العدد 4320 - السبت 05 يوليو 2014م الموافق 07 رمضان 1435هـ

السجن داخل النفس

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يتسلط بعض الناس على البعض باعتقاداتهم الشخصية وفرض الصح والغلط على الآخرين وشطب البعض من أماكنهم التي يستحقونها في المواقع الحياتية والتي قد أخذوها بجدارة...! سواء بالاعتقال الفكري أو عن طريق تعريتهم من مناصبهم أو عن طريق المخاطبة وتقنين القوانين وفرضها على الآخرين! إذا ما كانوا أكبر سنّاً أو في مرتبةٍ علوية أو أنهم في مراكز سلطوية هامة وتسمح لهم حدودهم أن يهمشوا هذا أو ذاك إذا لم تعجبهم ممارساتهم أو أفكارهم أو حتى آراؤهم في معتقداتهم والتي نشأوا أو تربّوا عليها! ويعتقدون أن من حقهم تأديب الآخرين ودون أن يشرحوا لهم السبب في ذلك الاعتداء! وبطريقةٍ أقرب إلى النكران وبعض الخُبث!

وهم بذلك يسجنون أنفسهم في قوالب جامدة يصعب فتحها أو التفاهم معها أو تقبل أي تحديثٍ لأي فكرٍ، ومن التزمت غير المُجدي في الحياة... أن هذه الطرق قد تؤدي إلى تحقيق رغباتهم وغاياتهم في حبهم للتسلط والهيمنة ومعاكسة الآخر وبتر كل طرقه ومعتقداته لفترةٍ من الزمان والوقت، ومادام في مراكز السلطة التي ذكرتها، ولكنها ليست لكل الزمان والأوان!

وبعد فترة وحينما تذهب المكانة أو المنصب المتسلط... تترك صاحبها مليئاً بالأمراض النفسية وحب الذات والنظرة الدونية للآخرين ويعيش حياته في بؤس الماضي وخجل التعدي على حقوقهم وازدراء وجهات نظرهم التي لم يتوانَ عن تدميرها وغمرها... ولعدم تمكنه من التنازل وتقبل الفكر الآخر أو محاولة إعطائه الفرصة للتعبير عن الذات أو الرغبات والتعايش معه بالوصول إلى الحلول الوسطية أو بالأخذ والعطاء ولمراعاة مشاعر وأفكار لا تنسجم مع أفكاره أو تطلعاته.

وإنه من المعروف أن الأفكار تهيم في الوجود ولا يملكها أحد وهي تتحرك فيما بيننا، وتراوغنا وقد تغزونا ودون إذنٍ منا كما أنه توجد عِدة تفاسير للرأي الواحد وكُلٌّ ينظر للرأي المجرد من عدة وجهات وبما يتناسب مع نشأته وتربيته وحدوده في فلسفته للحياة إذا ما كانت له فلسفة!

ولذلك تتضارب الأفكار ووجهات النظر في حياتنا باختلاف أعمارنا وتقدمنا الفكري وثقافتنا وتزداد! وكلما ازداد فهمنا وتجاربنا في الحياة تغيَّرَ المنطلق الأساسي للنظر للأمور!

وتسوء كلما تقوقعنا وانغلقنا على ذواتنا وضحلت ثقافتنا وازداد تعصبنا وتضاءلت حكمتنا في النظرة والحكم على الأفكار والأوضاع والممارسات من حولنا.

وكل ما أريد قوله باختصار هو أن حياة الفرد ليست ملكه تماماً وعليه أن يعرف كيف يتعايش مع الآخرين وأن لا يُخاصم ويتعدى كثيراً؛ لأن الدنيا دوّارة ومن كان بالأمس تحت قد يكون غداً فوقك! وقد يرد إليك نصيبك ويصيبك بالأهوال! وأن علينا الانتباه إذا ما كنا في سُلطة أو هيمنة أن يراعي الفرد منا من حوله أثناء اتخاذ القرارات أو الأخذ والعطاء مع الآخرين بأن يُقدِّر وعيهم الذاتي والإنساني ويراعي مراحلهم العمرية والاجتماعية والثقافية... الخ، قبل أن يُصدر توجيهاته لصد هذا وذاك! والأهم من كل ما كان أن يتأكد من أن يكون سيف العدالة حاداً كي لا يقتل أحدهم سهواً أو بالظلم والحرام... وكل عام وأنتم طيبون.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4320 - السبت 05 يوليو 2014م الموافق 07 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:34 ص

      رائع

      وصف دقيق لغالبية افراد المجتمع. مقال رائع سيدتي

اقرأ ايضاً