا نهاية

اقرأ ايضاً