العدد 4326 - الجمعة 11 يوليو 2014م الموافق 13 رمضان 1435هـ

الشباب والمرأة أزهار الربيع العربي

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

سألت مرة أحد المعتصمين في دوار اللؤلؤة عن سبب تواجده هناك فردّ بعفوية قائلاً: «إذا كانت الأرض فراشك والسماء لحافك، وكل من حولك أصدقاء فأنت في الدوار».

كثيرة هي التغييرات العميقة التي أحدثتها ثورات الربيع العربي السياسية والفكرية والذهنية والسلوكية في النفوس والمجتمع.

الظاهرة الأولى هي أن الشباب غير المنظم، عدا الترابط عبر شبكات التواصل الاجتماعي، هم من أشعلوا هذه الثورات في بلدان الربيع العربي، وشكّلوا وقودها، ومنهم غالبية الشهداء والجرحى والمعتقلين.

أما الظاهرة الثانية فهي المشاركة الكثيفة للمرأة، وهي التي كانت سابقاً حبيسة الجدران، أو في أحسن الأحوال أداةً للمؤسسة الذكورية (دولةً أم حزباً، حاكماً أو معارضاً). وقد شاركت النساء بكثافة في الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات، ووصلت نسبتها في البحرين مثلاً إلى ما يقارب من 35 في المئة، وقدّمن تضحيات ومنهن شهيدات وجريحات، بل وتعرضن لأبشع صنوف التعذيب بما في ذلك الاغتصاب، والذي يعتبر «تابو» في الحياة العربية.

في ضوء ذلك أضحى الشباب والنساء أكثر تأثيراً في الحياة السياسية والمجتمعية، ولهم تأثير كبير في أحزاب وتشكيلات المعارضة، بما في ذلك التنظيمات الإسلامية. ولم يعد التغيير الشكلي هو المطلوب، بل أضحت أطروحات التغيير تشمل ليس بنية الدولة القمعية فحسب، بل بنية المجتمع الذكورية.

استعادة الكرامة المهدورة، كان موضوعاً محورياً في قلب الثورات العربية، وهي تلخص جوهر مطالب الشعوب العربية في ظل أنظمة استباحت كرامتها لعقود طويلة. فالصفعة التي تلقاها الشاب التونسي محمد البوعزيزي على يد شرطية البلدية، يتلقاها المواطن العربي على امتداد الوطن العربي كل يوم فعلياً أو معنوياً.

ظاهرة أخرى هي أنه في سياق ثورات الربيع العربي، لم تعد الكلمة الأولى للإعلام الرسمي ولا حتى الإعلام التقليدي، بل أضحى الإعلام الالكتروني بما في ذلك الايميل، والبلوغر، ومنتديات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية والصحافة الالكترونية، هي وسائط المعرفة والإعلام والتفاعل، والدعوات للاحتجاجات والاجتماعات، فضلاً عن الرصد والتوثيق، وهو ما أفقد الأنظمة فاعلية سلاح التعتيم والاحتكار والإغراق الإعلامي.

أما الظاهرة الأخيرة فهي أن ثورات الربيع قد ربطت الشباب العربي والذين سبق أن تواصلوا عبر الشبكة العنكبوتية، ببعضهم البعض، وعمقت الوشائج بين الجماهير العربية المنتفضة، والتي مزّقتها الأنظمة العربية.

إن هناك روحاً جديدةً وأملاً جديداً استقرا لدى المواطن العربي والشعب العربي، وترسخت القناعة بأنه قادر على كسر أغلاله وصنع مستقبله. وقد استلهمت شعوب أخرى ثورة الربيع العربي، وهذا ما حدث في ساحات اسبانيا، وحركة «احتلوا وول ستريت» (Occupy Wall Street) في نيويورك، بل ووصلت إلى مينيك أوكلاند بكاليفورنيا، وأضحى للعرب ما يفاخرون به. فهل نبخس أنفسنا ونشوّه أهم إنجازاتنا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4326 - الجمعة 11 يوليو 2014م الموافق 13 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً