العدد 4382 - الجمعة 05 سبتمبر 2014م الموافق 11 ذي القعدة 1435هـ

لدى عُمان الكثير مما تقدّمه للخليج

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عدت للتو من سلطنة عمان في زيارة عائلية للأصدقاء وسياحة في ظفار ومسقط... وتبادرت إلى خاطري بضعة أبيات عفو الخاطر...

زارني المحبوب في عز المنام

هيّج الذكرى لأيام الزمان

يوم كان المجد يصدح بالدوام

من شواطي الهند حتى زنجبار

والبنات السمر كالرمح القوام

قد حوت كل المحاسن والخصال

يا عمان العز يا أس المكان

ينطق التاريخ فخراً يا عمان

ولعمان وأهلها مكانة خاصة في قلبي، وربطتني ولاتزال تربطني وشائج قوية مع أهلها وأرضها، ولذا أتحين الفرص لزيارتها كلما أمكن.

في هذه المقالة لن أتعرض إلى السياسة ولا للحكم ولكن للبشر... للعمانيين. معروف أن عمان ذات تاريخ عريق وأمجاد بارزة، وقد كانت تدعى سابقاً مُجان، وأقامت لقرونٍ امبراطورية امتدت من سواحل الهند الغربية في ملبار حتى شواطئ إفريقيا الشرقية، ومنها زنجبار ومدغشقر.

وقد شهدت عمان حروباً دامية ضد الغزاة الأجانب، ومنهم البرتغاليون والفرس والإنجليز، وحروباً أخرى مع الجيران، كما شهدت حروباً داخلية على السلطة انتهت آخر فصولها في العام 1975.

تركيبة عمان البشرية تركيبة قبلية صعبة وتعددية مذهبية (شوافع وأباضيون وشيعة)، وهي بلدٌ مترامية الأطراف ما بين سواحل خليج عمان والخليج العربي وبحر العرب، حتى صحراء الربع الخالي وما بينهما من سلاسل الجبال كالجبل الأخضر وجبال ظفار، وما بينهما من هضاب وسهول. وتتوزع ما بين الأراضي الزراعية الخصبة والوهاد المقفرة.

هذا التنوع البشري القبلي والمذهبي، وعلى خلفية النزاعات والحروب... يمكن أن تكون عناصر اضطراب وعدم استقرار، بل واحتراب، كما يجري في عدد من البلدان العربية، التي عاشت لقرون في انسجام ووئام، لكن من يعش أو يزر عمان يلاحظ استقراراً وهدوءًا وانسجاماً بين المكوّنات البشرية بمختلف انتماءاتها القبلية والمذهبية والعرقية.

وبغض النظر عن سياسات الدولة، فإنك تلحظ عقلانية كبيرة لدى النخب العمانية من سياسيين وأرباب عمل ومثقفين ورجال دين، وإصراراً على المحافظة على صيغة العيش المشترك، وعدم التمييز ضد أيٍّ من مكونات الشعب العماني، وتصميماً على الحفاظ على الهوية الوطنية العمانية الجامعة والاعتزاز بها. ومن ذلك الحفاظ على التراث والزيّ الوطني والعمارة الوطنية والفن وغير ذلك، وفي الوقت ذاته الخوض في غمار التحديث والتقدم.

لقد حضرت مؤتمراً خليجياً عن الأسرة الخليجية في صلالة، وحضرت صلاة الجمعة في مسقط، وندوة في المركز الثقافي بصلالة، وزرت متاحفها والتقيت أصدقاء عمانيين من مختلف الأجيال والاهتمامات، وتجوّلت بحرية في جبال ظفار ومدينتي صلالة ومسقط، وتحاورت معهم، في ظل الخطر الداهم الذي لا سابق له والمتمثل في صعود القوى التكفيرية في أكثر من ساحة، وبتشكيلات مختلفة أبرزها الدولة الإسلامية (داعش). ووجدت أنه من بين دول مجلس التعاون الست، فإن الأكثر اطمئناناً على وضعها وتمتلك رؤية لمواجهة الوضع المتفجر هي عمان، إذ إنها من خلال تعزيز الهوية الوطنية، والتسامح والوسطية فكراً وممارسة، فإنها الأكثر تحصناً لمواجهة هذا المد التكفيري الظلامي الذي لا يقتصر على الحركات المسلحة، بل التنظيمات النائمة والتيار الفكري التكفيري، الذي يسرح ويمرح دون رادع، بل ويبثّ فكره حتى من خلال الإعلام الرسمي، والمناهج الدراسية الرسمية.

هناك الكثير للتعلّم من عمان، في العديد من المجالات، وأهمها بالطبع تعزيز الهوية الوطنية والمواطنة المتساوية، والتحديث، والدفع بمشاركة المرأة في كل المجالات، والعمارة وتخطيط المدن الذي يحافظ على البيئة والهوية الوطنية، وتنويع الاقتصاد، ووضع المواطن في المقدمة في كل شيء.

