العدد 4618 - الأربعاء 29 أبريل 2015م الموافق 10 رجب 1436هـ

الأوقاف الجعفرية بين مشاريع ورقية وإجراءات عملية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

الإجراءات الجديدة التي فرضتها إدارة الأوقاف الجعفرية على المساجد والمآتم، والتي قد تقول أنها نفذتها ليكون عملها وفق القانون وليس لإحكام الهيمنة على كل شئونها، أثارت خطواتها وقراراتها وإجراءاتها المستحدثة ردود أفعال سلبية في أوساط المجتمع ولدى الكثيرين من إدارات المآتم والقيّمين على المساجد، واعتبروها مجحفة ووسيلة للتضييق على المؤسسات الدينية من دون مبررات واضحة. وفرض بعض هذه الإجراءات أثار الدهشة والاستغراب لدى الكثيرين، مثل إلزام القيّمين بوضع الكتب والدورات في المساجد، التي أنفقت الأوقاف على طباعتها آلاف الدنانير، وإصرار الإدارة على استبدال سجاد المساجد بآخر جديد له مواصفات خاصة، حددتها الإدارة مسبقاً، ولم تقبل من محسنٍ تبرّع بسجاد لأحد المساجد.

إن الأوقاف مسئولة عن رعاية وإدارة أوقاف المآتم والمساجد مالياً وتعميرياً واستثمارياً، والقيام بدورها الشرعي والقانوني في توثيق أوقافها وعدم إهمالها أو التصرف بها بعيداً عن الأحكام الشرعية، وأن لا تتصرف في أموالها إلا في الاتجاهات الصحيحة التي لا يشتبه في شرعيتها ولو بنسبة متدنية، والابتعاد عن هدر فلس واحد في أمور ليس لها علاقة من بعيد أو قريب بمصالحها الدينية المعتمدة. والإدارة لا شك تعلم عدد الأوقاف التي تعاني من التقصير في تحصيل مستحقاتها المالية، فلا تجديد لبعض عقود الإيجارات ولا تحصيل منتظماً للأموال بالصورة الصحيحة، كل ذلك بسبب التخبط في إدارتها، رغم أنها تستقطع من قيمة استثمارها نسبة 10 في المئة، مقابل رعايتها واستثمارها للأوقاف.

في 28 أغسطس/ آب 2013، تحدّث رئيس مجلس الإدارة بعد تسلمه منصبه مطولاً، عن رغبته القيام بحركة تصحيحية جادة ونقلة نوعية حضارية لهذه الإدارة، وطالب أعضاء الإدارة مؤازرته لتدشين عهد جديد للإدارة عبر إصلاح جذري، والانتقال بها كما قال، من حالة الاحتضار إلى مرحلة قمة النشاط والهمة والعزيمة وإنجاز ما لم يتحقق إنجازه على يد المجالس السابقة منذ تأسيس الإدارة. ووعد بإنجاز مشاريع كبيرة جدا في المستقبل، وقال إن بإمكاننا أن نعمل الكثير ونقدّم الكثير لهذا الوطن وهذه الطائفة المغلوبة على أمرها.

وقد أعلن عن أهم ما يتطلع إلى تحقيقه في رؤية خطته القادمة للعمل، عبر إطلاق حزمةٍ من المشاريع ضمن استراتيجية طويلة الأمد، ستتفرع عنها مشاريع أخرى وأخرى ستغيّر واقع الطائفة بكاملها، وستسهم في تحقيق المزيد من الإنجازات. وقد وعد بالقضاء على الفساد الإداري الذي نخر الإدارة على امتداد سنوات طويلة وتطبيق نظام الحوكمة، والقيام بتغيير شامل في سياسة إشراف الأوقاف على دور العبادة ورعايتها، وإعداد أول مدونة فقهية شاملة لأحكام الوقف لتكون المرجع الفقهي للإدارة في كل أمورها الشرعية. وإعادة بناء وإعمار جميع المساجد التي بنيت بشكل غير لائق بهندسة معمارية إسلامية خلابة تليق بشأنها، والعمل على إنشاء ميادين في قلب العاصمة المنامة للتطوير الحضري وتسهيل انسيابية مواكب إحياء الشعائر الدينية في المواسم الخاصة بالتعاون مع الجهات المعنية، وتبني المشاريع الفقهية الخيرية العامة التي تسهم في تطوير البنية التحتية للدولة وتسهم في رفاهية المواطنين، وإنشاء منظومة للأوقاف الخيرية لدعم نشاطات العمل الخيري الذي تقوم به الجمعيات الخيرية يتاح من خلال إشراف أصحابها على كل حركة إدارتها وعوائدها، والتمكين من صرفها حسب رغبتهم خدمةً لأبناء مجتمعهم، وتبني مشاريع السياحة الدينية التي ستسهم في جلب ما بين مليون إلى مليوني سائح من دول الجوار سنوياً، وتبني سياسات اقتصادية تسهم في مضاعفة عوائد دخل الموقوفات وتزيد من دخل الكثير منها لأكثر من عشرة أضعاف، الأمر الذي سينعكس على إثراء الجهات الموقوفة عليها وتمكينها من الارتقاء بأنشطتها وفعاليتها الدينية والثقافية والاجتماعية، وإنشاء معهد للخطباء وأئمة المساجد لترشيد وتطوير الخطاب الديني الوسطي، وإشاعة مظاهر الألفة والأخوة الإيمانية بين أبناء وطننا، وإنشاء حوزة دينية نموذجية لتخريج الدعاة الوسطيين والمرشدين التربويين والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لتكثيف المحاضرات الدينية التربوية في المدارس الحكومية، للإسهام بخلق وعي عصري بقيم الدين ومبادئه السامية، وإنشاء قسم لإحياء التراث العلمي لعلماء البحرين والعمل على إحياء مدرسة البحرين الفقهية وإرجاعها كسابق عهدها شامخة راسخة في قبال الحواضر العلمية المعروفة في دول الجوار.

