العدد 4405 - الأحد 28 سبتمبر 2014م الموافق 04 ذي الحجة 1435هـ

تأتي الرياح... بما لا تشتهي الدُوَلُ!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان المخطط الأصلي إشعال قلب المنطقة العربية (الشام والعراق)، فتحوّل فجأةً مع تغيير بسيط على خطة اللعب، وخروج اللاعبين عن الدور المرسوم، إلى تفجير القلب والأطراف المحيطة.

لقد بقي العالم يتفرّج على عمليات القتل والتفجيرات اليومية في العراق، منذ سقوط النظام الدكتاتوري في العام 2003. وظلّ العراقيون يتساقطون بمعدل خمسين ضحية يومياً، وضعف ذلك من الجرحى كل يوم. وكانت الفضائيات وأجهزة الإعلام العربية تبرّر عمليات التفجير والقتل الجماعي حينها وتغطيها دينياً وسياسياً، وتحرّض على الإمعان في قتل العراقيين.

لم تصدر طوال 12 عاماً، فتوى تحرّم سفك الدم العراقي، أو تدين هذا العبث بدماء الأبرياء. وكان علماء الأمة يشاهدون ما يجري على الفضائيات، وكثيرٌ منهم كان يتلمظ فرحاً وهو يرى نتائج القتل والذبح على الهوية، التي كانت تستهدف الأسواق والمساجد والجوامع والكنائس، وحتى الشوارع والمطاعم والأسواق الشعبية. لم يصدر بيان إدانةٍ ولا فتوى تجرّم هذا القتل أو تدين هذا الإجرام.

في العام 2011، وبعد انفجار ثورات الربيع العربي، أعاد العرب اصطفافهم مجدداً، وبدل الوقوف مع الحرية والحقوق وكرامة البشر، حدث اصطفافٌ جديدٌ على أسس طائفية أيضاً، بينما كان الأساس خلافاً سياسياً على طريقة إدارة البلدان والتحكم في المال والقرار والسلطة. وهكذا تم إغراق بعض ثورات الربيع العربي بالوحل الطائفي، وتحريف مسار بعضها بالعسكرة، وأبرز أمثلتها ما جرى في سورية. وتم رصد مليارات الدولارات من موازنات الدول العربية لإسقاط النظام هناك، في حربٍ لتصفية حسابات سياسية قديمة. لقد كانت ملهاةً أخرى، أن تسعى أنظمة غير ديمقراطية إلى «تصدير الديمقراطية» وفرضها على نظام آخر غير ديمقراطي. وهذه هي النتيجة: مذابح وخراب مدن، وأطلال ودماء.

لقد تمّت أكبر عملية «ترانزيت» للمقاتلين الأجانب إلى الأراضي السورية، من أكثر من 80 دولة، تحت رعاية أجهزة مخابرات عربية وأجنبية، وكانت الصحف الأجنبية تنشر تقارير موثقة عن حركة «تفويج» المقاتلين، ومن أي بلدان يأتون وعبر أي بلاد يتسللون، حتى يتم توزيعهم ليأخذوا مواقعهم في المحافظات السورية.

المقاتلون من حملة الفكر المتطرف، كانوا يأتون من بلدان حليفة تسهّل عملية خروجهم ليتم التخلص منهم للأبد، ويقاتلون على أرض بلد عدو، يدمّرون مقوماته ويشردون شعبه، ويهلكون الحرث والنسل. وأصحاب المخطط الأصلي يبشّروننا باستمرار الحرب ثلاث سنوات، ولا مانع لديهم إن استمرت عشر سنوات!

كانت الخطة تجري على أفضل ما يرام حتى قرّر تنظيم «داعش» في صباح ذلك اليوم المشئوم غزو العراق، ولو بقي هناك لتم تتويجه ملكاً للثوار، لكن خطيئته الكبرى أنه تصرّف كالثعبان: يريد أن يعض اليد التي سمّنته وربته في أحضانها! وهكذا انقلبت المعادلات، وتحوّل «المجاهدون» و«ثوار العشائر» فجأةً، وفي طرفة عين، إلى «إرهابيين». وهناك طبقةٌ واسعة من هذه الشعوب المستلبة العقل، تتقبل كل ما يُقال لها، لكن في المقابل سيكون لهذه الانقلابات في المواقف، ردود فعل معاكسة وعنيفة، ونقمة بدأت تطفح على السطح، خصوصاً في البلاد التي تمثل بيئات خصبة حاضنة.

صعود هذه القوة الجامحة المكفِّرة، كان حصاد سنوات من الحرث والزرع والريّ. مدارس ومعاهد دينية وجامعات، ومساجد وجوامع وخطباء وفضائيات، تحتكر الحقيقة، وتدّعي تمثيل السماء حصرياً. لا تقبل بوجود «آخر»، ولا تعترف بوجود «مختلف»، على نهج من قال: «ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيلَ الرشاد» (غافر، 29).

