العدد 4458 - الخميس 20 نوفمبر 2014م الموافق 27 محرم 1436هـ

سلطنة عمان... والدور المرتقب

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يقال إن «الخلافات والحروب لا تلغي ثوابت الجغرافيا ومتغيرات التاريخ»، وسلطنة عمان الثابتة بجغرافيتها والمتغيرة بسياستها من العزلة إلى دبلوماسية الوساطة، تثير حولها الكثير من التساؤلات.

هي، كما يراها الكثير من العرب، تمثل تغريداً خارج السرب الخليجي، وهي اختارت طريقاً بعيداً عن كل التقسيمات أو التحالفات الضيقة لتحتفظ لنفسها بهامش للمناورة واللعب مع الكبار بهدوء صحاريها وعمق بحارها وثبات جبالها.

سَلْطَنَة عُمان دولة في غرب آسيا، وتقع جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، وتبلغ مساحتها حوالي 309،500 كيلومتر مربع، يحدها من الغرب السعودية، ومن الجنوب الغربي اليمن، ومن الشمال الغربي الإمارات العربية المتحدة، ولديها ساحل جنوبي مطل على بحر العرب وبحر عمان من الشمال الشرقي. عدد سكان السلطنة -حسب ما نشرته صحيفة «الاتحاد» الإماراتية في يناير 2014- قارب على كسر حاجز الـ 4 ملايين نسمة، تتوزع على 2,212,693 عمانياً بنسبة 56 %، و1,744,347 وافداً بنسبة 44%، وإن 50% من السكان يعيشون في العاصمة مسقط.

عمان التي اختارت العزلة السياسية بعد الخروج من عباءة السلطنة العثمانية في أوائل القرن العشرين، تحوّلت إلى دبلوماسية الوساطة في فارقة سياسية ملفتة وسط سياسي محافظ تقليدياً على طاعة الكبير إقليمياً. ولعبت عوامل عدة في جعل عمان تختار هذه العزلة مع النظام العربي، أولها المذهب الديني الذى يعتنقه العمانيون، وهو المذهب الأباضي، فهو مغاير لما هو منتشر في المنطقة؛ والامتداد البحري الواسع لعمان الذى جعل تاريخها مرتبطاً بالتنافس في مياه المحيط الهندي وشرق أفريقيا.

كما أن تأخر اكتشاف النفط فيها بالنسبة لدول الخليج العربي ساعد على عزلتها، لذا فإن خروج بريطانيا من شرق السويس وخلق نظام عربي تركزت نسبة القوة في القاهرة والرياض ودمشق وبغداد، أدركت عمان أن تنضم إلى هذا النظام، فمصيرها لم يعد مرتبطاً بالقوى المسيطرة على المحيط الهندي.

بداياتها كانت في العام 1976، حين دعا السلطان قابوس لعقد اجتماع فى مسقط لوزراء خارجية الدول الثمان المطلة على الخليج العربي (السعودية، إيران، العراق، الكويت، قطر، الإمارات، البحرين وسلطنة عمان)، يخصص لمناقشة قضايا الأمن الإقليمي. ورغم أن المحادثات لم تسفر عن اتفاق، لكن السلطنة من هذا الاجتماع، أرسلت رسالة بأن دورها لن يكون تبعاً، وأنها المنفذ الرئيسي للحوارات ودبلوماسية الوساطة بعيداً عن الأضواء. لذا أقامت علاقات سلمية مع إيران والعراق على السواء خلال الحرب الإيرانية العراقية بين العامين 1980 و1988، ثم لعبت دوراً حيوياً في الحوار غير المباشر بين مصر وإيران خلال فترة انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ العام 1979 وحتى استئناف هذه العلاقات في 1991، حيث ساهمت في إطلاق سراح البحارة والصيادين المصريين المحتجزين في طهران إبان الحرب العراقية الإيرانية.

ما فاجأ الخليج هو تصريح وزير خارجيتها يوسف بن علوى، في منتدى الأمن الإقليمي بمملكة البحرين وقبل أيام من انعقاد القمة الخليجية بالكويت في ديسمبر الماضي بشأن الاتحاد الخليجي، لقوله «لن نمنع الاتحاد لكن إذا حصل لن نكون جزءًا منه». لم يكن ذلك فحسب، بل إنها بدأت وكأنها بوابة الاتصالات السرية بين واشنطن وطهران، وهي إحدى مفاتيح الحل في الاتفاق النووي، فقد كسبت ثقة البيت الأبيض بعدما لعبت دوراً مهماً في عودة ثلاثة مواطِنين أميركيين إلى بلدهم فى العام 2010، بعدما احتجزتهم السلطات الإيرانية بتُهمة التجسس، وهذا سهل استضافة مسقط للمحادثات بين الأميركان والإيرانيين، وهو ما مهد لمؤتمر جنيف 2 الخاص بإيجاد تسوية للأزمة في سورية، وعادت الاتصالات المباشرة بين الطرفين مرة أخرى بوساطة عمانية، وهو مؤشر على دور مرتقب لسلطنة عمان تعد له أو يعد لها بعيداً عن الضجيج.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4458 - الخميس 20 نوفمبر 2014م الموافق 27 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 1:25 ص

      عمان و إيران

      يبدو أن بين عمان و إيران تحالف مع الأمريكان و بقية الأقليات في المنطقة

    • زائر 5 | 1:09 ص

      الإتحاد الخليجي

      الإتحاد الخليجي هو مطلب كل شرفاء الخليج

    • زائر 4 | 12:15 ص

      تحالف الأقليات

      قد تكون الظروف الإقليمية اليوم مناسبه لتموين تحالف الأقليات و لكن التاريخ دائماً يذكرنا بأن الأقليات تفشل في النهاية في قيادة الأمة لان قيادة الأمة لا تكون الا لاهلها و للغالبية الساحقة منها

    • زائر 3 | 11:55 م

      عمان عزلت نفسها بنفسها

      العكس تماما سلطنة عمان في عزلة تامه بين جميع الدول العربية والخليجية
      وليس لها شيئ يذكر سوا مع الدولة الصفوية فقط وهذا يضر كثيرا جدا با الشعب العماني بسياسة حكامها ويجب على عمان تغير سياستها الدبلماسية

    • زائر 2 | 9:44 م

      حفظ الله السلطنة وأطال الله في عمر قابوس

      يستحقون التقدير لن نقول دولة أفلاطونية لكن شواطئها مفتوحة وصحاريها ممدودة وملك الشعب وجمال طبيعتها لكل الشعب ومحبة الناس لسلطانهم كبيرة والاهم الحرية الدينية دون ان تتفاخر هي الاكبر والاوسع في عموم الخليج لا احد يتدخل في خصوصيات مذهب الاخر المثانة من قبل الجميع لذلك ترى العدالة هي المنتشرة ونقول لكم استفيدوا من تجارب السلطنة ربي يحفظها وسلطانها ويطيل بعمره ويختمون انجازهم بالاتفاق النووي الإيراني ياالله وفقهم

    • زائر 1 | 8:42 م

      مصدر قوة الحكم في عمان هي في مساندة الشعب للسلطان لحبهم له لكونه عادل ومنصف.

      لهذا فإنه لن يكون خانعا ولا تابعا لمن يريد أن يملي عليه سياسات تضر بالوطن والمواطنين.

اقرأ ايضاً