العدد 4611 - الأربعاء 22 أبريل 2015م الموافق 03 رجب 1436هـ

وقتكم ثمين... لكنني أثمن

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في اللقاء التربوي الذي أقامته مدرسة لؤلؤة الخليج العربي بعنوان «وقتكم ثمين لكنني أثمن»، بين أولياء الأمور وتلاميذ الصف السادس الابتدائي، بدا طفل الحادية عشرة ناضجاً حين تحدّث عن حاجته لوالديه، وعن حاجته للأسرة أكثر من حاجته للمال، وإن كان المال مهماً باعتباره مصدر كل ما يملك من ضروريات وكماليات.

كان الأطفال – الكبار- يناقشون غياب ذويهم المبرر الذي ما إن يتكرر ويزداد حتى يكون غير مبرر أو مقبول، يناقشون ضرورة حاجتهم للقناعة كي لا يضطر ذووهم للغياب كثيراً في العمل. والأجمل أن أحد الأطفال وقف مبرّراً بعض غياب والدته قائلاً: «حين تكون الأم وحيدةً بعد وفاة الأب يصبح بعض غيابها مبرّراً ومفهوماً فالمسئوليات عليها تزداد وتكبر أكثر من الأم التي تملك الشريك».

هذا الطفل جعل دمعتي تغلبني؛ ليس لأنني أعيش هذا الوضع، بل لأن هذا الطفل الصادق تحدّث عن والدته بهذا الشكل وهي غائبةٌ لأنه يعرف تماماً مسئوليتها تجاه البيت وتجاهه، ويعرف أن عليها أن تكون أماً وأباً، أن تكون حضناً ومعنّفاً، أن تكون قلباً وعقلاً، كي لا يهتز ركاز بيتها، وكي تستطيع المضي بأسرتها نحو بر الأمان.

أن يقف طفلٌ في الحادية عشرة من عمره؛ ليناقش والديه ومعلميه حول دوره ودور أبويه في الأسرة، وحول أهمية الوقت، واحتياجاته وحقوقه، فذلك يعني أنه بات قادراً على المشاركة في أمور الأسرة أيضاً، ولم يعد طفلا لا يفهم شيئاً، كما أجاب أحد التلاميذ حين طلبت منه معلمته أن ينقل وجهة نظره لوالديه فقال: «ما بيسمعوني؛ دايماً يقولون لي إنت جاهل ما تفهم»!

بين وجهة نظر بعض الآباء، وبين ما شاهدته بالأمس من عيّنة عشوائية من الأطفال بون شاسع؛ فهؤلاء الأطفال على قدرٍ من المعرفة بل والحكمة أيضاً، والتي تنم عن سلوك ذويهم معهم في المنزل وجلوسهم النافع معهم؛ إذ لا يمكن لطفلٍ أن يتمتع بهذه الثقة بنفسه ولا بهذه القدرة على التعبير عن نفسه ما لم يكن قادراً على فعل ذلك في أسرته وفي حضرة أبويه اللذين يشجّعانه على ذلك.

من خلال المناقشة، كان لسان حال هؤلاء التلاميذ يطلب من ذويهم أن يأخذوا بأيديهم، ويعطوهم من أوقاتهم ما يتناسب مع حاجة أعمارهم؛ فمهما كبروا، ومهما بدوا في أعين آبائهم قادرين على تحمّل الكثير، فإنهم بحاجةٍ للمسة حنان، وهو ما طالبوا بها كثيراً خلال اللقاء.

هم بحاجةٍ لقبلةٍ يطبعها آباؤهم على جباههم بكل حنان؛ ولوقتٍ يجلسون فيه معاً لمناقشة ما مرّ بهم من أحداث في المدرسة وخارجها. بحاجةٍ للعب مع ذويهم في المنزل وخارجه. هم بحاجةٍ للنصح والتعلم منهم قبل غيرهم، كيف يفكّر الكبير وكيف يكونون أكثر نضجاً.

مهما بدا الأبناء كباراً، فإن قامتهم لا تطول إلا بشعورهم بالفخر أن لهم والدين يهتمان بهم ويحاورانهم، ويكونان لهم عيناً وقلباً ولساناً حين يعجزون عن التعبير عن أنفسهم. ومهما بدوا واثقين من أنفسهم، فإن ثقتهم لا تكتمل إلا حين يجدونهما يقاسمانهم لحظات النجاح.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4611 - الأربعاء 22 أبريل 2015م الموافق 03 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:47 م

      كلام سليم

      اعجبني مقالك جدا بحيث اتمنى ان يتحقق لاطفال المدارس اجميعا ليكون اللقاء الاسري ناجح وحوار حر
      كذلك لتنبيه مسئوليي مملكتنا بزيادة رواتب الخاص مع تقليل وقت العمل ليكون لالولاد حقهم

اقرأ ايضاً