العدد 4452 - الجمعة 14 نوفمبر 2014م الموافق 21 محرم 1436هـ

في عزاء نساء أهالي «الدالوة»

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كتب الله لنا أن نكون في قرية الدالوة بالأحساء، لتقديم التعازي لنساء أهالي ضحايا ليلة العاشر من محرم. المكان يعجّ بالناس الذين لا يستطاع جمعهم بدعوةٍ أو حتى لنيل مكافأة، جاءوا زحفاً من مختلف المناطق والأعمار، وكأنهم كلهم أصحاب العزاء.

الدالوة التي تحتمي بجبل «قارة»، لم يستطع اليوم أن يصد عنهم نيران الغدر، هناك حيث لا يصح إلا البكاء والحزن، ولا يصلح إلا الصمت، تقف الكلمات عند حدود الدهشة من كل شيء حولك فيها. إنها الدالوة حيث للتسامي والصبر جذور.

تقع قرية الدالوة شرق مدينة الهفوف في محافظة الاحساء في شرق المملكة العربية السعودية، وتقع القرية على السفح الجنوبي الغربي لجبل القارة، وتستفيد الدالوة من الجبل كثيراً، إذ يحميها من رياح السموم الحارة صيفاً، فيجعل الجو لطيفاً، كما يشكّل حاجزاً عن الرياح الباردة شتاء، لكن حين يهطل المطر، تنزل المياه من أعلى الجبل بكثافةٍ إلى المنازل، جالبةً معها الطين والأحجار الصغيرة التي تتجمع في السكك الضيقة.

الدالوة اشتق اسمها من «الدلو»، نظراً لاستخدام أهالي القرية له في سحب الماء من الآبار، وقيل سُمّيت بهذا الاسم لكثرة مزارع العنب، التي يُطلق عليها «الدالية»، وحُوّرت فيما بعد إلى الاسم المعروف بـ «الدالوة»، حيث قُلبت الياء واواً كما ذكرها المؤرخ عبد الرحمن آل ملا في كتابه «تاريخ هجر».

من أشهر أسماء العوائل فيها المشرف، المطاوعة، التريكي، المكي، اليوسف، البصراوي، كما أن هناك عوائل تنسب إلى أهل بيت الرسول (ص)، منهم سادة الهاشم، سادة العلي، سادة الحسين، سادة البراهيم، سادة الشرف، سادة الخليفة.

أصالة نساء الدالوة وطيبتهن تعلّقك بالزمن الذي مضى، وتذكّرك بأنهن أقوى مما نتصوّر، وأصبر على عدم الاندفاع والانجرار رغم الألم ومرارة الفجيعة وقسوة الفراق. استقبلننا بحفاوةٍ بالغةٍ لحدّ أنك تزداد خجلاً من هذا الكرم وهن في أشد المحن، ترتيبات واستعدادات تشعرك وكأنهن على استعداد منذ زمن، فالوفود كثيرة، والحدث جلل، ولأول مرة في تاريخ الدالوة الصغيرة المساحة والعدد، تكون محط أنظار الجميع ومحلاً لتوافدهم. تقول مسئولة التنظيم النسائي أم مؤيد: «لم يدر في خلدنا يوماً أن نكوّن لجاناً لهذا الحدث الضخم، فكان لزاماً علينا أن نجهّز 100 متطوّعة للعمل في مختلف اللجان: الاستقبال، التنظيم، الإعلام، التمريض، المالية وغيرها من اللجان؛ وأن نكون بجانب نساء أهالي الضحايا. وواجهتنا مشكلتان أولاهما أن معظمنا فاقدات، وبقيتنا لديهن أبناء مصابون يحتاجون إلى رعاية وتواجد في المستشفى، إضافةً إلى أنه لابد من جمع النساء الفاقدات في مجمّع واحد من أجل التعزية، وهذا صعب خصوصاً على الأمهات لهول المصاب، وعدم قدرتهن على الخروج، لكن الله معنا. الكل تسامى على جراحه لنقف من جديد، وقد تقاطرت علينا الأخوات من كل الاحساء للمساعدة».

مشهد العزاء كان مهيباً ومفجعاً، فالسواد يلف المكان والازدحام على أشدّه. في المخيم الكبير الذي نُصب لتعزية النساء، تجد نساء أهالي الضحايا جلسن في مكان مخصّص، كل عائلة كتب بجوارها اسم شهيدها، فتمر على كل زاوية لها قصة وغصة، لا نستطيع الوقوف طويلاً عند كل أسرة لأن المنظمات يسرّعن بالنسوة المعزيات حتى تستطيع الباقيات المرور إذ الصفوف طويلة تمتد إلى الشارع، فالنساء القادمات للعزاء لسن من منطقة الاحساء فحسب، بل من كل مناطق المملكة وبالخصوص الشرقية.

بدأ العزاء من الساعة الثالثة ظهراً والوفود النسائية القادمة تكون على شكل فِرَقٍ، كل فرقة بأعلامها السوداء، وتتقدمهن الناعية التي ما أن يأتي دور مجموعتها حتى تتقدّم الصفوف بالنعي لتزيد حرارة العزاء التهاباً، فتتساقط نساء الضحايا تأثراً.

الجميع هناك يبكي، ويصر على أن ما حدث كان كالحلم المرعب لا يدرون إلى متى يفوقون من ألمه، لكن من المؤكد أن نساء الدالوة ما بعد العاشر من محرم لسن مثل ما كُنّ قبله.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4452 - الجمعة 14 نوفمبر 2014م الموافق 21 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:49 ص

      الله

      الله يرحم موتانا وموت المؤمنين والمؤمنات ويرحم شهدائنا الابرار ويرحم شهداء الاحساء وصبر اهاليهم على هادى المحنه مكتوووب على الشيعة القتل لانهم يحبون وبنتمون الى محمد واله الطيبين عليهم افضل الصلاة والسلام والمشتكى لله

    • زائر 5 زائر 4 | 11:10 م

      تعزية لأهالي الدالوة .

      حسبنا الله ونعم الوكيل ، وهنيئاً لشهداء الدالوة المحبين لأهل البيت عليهم السلام هنيئاً لكل من شارك وقام بتأدية العزاء لأهل الشهداء .

    • زائر 3 | 1:46 ص

      الله يرحمهم

      الله يرحمهم ويحشرهم مه الحسين ع ويصبر اهاليهم

    • زائر 2 | 9:48 م

      أنا أقرأ المقال وأبكي

      حسبنا الله ونعم الوكيل على هالفكر الإرهابي جعلوا في قلوبنا جروح غائرة.

    • زائر 1 | 9:03 م

      يا منتقم

      آجركم الله أخت رمله والله يصبر أهالي الشهداء ولعن الله قاتليهم وانتقم منهم ، حادثة فجيعه اصابت الجميع بالذهول حسبنا الله ونعم الوكيل

اقرأ ايضاً