الآن وبعد مرور أكثر من 19 شهرا على تشكيل الإدارة الجديدة وإعلان رئيسها تلك الحزمة من المشاريع، أليس من حق الناس أن يسألوها كم من الرغبات والأمنيات والآمال التي أعلن عنها رئيسها قد تحققت فعلاً؟ وهل إخفاقاتها في تنفيذ مشاريعها جعلها تذهب لإصدار قرارات وتنفيذ إجراءات ليس لها علاقة بمشاريعها الكبيرة التي أعلنت عنها؟ أليس من حق الناس أن تسألها عن مشروع بناء مسجد ومركز الشيخ عزيز الإسلامي في منطقة السهلة، الذي قالت إنه سيشكل تحفة إسلامية معمارية، وأعلن رئيس مجلس الأوقاف أن من المؤمل أن يكون المشروع «من أبرز المعالم الدينية والمعمارية المميزة في البحرين، وسيضم جسراً يربط بين مسجدي الشيخ عزيز والشيخ عيسى، وسيقام في حدودهما الأصلية، وسينفذ على مساحة إجمالية تبلغ 5327 متراً». وأن مشروع مسجد ومركز الشيخ عزيز الإسلامي سيكون من خمسة أدوار، ويتسع إلى 2300 مصلٍ، وسيقتصر الطابق الأرضي على المزار لقراءة الفاتحة، حيث سيشرف على حديقة واستراحة للزوار، فيما يحتوي الطابق الأول من الجسر على مواقف للسيارات يتسع لـ 40 سيارة، ويضم الطابق الثاني سوقاً تتسع لـ 23 محلاً تجارياً فيما الطابق الثالث سيكون المصلى الأصلي للرجال وسيخصص الطابق الرابع لمصلى النساء»، كما يضم مكتبتين إسلاميتين وقاعتين للمطالعة والقراءة وتدريس علوم القرآن الكريم، وأضاف: «هذا المشروع تم فيه مراعاة إبعاد جميع الإشكالات التي طرحت سابقاً». وأشار أيضاً إلى الحساب الخاص بالمسجد الذي يضم في ذلك الوقت 700 ألف دينار، الذي سيكون رافداً مالياً لإقامة المشروع.

والنتيجة العملية؟ تحوّل المشروع الكبير إلى مشروع صغير جداً، عبارة عن مظلات أشبه بالخيام، وذهبت الأحلام الوردية والرسومات الهندسية للمشروع مع الريح، فهل تحّول الـ 12 مشروعاً نظرياً إلى إجراءات وقرارات عملية وديكورات جديدة للمكاتب وطباعة كتب خاصة وسجاد وتعليمات إدارية توزع على المساجد؟ وما هي مبررات الأوقاف التي جعلتها تتجاهل المشاريع التي أعلنت عنها وتذهب إلى اتخاذ قرارات وإجراءات تسببت بحدوث ردود أفعال مجتمعية سلبية؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4618 - الأربعاء 29 أبريل 2015م الموافق 10 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:01 ص

      هادى

      هادى الاوقاف خاصة للمذهب الجعفرقيه وهم العلماء فقط الي يصرفوون فيها ولا يخص الحكومة التدخل فيها فى كل البلدان يعمل على هاده المنوال وهنا الجكومة اخدت الاموال والاوقاف وسيطرت عليها وهاده ليس حقها ان تفعل ماتشاء فهمتون ياحكومة

    • زائر 5 | 4:31 ص

      جبرة الشيخ عزيز

      هل تعلم أن جبرة الشيخ عزيز كلفت اوقاف المسجد 50 الف دينار؟!!!

    • زائر 4 | 1:16 ص

      القول غير والفعل غير

      اسراف الاموال في خيمة وحاجز من خشب مؤقت بفلوس كثيرة وديكور وزخرفة وحديد ستانلس ستيل باهض الثمن لا داعي ليه الوهر بناء المسجد وليس تزينة وتبدير اموالة

    • زائر 3 | 12:22 ص

      أحلام واهية

      المشاريع التي ذكرتها هي مجرد أحلام واهية ... وهي من دون فائدة أصلاً، ناهيك عن أن المبالغ التي صرفت ومازالت تصرف كبيرة جداً وهي خيالية وقد تصل لما هو أكثر من قيمة البناء الجديد للمسجد.
      ستكون هناك ردود في الموضوع من قبل الطاقم الإعلامي المخصص لمثل هذه المواضيع للرد عليها لتبرير وتزيين المشروع الذي لايسمن ولا يغني من جوع

    • زائر 2 | 12:03 ص

      المشكلة في الأوقاف نفسها

      ليس هناك رقابة على المال العام و مال الأوقاف بشكل خاص فَلَو كانت هناك رقابة على الأوقاف لرأيتم أن أدائها أفضل

    • زائر 1 | 10:59 م

      زائر

      احلام تبخرت مع الرياح ولا مشاريع ولا نقله نوعيه كما وعد رئيس الأوقاف

اقرأ ايضاً