يبدو أن خطة إشعال قلب المنطقة العربية (الشام والعراق) وتركها تحترق وحدها قد أُجهِضت، والمنطقة برمتها في طريقها إلى تفجير القلب والأطراف.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4405 - الأحد 28 سبتمبر 2014م الموافق 04 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 8:05 ص

      العبث بدماء الأبرياء

      ما يمدح سوق السإلاح غير الذي يربح فيه

    • زائر 14 | 7:37 ص

      داعش الإرهابية

      داعش الإرهابية ما عي الا الوجه الآخر لحالش فكلاهما يتغذى من نفس الفكر المنحرف و ان اختلفت المذاهب و المسميات

    • زائر 12 | 5:28 ص

      الرد على زائر 4

      ترتفع راية الإسلام الناصع تقصد اسلام االطائفة الشيعية هذا الفكر اليس فكر متطرف افهم من تعليقك ان الشيعة على الحق والسنة على الباطل هذا فكر شيعي منطرف أي داعش

    • زائر 11 | 4:52 ص

      زائر

      الحرق والذبح في العراق وسورية والاخص بالعراق الجريح كان حصاد الثورة الإيرانية ثورة الخميني لمدة 30 سنة تم بناء الحسينيات والماتم التي لا تقبل بوجود الطائفة الأخرى السنية

    • زائر 13 زائر 11 | 6:19 ص

      ارى الدواعش يعلقون والدولة ساكتة عنهم

      ها هم الدواعش يغردون ويعلقون ويلقون خبث افعالهم على الشيعة فهم يقتلون وينسبون ذلك للشيعة يحرقون الاخضر واليابس وينسبونه على الشيعة

    • زائر 18 زائر 11 | 8:54 ص

      دواعش البحرين المجنسين

      هاذا من الدواعش من المجنسين العراقيين

    • زائر 10 | 4:45 ص

      زائر

      ثوار العشائر إرهابيين هم اهل حق في ثورتهم على نور المالكي وهم من صبر على ظلمه ما لا يتحمله البشر من قتل وهدم للمساجد وإغتصاب وتعذيب في السجون باسم قانون الإرهاب الظالم

    • زائر 17 زائر 10 | 8:52 ص

      ثالث مره

      اذا كان ظالم لمذا انتخب مره ثالثه

    • زائر 9 | 4:43 ص

      داعش وصلت المطار

      وقامت تاكل اولادها. اسمعوا وعوا.

    • زائر 8 | 4:40 ص

      ما تمشي يا زائر 5

      حالش في راسك!!!!!!!! ما راح تمشي لو تموت يا 5. الب..........معروفون وكل العالم ضدهم الآن بما فيها الدول التي دعمتهم.

    • زائر 7 | 4:06 ص

      محب الوطن 1045 ص

      صباح الخير سيد القتل في العراق إجرام كبير لا يرضاه الله ورسوله الكريم هذه فئه متطرفة لا يرضاه أهل السنه لاكن سيد القنوات التلفزيونيه الطاءفيه الشيعي ليل نهار تكفر رموز أهل السنه وصفهم النواصب أعداء أهل البيت هذه الكذب الكبير في أغلب كتب الشيعه لا واللعن في إيران ضريح لقاتل عمر عم الرسول الكريم سلام الله عليه يزورون وغير هل فيه أكبر من هل الفتنه

    • زائر 16 زائر 7 | 8:49 ص

      ان دليلك

      كلام كله كذب وافتراء ولا عندك دليل واحد على هذا الكلام القنوات التي تسب لا تمثل الشيعه بل تمثل الاستخبارات التي تمولها

    • زائر 6 | 4:05 ص

      زائر

      انت تقول ان صدام نظام دكتاتوري اوافقك واسالك بالله اليس نور المالكي تكتاتور ثاني حكم العراق

    • زائر 5 | 1:59 ص

      داعش و حالش

      مثلما هناك مجرمون اسمهم داعش كذلك هناك اوباش لا يقلون عنهم أجرام اسمهم حالش

    • زائر 4 | 1:52 ص

      رب ضارة نافعة

      انكشفت عورة المذاهب التكفيرية والانظمة المتسلطة وماكان بالأمس جزة اصبح اليوم يقايض على الخروف. مقبلين على سقوط انظمة ومذاهب سمينة اسلامية وترتفع راية الاسلام الناصع.

    • زائر 3 | 1:36 ص

      حتى يتبيّن للعام مدى خطورة الفكر التكفيري الذي ترعاه بعض دول الخليج

      لن يكفّوا ولن يقفوا عند حد حتى يطال كل العالم شرور هذه الجماعات فالعالم كله يعرف من هي مصادر الارهاب ومن يموله ومن يدعمه ولكن العالم يغض الطرف من اجل حماية انظمة معينة من اجل مصالح مادية وبترولية على الاخص ولكن العالم كل العالم سيذوق مرارة جرائم الارهاب حتما

    • زائر 2 | 11:55 م

      الامريكون قالو في تصريحاتهم بان الحرب على داعش يحتاج الى سنوات

      ولك ان تتامل ياسيد في هذه التصريحات
      انا ليس لدي ادنى شك فيما تقوم به امريكا وحلفائها العرب عامة والخليج خاصة ليس قتال داعش وانما حفظ انظمة ومصالح والامور تسير وفق المرسوم اليه حذو النعل بالنعل.
      فلا تغرنك الاعلانات البراقة بان داعش خرجت عن المسار المرسوم لها وانت العاقل اللبيب.
      في اليومين الماضيين وفي صحيفتكم اليوم خبر تهديد داعش لحكام البلد والروافض ومن خلال قراتي للاحداث يتبين لي بانها رسالة غير مباشرة من السلطة الى المعارضة نطق بها الدواعش ان شاركو في الانتخابات فكلانا مستهدف.

    • زائر 1 | 10:44 م

      بل على العكس كان بعض من يسمّون علماء يساهمون في القتل بفتاويهم

      ارصدتهم المدينة ارتفعت كثيرا في يوم حسابهم ويوم الجرد بالنسبة لهم لما ساهموا فيه من سفك دماء الابرياء بفتاويهم وتشجيعهم وهل يظنون ان الله خلق خلقه لكي يبادوا بابشع الطرق وتحت مسميات متخلفة ؟

اقرأ ايضاً