بالطبع هناك فئات أنانية وانتهازية وفاسدة، وهناك وعاظ السلاطين... لكن عمان جديرة بالدراسة من قبل النخب الخليجية والعربية، لا تسويغاً لكل شيء، ولا تعميةً على السلبيات... ولكن بالبناء على الايجابيات. فتحيةً إلى عُمان وأهل عمان.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4382 - الجمعة 05 سبتمبر 2014م الموافق 11 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 3:47 م

      كاتب يساري لكن بنظرة طوبائية علي مجتمع حيث لا اتفق مع الكاتب ان لدي عمان الكثير

      مما تقدمه للمجتمع الخليجي فعمان بلد تمنع فيه الحركات السياسية وتتطلب التجمعات الشعبية اذنا مسبقا من السلطات كما ان عدم وجود دستور وبرلمان منتخب وحداثة الجمعيات الغير حكومية (NGO) حيث تاسس معظمها بعد عام 2001 لا يوحي ان لدي عمان الكثيرمن الخبرة المتراكمة في اي مجال او حقل لتثري به دول الخليج الاخري وخصوصا البحرين. الكل يعرف دور جلالة السلطان قابوس (صاحب اطول فترة حكم بين الحكام العرب من 1970) في نهضة عمان ولكن الاحداث والمظاهرات ضد الفساد اثبتت ان علي عمان اصلاح بيتها الداخلي قبل فوات الاوان

    • زائر 14 | 3:36 م

      أنا الحرة

      أنا من عمان وأفتخر. وأنا من الوطن العربي وافتخر. ولكن حان الوقت لنعرف أن أساس أي نوع من الأمان والإطمئنان هو العدل. العدل الذي أساسه الإنسان وعموده المؤسسات. أدام الله علينا الأمان... آمين

    • زائر 13 | 2:56 م

      سلطنة عمان

      شكرا على المقال وهذا مكانك ومكان كل من يحب التعايش والوئام هنا أرض السلام ..أخيك ماجد البريكي

    • زائر 12 | 10:14 ص

      للحقيقه

      دهبت الي عمان ابان تولي السطان قابوس مقاليد الحكم حيث عملت مستشارا في الشئون الاداريه وفي غضون سنوات قليله بدأت ملامح النهضة الشامله تظهر تدريجيا . المعجزه العمانيه تتلخص في : نريد بناء عمان ولكن ليس بأي ثمن : نريدها حديثه ولكن ليس علي حساب الهوية العمانيه الأصيله وبدون اهدار للمال العام . الحقيقه ان جلالة السلطان وهدا مالمسته شخصيا كان يتابع كل صغيرة وكبيره بنفسه ليلا نهارا وأحاط نفسه بالقدرات العمانيه المخلصه الي ان وصلت البلاد الي ماهي عليه الان تحفة رائعه . بحريني .

    • زائر 11 | 9:32 ص

      عمان الاولى

      نعم الاهتمام الاول بشعبها وهم مصدر قوتها وعزها وهناك جانب آخر يغفل عنه الكثيرون إن عمان من أوائل الدول التي حلت مشاكلها بحكمة وعقلانية منذ بداية الربيع العربي ويكفيهم فخرا إن مواقفهم نابعة عن أسس عقلانية وليس....

    • زائر 10 | 8:56 ص

      تأكيد واشادة

      مقال ممتاز يا ابو منصور . ومن باب التأكيد ان عمان اصبحت على الطريق السليم منذ تسلم السلطان قابوس للسلطة . ويمكن القول والانجازات تشهد ام ماقطعته بعض دول الجليج في قرن قطعته عمان في غضون 40 سنة مما يعني وجود حكم رشيد وسلطة عقلانية ومجتمع ينشد التقدم والرقي . تستاهل كل حب عمان . . يوسف مكي

    • زائر 5 | 5:03 ص

      الامارات ليست سوى بنيان

      نتائج من يحذو حذو الامارات هو خلل في التركيبة السكانية ومواقف سياسية متذبذبة وتدخلات في شئون الدول الأخرى المصحوبة بأعمال التجسس وتباين في المستوى الاقتصادي للمواطنين من إمارة إلى أخرى وتدخل للسلطة التنفيذية والشيوخ في أحكام القضاء ......الخ

    • زائر 2 | 3:52 ص

      اختلف معك

      الامارات هي التي يجب ان يحذوا الجميع حذوها فهي الاولى في كل شيء من التنمية البشرية الى العمران و التقدم التكنولوجي اما عمان فلا اعتقد انها متفوقه في اي شيء على اي من دول المجلس

    • زائر 6 زائر 2 | 5:36 ص

      عمان

      وماذا فعلت الامارات غير انها جلبت العماله لتخدمها وتبني بلادها..هناك تقدم ولكن هناك مشكله ديمجرافيه تحدث عنها بأسهاب الكاتب الاماراتي حسين غباش..لذلك مستقبلها غامض

    • زائر 7 زائر 2 | 5:42 ص

      تفضل عندنا

      أقول للفاضل الزائر رقم 2
      تفضل بالزيارة في عمانِ تجد أفعال أحرار الرجالِ

    • زائر 8 زائر 2 | 6:43 ص

      نشكر الكاتب على ابداء انطباعه

      اخي الزائر 2 ..
      الامارات بلادنا ونفتخر بها وهي مثال للتقدم والبناء في العديد من المجالات .و هذا رايك ونحترمه.
      ويبقى هذا راي الكاتب الذي اراد ان يعبر عما شاهده ونتمني لجميع دول المجلس الرفعة والنمو ..

    • زائر 17 زائر 2 | 9:21 ص

      أتركونا لحالنا

      نسأل الله تعالى أن يمد لكم و لجميع العرب و المسلمين في كل خير فقط رجاؤنا أتركونا نحن العمانيون لحالات و شكراً.

    • زائر 1 | 2:08 ص

      الي عمان

      تحية عطره الي شعبها وباني نهضتها والمحافظ علي هويتها جلالة السلطان قابوس الدي استمر في البناء بكل عزم وبنظرة ثاقبه ولكن بصمت . جفظك الله ومدك بالصحه وطول العمر . مواطن بحريني .

اقرأ ايضاً